الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

المرأة في الحرب

في الحرب، حتى الموت يأتي على هيئة أخرى، غير الذي اعتادوا عليه، فالموت يكون حاضراً، هذا ما لا بدّ منه، غير أنه أيضاً يغدو دافعاً لمن يشهد أهوالاً فظيعة من الدمار والخراب الروحي والجسدي، لا سيما المرأة، حيث تضيق أمامها خيارات النجاة، مم تنجو؟ من الجوع؟ من المدافع وطلقات الرصاص؟ أو من رجال مصرين على تحطيمها بأبشع الإمكانات المتاحة في زمن القاذفات؟ تجد نفسها تقدم قرابينها، تقدم نفسها مقابل حفنة من الخبز، الجوع الذي ينهش جسدها، الجسد المهلك الهالك مقابل قطعة خبز، هي الضحية والمضحية، تجد أنها في كل الأحوال لا تملك نفسها، ما هي سوى شيء مشاع، قابل لكل عمليات التدوير، متنقلة كملكية، لا تملك ذاتها لكنها تُمتلك، لا قرار لها في كل التسويات، شاءت أم أبت عليها أن تكون الوليمة، بمقابل أو بلا مقابل، لذا لم يجدن أمامهن سوى أن يقبلن بكل عروض التسوية، يقبلن رغماً عنهن حالات الانتهاك طوال موسم الحرب. تنتهي الحرب ولا تنتهي حربها الأبدية النفسية الجسدية، حالات الضياع والتيه والخراب، تظل سيرتها مثقوبة، مشّوهة، لصيق جلدها كعاهة مستديمة، تظل متهمة ومنبوذة، ملغاة من الحياة، كامرأة خرساء تحيا طوال عمرها خشية الفضيحة والافتضاح، سوى المرأة الجسورة التي تنبّه العالم الخامد بصراخها كحرّة.