الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

صراع بوينغ وإيرباص على الأسواق يهدد سلامة الطيران

صراع بوينغ وإيرباص على الأسواق يهدد سلامة الطيران

في الوقت الذي ينتظر فيه العالم نتائج تحليل بيانات الصندوقيين الأسودين لطائرة (بوينغ 737-ماكس-8) الإثيوبية المنكوبة والتي أدت إلى حملة عالمية لحظر الطائرة يتجه الخبراء إلى تحليل طبيعة المنافسة في صناعة الطائرات التجارية التي تتقاسمها كل من بوينغ ومنافستها الأوروبية إيرباص، وتأثير ذلك على خصائص السلامة في الطائرات الحديثة.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ذاته هو أول من أشار إلى ذلك عندما كتب في سلسلة من التغريدات أن الطائرات الحديثة أصبحت معقدة للغاية وقيادتها تحتاج إلى خبراء في الكمبيوتر أكثر ما تحتاج إلى طيارين.

وربما كان من الضروري فهم الظروف التي طورت فيها شركة بوينغ طائرة 737 ماكس -8، فقد جاء ذلك في خضم منافسة شرسة مع شركة إيرباص الأوروبية التي طورت طائرة (إيرباص أيه 320 نيو) والتي استطاعت أن تفوز بــ 600 طلبية في معرض باريس للطيران عام 2011، بل واستطاعت أن تستقطب لقائمة عملائها شركات أمريكية مثل (أمريكان إيرلاينز) التي كانت تقليدياً على رأس قائمة عملاء بوينغ، لتصبح بذلك أكثر الطائرات مبيعاً في تاريخ صناعة الطيران.

وكان التحدي الأساسي الذي يواجه شركة بوينغ هول هو،هل تطور طائرة جديدة بتصميم جديد من الصفر لمواجهة غزو الإيرباص أيه 320 نيون أم تقوم بسلسلة من التعديلات في عائلة البوينغ 737 لاختصار الوقت والتكاليف؟ وفي النهاية رجحت كفة البديل الأخير.

وتلخصت الاستراتيجية التي اتبعتها بوينغ في استبدال المحركات القديمة بمحركات أقل استهلاكاً للوقود والاستعانة بطيف واسع من أدوات الأتمتة التي مكنت الطيارين من السيطرة على الطائرة.

ولكن عملية التعديل لم تكن بالأمر السهل، فتزويد الطائرة بالجيل الجديد من المحركات الذي يلبي رغبة شركات الطيران في تقليص تكلفة الوقود بنسبة 20 في المئة اصطدم بعقبة أن ارتفاع مقدمة الطائرة عن سطح الأرض صغير بما لا يسمح بتسكين المحركات الجديدة تحت الأجنحة حتى مع ضغط المساحة الكلية للمحرك ورفع معدات الهبو الإمامية لمسافة عدة بوصات، ما أدي إلى تغيير مركز الجاذبية في الطائرة وحد من قدرتها على الارتفاع في بعض المواقف التي تتطلب المناورة.

وكان تحقيق كل ذلك من خلال برنامج ما اعتبرته بوينغ ساحراً لتعظيم سمات القدرة على المناورة (mcas)

وأبلغ مدير برنامج أمن وسلامة الطيران في جامعة جنوب كاليفورنيا توماس أنتوني وكالة بلومبيرغ أن الأتمتة تحدث فوائد جمة ولكنها تتطلب في المقابل تدريباً مكثفاً للطيارين لمراقبة سلوك الطائرة في المواقف الصعبة بينما يجلسون في المقاعد الخلفية لقمرة القيادة.

وبدوره، يري محلل شؤون الطيران في شركة (اجينسي بارتنرز) في لندن ساشا توسا أن برنامج إعادة تطوير البوينغ 737 أطلق على عجل للحاق بقطار المنافسة واستعادة جزء من الأرضية المفقودة لصالح إيرباص.

ورغم أن طائرة البوينغ 737-ماكس -8 لم تنجح في وقف غزو إيرباص- أيه 320 نيو بالكامل إلا أنها استقطبت نحو 5000 طلبية لتعيد التوازن النسبي مرة أخرى بين عملاقي صناعة الطيران في العالم.

ورغم أن شركة بوينغ قبلت بالحظر العالمي على الطائرة إلا أنها ما زالت تصر على أنها على ثقة تامة من سلامة الطائرة، إلا أن سلطات الطيران حول العالم أصبحت مقتنعة استناداً إلى بيانات أقمار تتبع رحلات الطائرات والأدلة التي عثر عليها في موقع تحطم الطائرة الإثيوبية أن ما حاث للطائرة كان نسخة طبق الأصل مما حدث لطائرة ليون إير الإندونيسية والتي تحطمت قبل خمسة أشهر بنفس الطريقة ففي الحالات تأرجحت الطائرة بعد دقائق من إقلاعها بين الصعود والهبوط عشرات المرات قبل أن تهوي إلى الأرض بصورة عمودية.