السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

حلم «الكرك» (1-2)

في الآونة الأخيرة فقط تعلمت صنع الحليب بالشاي، أو بمصطلح آخر (كرك)، وتعلمت الإضافات السرية عدا المواد التي يعلمها الآخرون، ولا تتحمسوا أو تنتظروا الوصفة، الرجاء سؤال شخص آخر، فأنا لا أوزع وصفات، وبالتأكيد قد أفكر في بيع الوصفة لقاء ربح مادي، وأصبح من سيدات الأعمال، أو في سيناريو آخر ربما أفتتح كشكاً صغيراً قد ينمو ليصبح في كل منحنى طريق، فأنا بكل طموحي أريد أن أكون غنية ولكن شرط ألا أفارق أريكة منزلي المريحة. تماماً كالكثير من الأحلام تبخر حلم الكرك، مجرد حلم مرّ مرور الكرام بين خلايا دماغي، ليودعني ويخرج من خلال فتحة أذني بينما أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، رغبة في البحث عما أريد إرساله على برنامج واتساب الذي وصلت عن طريق الصدفة من خلاله صورة أريد وضعها في برنامج إنستغرام الذي وجدت من خلاله مقطعاً شعرياً أريد وضعه على سناب شات، وها هي دقائق حياتي تمر بين طائر أزرق وشبح أصفر وتلفزيون بني وسماعة خضراء. وبين الحين والآخر، تمر أحلامي وأحتفل بيوم ميلادي لينقضي سريعاً ويأتي غيره، وهكذا حتى أصبحت بلا حلم، بلا ذاكرة، فلا هوية ولا علاقات اجتماعية ولا فائدة أو معلومة جديدة منذ تخرجت من الجامعة سوى آلام في الرقبة وضعف نظر وهوس بأن تفرغ بطارية هاتفي. كم تصيبني قشعريرة عندما أتخيل نفسي عجوزاً بجانب فنجان قهوة، ولكن ليس هنالك ما أحكيه سوى أني حصدت متابعين وكميات «لايك»، وشهدت ولادة التواصل الاجتماعي الذي سلبني الاستمتاع بالكثير من التفاصيل الصغيرة، وسرق مني أجمل اللحظات والرحلات التي كان من الممتع أن أعيشها بدلاً عن تصويرها واللعب بالفلاتر حتى تصبح لقطاتي جميلة وتحصد مشاهدات. طبعاً لن أجد من يستمع لخرافاتي، ولن أستطيع أن أنكب على هاتفي كما كنت أفعل بسبب نظري الضعيف، وربما سأبحث عن طريقة تكبّر لي شاشة الهاتف، لتمر السنوات، وكم أخاف أن أقول ستضيع السنوات.