الاثنين - 04 ديسمبر 2023
الاثنين - 04 ديسمبر 2023

شعراء يهجرون القصيدة الطويلة لأجل عيون الإبيجراما .. ولا عزاء للمعاني

أفقدت القصيدة القصيرة المعروفة باسم «الإبيجراما» الشعراء لياقتهم ورونقهم في نظم القوافي الإبداعية، ودفعتهم للجوء إلى اختزال القصائد والمعاني في أبيات قصيرة لا تتعدى الأربعة، فضلاً عن إهمالهم القصيدة الطويلة المعروفة عند العرب، حسب ما أكده شعراء وكتاب إماراتيون. وقالوا إن «وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت في رفع مستوى الكسل الذهني لدى الكتاب الجدد، الذين اتجهوا إلى كتابة قصائد الإبيجراما التي تناسب تويتر وإنستغرام، مهملين ديوان العرب وقواعد الكتابة الإبداعية التي تحتاج إلى نفسٍ إبداعي طويل». وتفصيلاً، عرّف مدير بيت الشعر في الشارقة الشاعر محمد البريكي قصيدة «الإبيجراما» بأنها نوع شعري قديم، وشكل فني قائم على كيان مستقل يعتمد على الإيجاز، وكانت الكلمة تعني في الآداب اليونانية الكتابة المنقوشة، كما عرف الشاعر الرومانسي الإنجليزي كولردج هذا النوع بقوله «إنها كيان مكتمل وصغير، جسده الإيجاز، والمفارقة روحه». وذكر أن القصيدة ذات الأبيات المتعددة تجتمع فيها مواقف عدة تسير في اتجاه محدد، ما يساعد على تعزيز عمق الكتابة، بخلاف القصائد القصيرة التي تكتب على مستوى شعري واحد. وحول أبرز سمات «الإبيجراما»، أفاد البريكي بأن النقد ميزها بتركيز العبارات وكثافة المعاني، فضلاً على اشتمالها على مفردات مكثفة، مضيفاً أنها أثارت الكثير من الإشكاليات، إضافة إلى ما اتصل ببنائها، حيث برز العديد من الأسماء التي أطلقت عليها منها «التوقيعة، الدفقة، الومضة، اللمحة، والنفس الواحد». بدوره، أكد الشاعر مصبح الكعبي، أن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، أسهمت في انتشار الشعراء والتعريف بهم، إلا أنها قلصت المنتج الإبداعي للشاعر الذي يكتفي بالقصيدة القصيرة جداً، المكونة من بيتين إلى أربعة، ما أثر على إنتاجه الإبداعي الغزير. وقال «في الماضي كان الشعراء يلجأون إلى كتابة القصائد الطويلة ذات الأغراض المتعددة في الغزل والمدح والهجاء، أما الإبيجراما فهي المسيطرة على الشعر حديثاً، لكن باختزال شديد». وأضاف الكعبي أن «الكلام العربي أصبح يقترب كثيراً إلى الاقتصار في القصة القصيرة والشعر، فأصبحت الكتابة تشبه الإضاءة السريعة في الكاميرا، وكأن عين الكاتب هي اللاقطة». وأبدى الشاعر البحريني إياد المريسي استياءه من هيمنة هذا الشكل الشعري على المشهد، ما دفع بالكتاب الإبداعية إلى كتابة ومضات قصيرة جداً، ظانين أنها قصيدة شعرية متكاملة. وأفاد بأن «الشاعر لم يعد يحفل بالزخارف اللفظية في التكوين اللغوي للقصائد التي يكتبها، وهو لا يحتاج إلى حشد كم كبير من الألفاظ والمعلومات للتعبير، فالكلمات أصبحت لديه مكثفة ومضغوطة تشبه الكبسولات». وعلى النقيض، رفض الشاعر هاشم الطريفي الاتهامات الموجهة إلى قصيدة الإبيجراما، معتبراً إياها نوعاً جديداً من القصائد المختزلة من حيث الكلمات والأبيات، ويجب على المبدعين مجاراته.