2018-10-04
استعرض تربويون ومعلمون في يومهم العالمي هموم مهنتهم التي باتت تعاني تراجع الهيبة وهجرة أبنائها لمحاربها يوماً بعد يوم، حسبما ذكروا.
ولأن للمعلم الدور المحوري الأول في تشكيل الوجدان وصناعة الأجيال القادرة على تحمّل مسؤولياتها في مختلف الميادين مستقبلاً، استمعت «الرؤية» إلى قضايا هؤلاء المعلمين لطرحها وإيجاد الحلول الناجعة لها من جانب صانعي القرار في وزارة التربية والتعليم.
* وليد فيصل: مهنة التدريس باتت بلا مستقبل
ذكر وليد فيصل، معلم سابق، أنه فضّل ترك مهنة التدريس والعمل في قطاع التقنيات بسبب قلة الراتب والحوافز من جهة وتراجع هيبة المعلم من جهة |أخرى، مؤكداً أن مهنة التدريس باتت بلا مستقبل يدفع الطموحين للعمل بها.
وأكد أنه لم يفضل يوماً العمل في الدروس الخصوصية التي يعلم تماماً أنها من أهم أسباب تراجع هيبة المعلم، فضلاً عن ضررها البالغ على الطالب والعملية التعليمية برمتها.
ولفت إلى أهمية العمل على توفير المناخ الملائم للمعلم حتى يؤدي رسالته على النحو المطلوب، داعياً الى تضافر الجهود المعنية كافة للنهوض بمستوى المعلم الذي يمثل النواة الأولى لعمليات الإصلاح المنشودة في أي مجتمع.
ودعا إلى ربط رواتب المعلمين في المدارس الخاصة داخل الدولة بالرسوم المدرسية التي تحصلها إدارات تلك المدارس من الطلبة، مؤكداً أنه لا يعقل أن تصل رواتب بعض المعلمين في تلك المدارس إلى نحو ثلاثة آلاف درهم.
وأوضح أن حجم تلك الرواتب يمثل اتفاقاً ضمنياً غير معلن بين إدارة المدرسة والمعلم على العمل في الدروس الخصوصية، تحت مرأى ومسمع وزارة التربية والتعليم.
وتمنى أن يتطرق قانون التعليم الخاص المقرر اعتماده إلى تحسين أجور المعلمين، خصوصاً أن العديد منهم لا يمكنهم العمل في الدروس الخصوصية نظراً لطبيعة تخصصاتهم كمعلمي التربية البدنية والرسم والأنشطة، وهو ما يدفعهم للعمل في مهن لا تليق بهم بوصفهم مربين للأجيال.
* نورة سيف: الحل بالعلاوات الدورية والترقيات
أكدت مديرة مدرسة أم سقيم النموذجية للبنات في دبي نورة سيف أن الميدان التربوي شهد في الأعوام الخمسة الأخيرة هجرة جماعية من جانب المعلمين المواطنين الذكور للميدان التربوي، سواء عن طريق الاستقالات أو التقاعد المبكر أو الانتقال لوظائف إدارية.
وأوضحت أنه لا بد من وضع حلول ناجعة لتلك المشكلة بعيداً عن تأنيث مدارس الحلقة الثانية والتعليم الثانوي، لافتة إلى خطورة الاستغناء عن المعلمين الذكور في المستقبل القريب الذين بإمكانهم التأثير في الأجيال الواعدة بشكل كبير وحمايتهم من الأفكار الهدامة والمتطرفة التي تحرص الدولة على اجتثاثها من جذورها.
ودعت مديرة مدرسة أم سقيم النموذجية للبنات في دبي إلى ضرورة فتح باب الترقيات للمدرس المواطن مع بقائه في مهنة التدريس، وكذلك فتح باب العلاوة الدورية السنوية من دون تحديد سقف زمني محدد لها.
وتمنت تخفيف ضغوط العمل عن كاهل المعلم المواطن وذلك من خلال عدم تكليفه بأي أعباء تخرج عن تخصصه، فضلاً عن الاهتمام بالحوافز المادية والمكافآت الدورية للمجتهدين وفتح باب العلاوة التشجيعية للمعلمين المتميزين.
* لميعة فرج: عزوف المواطنين عن التدريس أزمة
أكدت المديرة السابقة لمدرسة الواحة في دبي لميعة فرج أنه لا بد من الانتباه جيداً لما يؤرق المعلمين لأنهم الركيزة الأساسية في تقدم ونهضة الشعوب، فضلاً عن كونهم بناة الحضارات على مر العصور.
ونبهت فرج لخطورة عزوف المواطنين عن العمل في مهنة التدريس، داعية الجهات المعنية إلى ضرورة الوقوف على تلك الظاهرة والبحث في أسبابها ووضع الحلول اللازمة التي بإمكانها جذب الكوادر المواطنة للميدان التربوي بعدما شهد هجرة جماعية من أبناء الوطن.
وثمنت دور المعلمين الوافدين الذين أسهموا في تخريج أجيال واعية شاركت بفاعلية في مسيرة النهضة الشاملة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وما زالوا يتحملون الدور الأكبر من مسؤولية العملية التعليمية داخل الدولة.
وقالت فرج إنه بات لزاماً علينا توفير المناخ الآمن والملائم في الميدان التربوي لاستقطاب السواعد الوطنية للمشاركة في صناعة الأجيال المقبلة، خصوصاً أننا نعمل على استشراف المستقبل خلف قيادتنا الرشيدة التي لا تألو جهداً في دعم أبناء الدولة في مختلف المجالات والتخصصات.
وأوضحت أن أسباب عزوف المواطنين عن مهنة التدريس تتنوع ما بين اجتماعية، اقتصادية، ونفسية، وأخرى متعلقة بضغوط العمل، وقلة الحوافز والتقدير المطلوب، مشددة على ضرورة الاهتمام بذلك الملف الذي بات يمثل مطلباً وطنياً ملحّاً.
* أحمد عيد: استعادة هيبة المعلم مسؤولية الجميع
ثمّن الخبير التربوي والموجه الأول السابق بوزارة التربية والتعليم الدكتور أحمد عيد دور المعلم الذي يمثل ركيزة أساسية في تشكيل صناعة الأجيال القادرة على تحمل مسؤولياتها في ظل التطورات العالمية المتلاحقة وما يصاحبها من عقبات يمكن أن تعترض أداءهم في المستقبل.
ودعا إلى ضرورة استعادة هيبة المعلم المفقودة والبحث جيداً في أسباب فقدانها بعيداً عن إلقاء الأطراف المعنية كافة بالمسؤولية على عاتق الآخر، مؤكداً أن تلك المسؤولية مشتركة بين الجميع كمتخذي القرار في وزارة التربية والتعليم والمعلمين أنفسهم وطلابهم.
وبيّن أن ضعف مرتبات المعلمين وعدم مساواتهم بالعديد من فئات المجتمع أسهم في استقطاع جزء كبير من تلك الهيبة التي كان بإمكان وزارة التربية والتعليم الحفاظ عليها من خلال تحسين أوضاعهم المادية المتردية.
وأشار إلى أن السواد الأعظم من المعلمين داخل الدولة يعملون في مدارس خاصة، والجميع يعلم أن راتب المعلم في المدرسة الخاصة لا يتجاوز أكثر من خمسة آلاف درهم وهو مبلغ لا يكفي لنفقاته الشخصية بعيداً عن التزاماته الأسرية.
وأكد عيد أن الحاجة المادية للمعلمين دفعتهم للعمل في الدروس الخصوصية التي قضت تماماً على ما تبقى من هيبتهم، ومن هنا تأتي مسؤولية المعلمين عن فقدان هيبتهم بعد تفضيلهم الحل السريع والسهل لتحسين أوضاعهم المعيشية.
وتابع «وسط حاجة المعلم وعدم توفير احتياجاته من جانب الوزارة تنمر بعض الطلاب على معلميهم مستغلين حاجتهم وعدم قدرتهم على مواكبة المتغيرات المتلاحقة في الميدان التربوي».
وتمنى عيد أن تتبنى وزارة التربية والتعليم ملف المعلمين بشكل يوفر حلولاً ناجعة لمشاكلهم كافة التي تفرض نفسها على واقع الميدان التربوي، مشدداً على ضرورة استقطاب المواطنين الذكور للعمل في مهنة التدريس لأنهم الأدرى بتفاصيل الطالب المواطن ومن ثم القدرة على التأثير فيه على نحو إيجابي أكبر.