2018-06-02
تحتفل دولة الإمارات غداً بيوم زايد للعمل الإنساني الذي يصادف 19 رمضان من كل عام الموافق لذكرى رحيل مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وتشهد الاحتفالات هذا العام إطلاق المزيد من المبادرات الإنسانية والخيرية الحيوية والنوعية من خلال الآلاف من الفعاليات الحكومية والمجتمعية التي تنظمها المؤسسات العامة والخاصة والأهلية.
واقترن اسم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، على الدوام بالعطاء وتقديم العون لكل محتاج في أي منطقة بالعالم.
وأصبحت الإمارات في عهده من أهم الدول المساهمة في العمل الإنساني والإغاثي على مستوى العالم، وها هي اليوم بفضل إرثه تحتل وللسنة الخامسة على التوالي المركز الأول عالمياً كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية.
ويكتسب العمل الإنساني في مسيرة القائد المؤسس تميزه وريادته من عدة سمات، الأولى أنه عمل مؤسسي يقوم على النهوض به عدد من المؤسسات والهيئات العاملة في الدولة، والثانية شموليته وعمومتيه، حيث لا يقتصر فقط على تقديم المساعدات المادية وإنما يمتد أيضاً إلى التحرك إلى مناطق الأزمات الإنسانية والتفاعل المباشر مع مشكلاتها، أما الثالثة فهي أنه يمثل بعداً مهماً من أبعاد السياسة الخارجية للدولة، ورابعاً أنه يتوجه إلى كل البشر أينما وجدوا من دون النظر إلى دينهم أو عرقهم.
واستحوذت القضايا الإنسانية والخيرية على مكانة متقدمة في فكر واهتمام الشيخ زايد سواء كان داخل البلاد أم خارجها.
وبلغ حجم المساعدات التي قدمتها دولة الإمارات بتوجيهات منه، طيب الله ثراه، في شكل منح وقروض ومعونات شملت معظم دول العالم أكثر من 98 مليار درهم حتى أواخر عام 2000.
فلسطين
يعتبر مشروع ضاحية الشيخ زايد في القدس الذي كلف نحو 15 مليون درهم واحداً من أبرز المشاريع التي وجّه، رحمه الله، بتنفيذها في فلسطين، إلى جانب مشاريع أخرى منها إعمار مخيم جنين الذي تكلف إنشاؤه نحو 100 مليون درهم، وبناء مدينة الشيخ زايد في غزة بتكلفة بلغت نحو 220 مليون درهم، ومدينة الشيخ خليفة في رفح، والحي الإماراتي في خان يونس، إضافة إلى عدد من المستشفيات والمدارس والمراكز الصحية ومراكز المعاقين التي انتشرت في القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية في غزة والضفة الغربية.
الخليج في القلب
ترأس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في عام 1981 قمة الإعلان عن ميلاد مجلس التعاون الخليجي من دول الخليج العربية الست، وقدّم صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي العربي قرضين لدولة البحرين بقيمة 160 مليون درهم لتمويل المشروعات الكهربائية والصناعية.
وقرر سموه عام 1972 مساعدة اليمن بإنشاء إذاعة صنعاء، وفي عام 1974 قدّم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مبلغاً إضافياً قدره مليون و710 آلاف دولار لتكملة مشروع الإذاعة والتلفزيون في اليمن.
وبتوجيهات منه، رحمه الله، قدمت دولة الإمارات مساعدة عاجلة قدرها ثلاثة ملايين دولار لتخفيف آثار الفيضانات والسيول التي اجتاحت جمهورية اليمن في تسعينات القرن الماضي.
أثر طيب في مصر
ترك المغفور له الشيخ زايد أثراً طيباً في مصر، حيث تعددت على ضفاف النيل مشاريع كثيرة منها بناء عدد من المدن السكنية السياحية، واستصلاح عشرات الآلاف من الأراضي الزراعية، وإقامة عدد من القرى السياحية، وتقديم الدعم المادي للمراكز والمستشفيات الطبية.
وتكفل، طيب الله ثراه، بعد حرب أكتوبر عام 1973 بمساعدة مصر على إعادة إعمار مدن قناة السويس (السويس، الإسماعيلية، بور سعيد) التي دُمرت في العدوان الإسرائيلي عليها عام 1967.
وتبرع، رحمه الله، عام 1990 خلال مشاركته في الاحتفال التاريخي العالمي الذي أقيم في أسوان بجمهورية مصر العربية بمبلغ 20 مليون دولار لإحياء مكتبة الإسكندرية القديمة.
المغرب
أراد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أن تتجاوز العلاقات بين الإمارات والمغرب حدود المألوف فكانت مبادراته المتتالية التي مثلت الدافع القوي لكي تنهض هناك عشرات المشاريع الشامخة أمام الأعين وهي تحمل اسم «زايد».
ومن بين هذه المشاريع مؤسسة الشيخ زايد العلاجية وتطوير مركز مريم الخاص برعاية الطفولة وإنشاء وحدات سكنية متكاملة.
وقدّم صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي العربي في عام 1976 قرضاً بقيمة 40 مليون درهم لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بالمملكة المغربية.
السودان
شكلت مساعدات ومكارم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى السودان أبرز ملامح العطاءات الخيرية، حيث تبرع، رحمه الله، بإنشاء كلية الطب ومستشفى ناصر في مدينة ود مدني السودانية بمبلغ ثلاثة ملايين دولار أمريكي لحل مشكلة العطش في السودان.
كما قدّم صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي العربي قرضاً بقيمة 5.16 مليون درهم لمشروع التنمية الريفية في منطقة دارفور بغرب السودان.
ووصلت في عام 1999 إلى الخرطوم طائرة الإغاثة الثانية لمساعدة المتضررين من الفيضانات التي اجتاحت ولاية دنقلا السودانية، وعلى متنها 40 طناً من المساعدات الغذائية.
إعمار لبنان ودعم سوريا
واهتم الشيخ زايد بمساعدة دول مثل لبنان عبر مبادرته بنزع الألغام التي خلفها الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب على نفقته الخاصة، وكذلك اهتم بأن تقوم الإمارات بدور فاعل في عملية إعادة بناء لبنان بعد الحرب، فقدمت الدولة المساعدات المالية والهبات والقروض للمشاريع الحيوية والتنموية.
ونالت سوريا في عهد الشيخ زايد قسطاً وفيراً من الدعم والمشاريع الخيرية والتنموية، حيث وقّع صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي العربي في دمشق ثلاث اتفاقيات مع سوريا لتمويل ثلاثة مشاريع صناعية بقيمة 911 مليون درهم.
باكستان
في باكستان تقف مدن كراتشي ولاهور وبيشاور شامخة مزهوة بالمراكز الإسلامية الثلاثة التي أقامها الشيخ زايد لنشر الثقافة الإسلامية والعربية بين أبناء باكستان، إضافة إلى تمهيد وتوسيع الطريق الجبلي من مدينة خاران وبناء مسجد دالي وحفر آبار المياه وبناء المساجد والمدارس والمساكن.
وتبرع، طيب الله ثراه، في عام 1982، بمبلغ 500 ألف دولار لمشروع مبنى الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة في كراتشي، كما وجه بتقديم المساعدات الطبية والمنح الدراسية والمساعدات العاجلة لضحايا الزلازل والفيضانات.
مساعدات دولية
لم تتوقف المشاريع الخيرية الإماراتية في عهد الشيخ زايد على العالم العربي والإسلامي، بل شملت حتى دول العالم المتقدم، ففي عام 1992 تبرعت دولة الإمارات بخمسة ملايين دولار لصندوق إغاثة الكوارث الأمريكي لمساعدة منكوبي وضحايا إعصار اندرو الذي ضرب ولاية فلوريدا الأمريكية.
ويسجل التاريخ مواقف مشرفة للشيخ زايد في نصرة ودعم شعب البوسنة والهرسك خلال تعرضه لأبشع جرائم الحرب في تسعينات القرن الماضي، حيث وجّه في 26 أبريل 1993 بتقديم مبلغ 10 ملايين دولار لإغاثتهم من الأوضاع المأساوية التي يمرون بها.
كما أمر، رحمه الله، بإرسال عدد من شحنات الإغاثة من المواد الغذائية والطبية إلى البوسنة، ووجّه باستقبال أفواج من الجرحى لعلاجهم بمستشفيات الدولة، وتكفل بإقامة العشرات من العائلات في شقق مجهزة بالكامل وتوفير فرص العمل لهم.
وفي مايو 1990 تم التوقيع على الاتفاق لإقامة مطبعة إسلامية في العاصمة الصينية بكين بمنحة من الشيخ زايد لدعم أنشطة المسلمين الصينيين ونشر الدعوة الإسلامية بتكلفة 3.1 مليون درهم، كما تبرع بنصف مليون دولار لدعم جمعية الصداقة بين الإمارات والصين.
وفي عام 1999 وبتوجيهات من الشيخ زايد، رحمه الله، غادرت مطار أبوظبي طائرة إغاثة متوجهة إلى اليونان لمساعدة المتضررين من الزلزال الذي ضرب مناطق واسعة من البلاد.
وبدأ الهلال الأحمر الإماراتي عام 2000، بتوجيهات منه، رحمه الله، توزيع الأضاحي في جمهورية أنجوشيا على النازحين الشيشان، كما قدّمت مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية 145 طناً من المساعدات الغذائية للمتضررين من المجاعة التي اجتاحت منطقة القرن الأفريقي.
وقرر مجلس الوزراء تقديم مساعدة عاجلة بقيمة 100 ألف دولار لمنكوبي الزلزال الذي ضرب غواتيمالا.
المنظمات العالمية
واستحوذ دعم المنظمات الدولية والإسلامية على حيز مهم من جهود الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فبعد قيام الاتحاد تبرع بمبلغ 50 ألف دولار لدعم أنشطة منظمة اليونيسيف في برامجها الهادفة لمساعدة الطفولة.
وتبرعت دولة الإمارات بمبلغ قدره 424 ألف دولار لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، و100 ألف دولار لصندوق رعاية الطفولة (اليونيسيف)، و54 ألف دولار لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
وأعلن، رحمه الله، زيادة رأس مال صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي بمقدار أربعة أضعاف ليصل إلى 500 مليون دولار.
وقدّمت دولة الإمارات، عام 1974، دفعة مالية جديدة للبنك الإسلامي للتنمية بلغت 10 ملايين دينار إسلامي ليرتفع مجموع مساهمات الدولة في البنك إلى 110 ملايين دينار، كما قدمت قرضاً من دون فوائد إلى منظمة اليونسكو تبلغ قيمته 2.4 مليون دولار.
ومنح صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي العربي عام 1982 قرضاً لمنظمة دول حوض نهر السنغال قيمته 259 مليون درهم.
أوسمة
حصل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على أوسمة ونياشين من مختلف دول العام تقدير لما قدمه من خدمات جليلة للإنسانية.
ومنحت المنظمة الدولية للأجانب في جنيف عام 1985 «الوثيقة الذهبية» للشيخ زايد باعتباره أهم شخصية لعام 1985 لدور سموه البارز في مساعدة المغتربين على أرض بلاده وخارجها في المجالات الإنسانية والحضارية والمالية.
كما اختارت هيئة (رجل العام) في باريس عام 1988 الشيخ زايد تقديراً لقيادته الحكيمة والفعالة ونجاح سموه المتميز في تحقيق الرفاهية لشعب دولة الإمارات وتنمية بلاده أرضاً وإنساناً، وجعلها دولة متطورة متقدمة.
ومنحت جامعة الدول العربية عام 1993 وشاح رجل الإنماء والتنمية للشيخ زايد.
وقدمت جمعية المؤرخين المغاربة عام 1995 للشيخ زايد بن سلطان الوسام الذهبي للتاريخ العربي تقديراً منها لجهوده، رحمه الله، في خدمة العروبة والإسلام واعترافاً بأياديه البيضاء على العلماء واعتزازاً بشغفه بعلم التاريخ والدراسات التاريخية.
واختير الشيخ زايد عام 1995 «الشخصية الإنمائية لعام 1995» على مستوى العالم من خلال الاستطلاع الذي أجراه مركز الشرق الأوسط للبحوث والدراسات الإعلامية في جدة، وشارك فيه أكثر من نصف مليون عربي.
وأهدت منظمة العمل العربية عام 1996 درع العمل للشيخ زايد تقديراً من المنظمة للدور الرائد له، طيب الله ثراه، في دعم العمل العربي المشترك.
جهات مانحة
يحسب للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، سعيه إلى استحداث أطر قانونية وتنظيمية تضمن تحويل الخير من منظومة قيمية إلى منظومة مؤسسية متكاملة تتبناها الجهات الحكومية والخاصة.
وتشمل الجهات المانحة الحكومية في دولة الإمارات اليوم عدداً كبيراً من المؤسسات وفي مقدمتها مجلس الوزراء، ووزارات الداخلية، وشؤون الرئاسة والخارجية والتعاون الدولي، والقوات المسلحة، ودائرة المالية ـ أبوظبي والقيادة العامة لشرطة أبوظبي والقيادة العامة لشرطة دبي، والمشروع الإماراتي لدعم وإعادة إعمار لبنان، إضافة للمؤسسات الخيرية، ومن بينها مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية ومؤسسة خليفة بن زايد الخيرية ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية وصندوق أبوظبي للتنمية وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي.
مبادرات إنسانية
وينظر العالم اليوم إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بوصفهم من روّاد العمل الإنساني ليس على المستوى الإقليمي فقط وإنَّما على المستوى العالمي أيضاً بما يرتبط بهم من مبادرات إنسانية غير مسبوقة من حيث مضمونها وأهدافها ومداها الجغرافي والنتائج الكبيرة التي حققتها.
وأطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة في ظل هذه القيادة الرشيدة عدداً من المبادرات الإنسانية النبيلة التي شكلت نماذج مضيئة في سماء العمل الإنساني الدولي، ومثلت مصادر إلهام يستمد منها الآخرون أفكاراً يستطيعون من خلالها الإسهام في دعم العمل الإنساني.
ويعتبر المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان، الذي انطلق في 12 يناير عام 2011 بتوجيهات من صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، نموذجاً متميزاً للمبادرات الإنسانية، حيث بلغت التكلفة الإجمالية للمشاريع التنموية والإغاثية التي نفذها المشروع خلال الأعوام الماضية في مرحلتيه الأولى والثانية 365 مليوناً و663 ألف دولار أمريكي.
وأطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في يونيو عام 2014 مبادرة «سقيا الإمارات» لتوفير مياه الشرب لخمسة ملايين شخص حول العالم، حيث حققت المبادرة نجاحاً مبهراً وجمعت 180 مليون درهم في 18 يوماً كانت كافية لسقيا أكثر من سبعة ملايين نسمة حول العالم.
وشجع نجاح المبادرة على تحويلها إلى عمل مؤسسي يعمل وفق رؤية واضحة ويضمن تحقيق الأهداف المرجوة منه فجاء الإعلان عن إنشاء «مؤسسة سقيا الإمارات» بتاريخ 3 فبراير 2015 كمؤسسة عامة غير ربحية تندرج تحت مظلة «مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، وتعمل بصورة رئيسة في بحث وإيجاد حلول لمشاكل شح المياه.
ومن بين المبادرات الإنسانية الرائدة والعالمية الكثيرة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في المجال الإنساني تبرز مبادرة سموه لمعالجة شلل الأطفال في العالم في عام 2011 التي تضمنت إبرام شراكة استراتيجية مع «مؤسسة بيل ومليندا غيتس» تم بموجبها تقديم مبلغ قدره 130 مليون دولار أمريكي لدعم الجهود العالمية لاستئصال هذا المرض الخطر مع التركيز بشكل خاص على باكستان وأفغانستان.