يعد قطاع السياحة من أكبر وأسرع قطاعات الاقتصاد العالمي نمواً، حيث تسهم السياحة بنحو عشرة في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، كما تمثل نحو سبعة في المئة من إجمالي الصادرات،وتوفر وظيفة من بين كل عشرة وظائف على مستوى العالم.
ولكن هذا النمو الاستثنائي لقطاع السياحة لم يكن بلا ثمن، حيث أشارت أبحاث منظمة الأمم المتحدة للبيئة إلى أن السياحة من أكثر القطاعات استنزافاً للموارد الطبيعي، وبصفة خاصة الطاقة والماء والأراضي والمعادن والأملاح، كما أنها من أكثر القطاعات المنتجة للنفايات الصلبة والغازات المسببة للاحتباس الحراري.
ومن المعتقد أن القطاع السياحي سيشهد بحلول عام 2050 نمواً في استهلاك الطاقة بنحو 154 في المئة، و152 في المئة في استهلاك المياه و131 في المئة في انبعاثات الغازات الحرارية، و251 في المئة من استهلاك النفايات الصلبة.
وتعكس هذه التقديرات السمعة السيئة التي اكتسبها القطاع السياحي باعتباره مسئولاً عن استنزاف الموارد الطبيعية في المناطق السياحية، إلا أن السياحة البيئية جاءت لتجعل من السائح صديقاً للبيئة التي يزورها.
وتشكل السياحة البيئية حالياً ما يقرب من 20 في المئة من إجمالي حركة السياحة حول العالم وفق تقديرات منظمة السياحة العالمية، ومن المتوقع أن تتزايد حصة السياحة البيئية من إجمالي حركة السياحة العالمية خلال السنوات القليلة القادمة نتيجة انتشار الوعي البيئي.
وفي ظلّ استنزاف للموارد الطبيعية، اتجهت العديد من المنظمات العالمية إلى الدعوة إلى المحافظة على الطبيعية والتشجيع على استدامتها بشتى الطرق لتخفيف الضغوطات التي ترزح تحتها الأنظمة البيئية وحماية الموارد الأساسية من الاستنزاف، وضمان قاعدة اقتصادية أكثر ثباتاً، وتوفير دخول إضافية تُساهم في حماية التنوع البيئي، وتخلق فرص عمل للسكان المحليين.
وتسهم السياحة البيئية بشكل فعال في تخفيف الضغط الواقع على الأنظمة البيئية في الأماكن السياحية بما يضمن استدامة الموارد الطبيعية كذلك تعمل على الحفاظ على الموروث الثقافي والحضاري للسكان المحليين والحفاظ على القيم الإنسانية والديمقراطية للشعوب كما يزيد من فرص العمل لسكان المناطق الريفية وخاصة للعمالة غير المدربة والتي قد تجد في نقل السائح وأمتعته على الدواب عبر الأماكن السياحية مصدراً مهماً للدخل.
كما تشجع تطوير تلك المناطق بطريقة تحافظ على مقوماتها الريفية الجميلة وتمنع الشركات السياحية العملاقة من إقامة المنشآت السياحية الضخمة فالسياحة البيئية تقوم على المنتجعات الصغيرة والفنادق الصغيرة أو النزل الريفي المتواضع وليس على الفنادق الضخمة ذات المستوى الراقي، وهذا يعني توزيع الدخل السياحي على شريحة أكبر من السكان وعدم حصره بأيدي بعض المستثمرين الكبار.