السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

في الطريق إلى الفرد والمجتمع

إذا وضعنا في الحسبان أن لكل شيء على وجه الأرض تاريخاً، لا يعود التاريخ حكراً على مخلوق دون غيره. فيصبح أي كيان مجتمعي إذاً «رأياً» حاضراً بدأه فرد مؤثر فيه في زمن معين. ويكوّن الأفراد معاً جماعات تتحد شيئاً فشيئاً لتملأ المساحة الفعلية لهذا الكيان. وأثناء الاتحاد يندمج الفرد بعقلية الجماعة، ويكون الهدف الأسمى له الوصول بالكل للحلول التي اتفُق عليها. وقد تشمل عملية تكوين رأي الفرد العادي ضمن الكيان المجتمعي الصغير، أو تتجاوزه مؤقتاً أو تتجاهله كلياً. على اعتبار أن هذا الكيان يتحدث بصوت الجماعة، في حين تتخذ قراراتها عبر عدد محدود من ذوي الحكمة والبصيرة. وحين يقف ذلك الرأي شامخاً على قدميه، لا يعود النظر في تقاسيمه مهماً كأهمية المحافظة على استمراره واقفاً. بالتالي الفرد مهم أثناء تكوين الرأي الموحد، سواء تحدث أم التزم الصمت علامة للرضا. لكن في طريق عودته للمنزل يعود الفرد فرداً بهمومه اليومية الصغيرة، وخططه لما هو مقبل. في هذا الوقت غير المحسوب بنظر هذا الكيان المجتمعي، ما هو مصير الفرد العادي فيه؟ يفضل الكيان المجتمعي التركيز على كيانه ككل أمام الكيانات الأخرى. فالقمم التي يبلغها هذا الكيان، ويركز أعلامه عليها هي محور أحاديثهم التي تتقاسمها المجالس والقصائد وفناجين القهوة الشقراء أو السمراء. وفي سبيل أن يكون ذلك الكيان الهائل ذا خطى ثابتة، عليه أن يلتفت لمن يحتويهم فرداً فرداً، خصوصاً أولئك الذين لم ولن يكونوا ضمن صناع القرار فيها. فأي كيان مجتمعي بحاجة لأن يُفسح مجال أكبر للديمقراطية، ولأن تعالج العقبات المتكررة أمام أفراده، ولأن تفتح نوافذ للمستقبل لمن يبدو الطريق بالنسبة لهم بلا ملامح واضحة بعد. بالتالي يكون الدعم هنا من الفرد للكل، مماثلاً للدعم من الكل للفرد. تقول لويز هاي «أنا لا أحل المشاكل، لكنني أغيّر من طريقة تفكيري فتحل المشاكل نفسها». الرأي يبقى رأياً، وحين لا يخدم ذلك الرأي نقطة معينة نقف عندها، يكون قد آن أوان لتغيير طريقة تفكيرنا تجاه موضوع محدد. فالتاريخ تاريخ، والحاضر سيكون تاريخاً هو أيضاً. وشتان بين من ينقل التاريخ فقط، وبين من يضيف إليه سطوراً ذات قيمة.