2019-08-11
قبل ساعات قليلة من دخول الشاب المسلح إلى متجر وول مارت في مدينة إل باسو الأمريكية الأسبوع الماضي ليفتح النار على مرتادي المتجر ويخلف 22 قتيلاً، قام برفع بيان حماسي من 2300 كلمة على شبكة الإنترنت عبر منتدى 8chan الذي يطلق على نفسه «أحلك مداخل الإنترنت».
اكتسبت منتديات 8Chan سمعة سيئة كملاذ آمن للعنصريين، والمتصيدين، والجماعات المتطرفة، وأخيراً وعلى نحو متزايد للقتلة.
على سبيل المثال فإن المسلح الذي قتل 51 شخصاً في إطلاق نار بمسجدي نيوزيلندا خلال شهر مارس الماضي نشر مانفيستو مطولاً من 87 صفحة ظهرت على المنتدى قبل أن يبدأ الهجوم، كما أن مطلق النار في سان دييغو، ما أسفر عن مقتل شخص يهودي، نشر رسالة مفتوحة مملوءة بعبارات الكراهية على المنتدى وحاول استخدامه لتنفيذ بث مباشر لجريمته.
المنتديات الشخصية التي تحفظ خصوصية مستخدمها مثل 8Chan وتسمح لهم بنشر النصوص والصور والفيديو، هي أحدث المواقع التي تستخدمها جماعات «التفوق الأبيض» لنشر رسائل الكراهية، خصوصاً أن العديد منها لا يلتزم بأي قواعد تنظم نشر المحتوى، ما جعلها تتحول في أغلب الحالات إلى أبواق للتحريض على الكراهية، ولكن يبدو أن حادث «إل باسو» أطلق الكثير من أجراس الإنذار حول هذه المواقع.
بعد المذبحة مباشرة، بدأت العديد من ردود الأفعال تجاه هذا المنتدى لإغلاقه تماماً، وكانت الخطوة الأولى من شركة «كلاود فلير» وهي شركة متخصصة في تأمين مواقع الإنترنت التي قامت بإلغاء الحماية التقنية التي كانت تحمي بها المنتدى، انسحاب الشركة كان يعني ببساطة إمكانية تعرض المنتدى لهجمات حجب الخدمة DDoS الأمر الذي جعل المنتدى لا يمكن الوصول إليه خلال دقائق. وقالت «كلاود فلير» إنها قامت بهذه الخطوة لأن المنتدى أثبت «أنه خارج على القانون، وأن الفوضى به تسببت في عدد من الوفيات»، وقال رئيس مجلس إدارة الشركة في منشور على مدونته إن 8Chan يمتلك سجلاً طويلاً من الانتهاكات عندما يتعلق الأمر بحوادث إطلاق النار.. وإن المنتدى أكد بشكل متكرر وفى أكثر من حالة أنه بالوعة تفيض بالكراهية».
على الفور اتجه منتدى 8Chan إلى شركة «بتميتجايت»، وهي شركة تؤمن الحماية الإلكترونية لمواقع النازيين الجدد، ولكن موقع شركة الحماية نفسه اختفى من الإنترنت بعدها لأن شركة «فوكسيلتي» التي تزودهم بالبنية التحتية التقنية قررت إيقاف خدماتها لهم، وقال متحدث باسم «فوكسيلتي» لموقع BBC إن «سياسات العمل لدينا ترفض تماماً دعم خطاب الكراهية.. ويجب على الجميع العمل على أن تكون الإنترنت بيئة آمنة لكل المستخدمين».
استمرت معركة المطاردة بين الموقع وشركات الاستضافة، ونشر صاحب المنتدى رسالة يطالب فيها بالعودة إلى الإنترنت قائلاً «مجتمع افتراضي كبير من أكثر من مليون شخص يبحث الآن عن منزل»، وفى فيديو على يوتيوب وصف المنتدى بأنه «صفحة بيضاء» يكتب فيها كل شخص ما يريده حتى إذا كان هذا الأمر مسيئاً للآخرين.
اختفاء المنتدى من شبكة الإنترنت دفع أحد مديري المحتوى به للقول إنهم سيعملون على إحيائه عبر ما يسمى بـ «الإنترنت المظلمة»، وإن كان هذا الأمر سوف يحتاج من المستخدم لأن يمتلك البرمجيات المناسبة والمعرفة الكافية للوصول إليهم في هذا الجزء غير المطروق من الشبكة. وقال جيم واتكينز مالك المنتدى إنهم يحاولون إعادته إلى الشبكة ولكن إجبارهم على التوقف سيجعل المستخدمين يبحثون عن أماكن أخرى للحوار وتبادل الآراء.
بعض مستخدمي المنصة بدأوا بالفعل البحث عن بدائل وتحركت شبكة Gab في هذا الاتجاه، هذه الشبكة الاجتماعية المثيرة للجدل تصف نفسها بأنها منصة لـ «حرية التعبير» واكتسبت شعبية كبيرة بين النازيين الجدد ومناصري اليمين المتطرف الذين يتم منع حساباتهم على الشبكات العامة مثل فيسبوك وتويتر. وتعتبر خطورة Gab أنها مبنية اعتماداً على البرمجيات مفتوحة المصدر، وبالتالي يستطيع أي شخص يمتلك المعرفة التقنية أن ينشئ شبكته الاجتماعية الخاصة.
هناك أيضاً مشروع آخر يسمى «زيرو نت» تم تصميمه لتفكيك مركزية فكرة استضافة مواقع الإنترنت، فبدلاً من تخزين المعلومات على أحد الخوادم فإن الشبكة تخزن المعلومات بطريقة غير مركزة بين الآلاف من المستخدمين بنفس الطريقة التي يتم بها نشر وتداول ملفات تورنت لتبادل الأفلام والكتب وغيرها. وقد ظهرت نسخة غير رسمية من منتدى 8Chan على شبكة «زيرو نت» وبشكل نظري فإن أي رسالة يتم نشرها عبر هذه الشبكة لا يمكن حذفها سواء على يد مديري الموقع أو حتى جهات إنفاذ القانون لأنها لن تكون مخزنة في مكان واحد وإنما عبر العديد من الأجهزة المختلفة.
ورغم هذه الجهود من أصحاب المنتدى ومرتاديه، إلا أن المنتدى بشكله القديم وسهولة الوصول إليه لم يعد موجوداً، ونجحت الإجراءات السريعة التي اتخذتها بالأساس شركات التقنية في إيقاف أحد مراكز بث الكراهية على شبكة الإنترنت، ولكن ما هي خصوصية هذا المنتدى التي جعلته الملاذ المفضل للمتطرفين؟
مؤسس المنتدى فريدريك برينان دعا بعد حادث «إل باسو» إلى إغلاقه نهائياً، وقال في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»: «أغلقوا الموقع، إنه لا يفيد العالم، وتأثيره سلبي على الجميع باستثناء المستخدمين القابعين هناك، والحقيقة أنه سلبي أيضاً بالنسبة لهم إلا أنهم لا يدركون هذا الأمر».
ويسمح المنتدى للمستخدمين بنشر النصوص والصور في أي موضوع كان دون شروط، وكان الشرط الوحيد المعلن في قواعد الاستخدام هو عدم نشر محتوى أو روابط لمحتوى تجرمه الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن في المقابل فإن الموقع لا يقوم بأي جهود جدية لمراجعة المحتوى المنشور، ومع ابتعاد «برينان» عن الموقع أصبح «جيم واتكينز» وهو جندي سابق في الجيش الأمريكي وابنه من يديران هذا المنتدى.
ومع الضجة التي أحاطت بالمنتدى بعد حادث إطلاق النار، ظهر واتكينز في فيديو على يوتيوب وأوضح أن مطلق النيران بث المحتوى الخاص به على شبكة إنستغرام وليس على المنتدى، وأن الشركة المسؤولة عن المنتدى تتعاون مع السلطات في التحقيقات.
وأكد الرجل أن البيان محل الخلاف قام شخص برفعه على المنتدى ولم يكن من رفعه هو مطلق النيران، ولم تعلق سلطات التحقيق على هذا البيان، إلا أن شركة إنستغرام قالت إنها أوقفت حساباً يرتبط بالمتهم في إطلاق النار، وإن هذا الحساب لم يكن فاعلاً منذ أكثر من عام.
المشاكل والمخاطر التي تتسبب بها هذه المنتديات دفعت الكونغرس الأمريكي لإرسال استدعاء إلى مالك المنتدى «جيم واتكينز» للمثول أمام لجنة الأمن الداخلي والإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالمنتدى، ورغم ذلك يراود الأعضاء شكوك في أن الرجل سيظهر أمامهم لأنهم لا يمتلكون المعلومات الكافية حول عنوانه الحقيقي في الولايات المتحدة، خصوصاً أن المعلومات المتوافرة تقول إن الرجل غادر الولايات المتحدة منذ عام 2004 واستقر في الفلبين حيث يدير أعماله الخاصة والعديد من المواقع المثيرة للجدل التي تنشر خطاب الكراهية وتحرض على الإرهاب، وهي المعركة الجديدة التي تدور رحاها الآن عبر شبكة الإنترنت.
اكتسبت منتديات 8Chan سمعة سيئة كملاذ آمن للعنصريين، والمتصيدين، والجماعات المتطرفة، وأخيراً وعلى نحو متزايد للقتلة.
على سبيل المثال فإن المسلح الذي قتل 51 شخصاً في إطلاق نار بمسجدي نيوزيلندا خلال شهر مارس الماضي نشر مانفيستو مطولاً من 87 صفحة ظهرت على المنتدى قبل أن يبدأ الهجوم، كما أن مطلق النار في سان دييغو، ما أسفر عن مقتل شخص يهودي، نشر رسالة مفتوحة مملوءة بعبارات الكراهية على المنتدى وحاول استخدامه لتنفيذ بث مباشر لجريمته.
المنتديات الشخصية التي تحفظ خصوصية مستخدمها مثل 8Chan وتسمح لهم بنشر النصوص والصور والفيديو، هي أحدث المواقع التي تستخدمها جماعات «التفوق الأبيض» لنشر رسائل الكراهية، خصوصاً أن العديد منها لا يلتزم بأي قواعد تنظم نشر المحتوى، ما جعلها تتحول في أغلب الحالات إلى أبواق للتحريض على الكراهية، ولكن يبدو أن حادث «إل باسو» أطلق الكثير من أجراس الإنذار حول هذه المواقع.
بعد المذبحة مباشرة، بدأت العديد من ردود الأفعال تجاه هذا المنتدى لإغلاقه تماماً، وكانت الخطوة الأولى من شركة «كلاود فلير» وهي شركة متخصصة في تأمين مواقع الإنترنت التي قامت بإلغاء الحماية التقنية التي كانت تحمي بها المنتدى، انسحاب الشركة كان يعني ببساطة إمكانية تعرض المنتدى لهجمات حجب الخدمة DDoS الأمر الذي جعل المنتدى لا يمكن الوصول إليه خلال دقائق. وقالت «كلاود فلير» إنها قامت بهذه الخطوة لأن المنتدى أثبت «أنه خارج على القانون، وأن الفوضى به تسببت في عدد من الوفيات»، وقال رئيس مجلس إدارة الشركة في منشور على مدونته إن 8Chan يمتلك سجلاً طويلاً من الانتهاكات عندما يتعلق الأمر بحوادث إطلاق النار.. وإن المنتدى أكد بشكل متكرر وفى أكثر من حالة أنه بالوعة تفيض بالكراهية».
على الفور اتجه منتدى 8Chan إلى شركة «بتميتجايت»، وهي شركة تؤمن الحماية الإلكترونية لمواقع النازيين الجدد، ولكن موقع شركة الحماية نفسه اختفى من الإنترنت بعدها لأن شركة «فوكسيلتي» التي تزودهم بالبنية التحتية التقنية قررت إيقاف خدماتها لهم، وقال متحدث باسم «فوكسيلتي» لموقع BBC إن «سياسات العمل لدينا ترفض تماماً دعم خطاب الكراهية.. ويجب على الجميع العمل على أن تكون الإنترنت بيئة آمنة لكل المستخدمين».
استمرت معركة المطاردة بين الموقع وشركات الاستضافة، ونشر صاحب المنتدى رسالة يطالب فيها بالعودة إلى الإنترنت قائلاً «مجتمع افتراضي كبير من أكثر من مليون شخص يبحث الآن عن منزل»، وفى فيديو على يوتيوب وصف المنتدى بأنه «صفحة بيضاء» يكتب فيها كل شخص ما يريده حتى إذا كان هذا الأمر مسيئاً للآخرين.
اختفاء المنتدى من شبكة الإنترنت دفع أحد مديري المحتوى به للقول إنهم سيعملون على إحيائه عبر ما يسمى بـ «الإنترنت المظلمة»، وإن كان هذا الأمر سوف يحتاج من المستخدم لأن يمتلك البرمجيات المناسبة والمعرفة الكافية للوصول إليهم في هذا الجزء غير المطروق من الشبكة. وقال جيم واتكينز مالك المنتدى إنهم يحاولون إعادته إلى الشبكة ولكن إجبارهم على التوقف سيجعل المستخدمين يبحثون عن أماكن أخرى للحوار وتبادل الآراء.
بعض مستخدمي المنصة بدأوا بالفعل البحث عن بدائل وتحركت شبكة Gab في هذا الاتجاه، هذه الشبكة الاجتماعية المثيرة للجدل تصف نفسها بأنها منصة لـ «حرية التعبير» واكتسبت شعبية كبيرة بين النازيين الجدد ومناصري اليمين المتطرف الذين يتم منع حساباتهم على الشبكات العامة مثل فيسبوك وتويتر. وتعتبر خطورة Gab أنها مبنية اعتماداً على البرمجيات مفتوحة المصدر، وبالتالي يستطيع أي شخص يمتلك المعرفة التقنية أن ينشئ شبكته الاجتماعية الخاصة.
هناك أيضاً مشروع آخر يسمى «زيرو نت» تم تصميمه لتفكيك مركزية فكرة استضافة مواقع الإنترنت، فبدلاً من تخزين المعلومات على أحد الخوادم فإن الشبكة تخزن المعلومات بطريقة غير مركزة بين الآلاف من المستخدمين بنفس الطريقة التي يتم بها نشر وتداول ملفات تورنت لتبادل الأفلام والكتب وغيرها. وقد ظهرت نسخة غير رسمية من منتدى 8Chan على شبكة «زيرو نت» وبشكل نظري فإن أي رسالة يتم نشرها عبر هذه الشبكة لا يمكن حذفها سواء على يد مديري الموقع أو حتى جهات إنفاذ القانون لأنها لن تكون مخزنة في مكان واحد وإنما عبر العديد من الأجهزة المختلفة.
ورغم هذه الجهود من أصحاب المنتدى ومرتاديه، إلا أن المنتدى بشكله القديم وسهولة الوصول إليه لم يعد موجوداً، ونجحت الإجراءات السريعة التي اتخذتها بالأساس شركات التقنية في إيقاف أحد مراكز بث الكراهية على شبكة الإنترنت، ولكن ما هي خصوصية هذا المنتدى التي جعلته الملاذ المفضل للمتطرفين؟
مؤسس المنتدى فريدريك برينان دعا بعد حادث «إل باسو» إلى إغلاقه نهائياً، وقال في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»: «أغلقوا الموقع، إنه لا يفيد العالم، وتأثيره سلبي على الجميع باستثناء المستخدمين القابعين هناك، والحقيقة أنه سلبي أيضاً بالنسبة لهم إلا أنهم لا يدركون هذا الأمر».
ويسمح المنتدى للمستخدمين بنشر النصوص والصور في أي موضوع كان دون شروط، وكان الشرط الوحيد المعلن في قواعد الاستخدام هو عدم نشر محتوى أو روابط لمحتوى تجرمه الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن في المقابل فإن الموقع لا يقوم بأي جهود جدية لمراجعة المحتوى المنشور، ومع ابتعاد «برينان» عن الموقع أصبح «جيم واتكينز» وهو جندي سابق في الجيش الأمريكي وابنه من يديران هذا المنتدى.
ومع الضجة التي أحاطت بالمنتدى بعد حادث إطلاق النار، ظهر واتكينز في فيديو على يوتيوب وأوضح أن مطلق النيران بث المحتوى الخاص به على شبكة إنستغرام وليس على المنتدى، وأن الشركة المسؤولة عن المنتدى تتعاون مع السلطات في التحقيقات.
وأكد الرجل أن البيان محل الخلاف قام شخص برفعه على المنتدى ولم يكن من رفعه هو مطلق النيران، ولم تعلق سلطات التحقيق على هذا البيان، إلا أن شركة إنستغرام قالت إنها أوقفت حساباً يرتبط بالمتهم في إطلاق النار، وإن هذا الحساب لم يكن فاعلاً منذ أكثر من عام.
المشاكل والمخاطر التي تتسبب بها هذه المنتديات دفعت الكونغرس الأمريكي لإرسال استدعاء إلى مالك المنتدى «جيم واتكينز» للمثول أمام لجنة الأمن الداخلي والإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالمنتدى، ورغم ذلك يراود الأعضاء شكوك في أن الرجل سيظهر أمامهم لأنهم لا يمتلكون المعلومات الكافية حول عنوانه الحقيقي في الولايات المتحدة، خصوصاً أن المعلومات المتوافرة تقول إن الرجل غادر الولايات المتحدة منذ عام 2004 واستقر في الفلبين حيث يدير أعماله الخاصة والعديد من المواقع المثيرة للجدل التي تنشر خطاب الكراهية وتحرض على الإرهاب، وهي المعركة الجديدة التي تدور رحاها الآن عبر شبكة الإنترنت.