بالتزامن مع المؤشرات الاقتصادية الجيدة التي تجنيها مصر من برنامج الإصلاح الاقتصادي وتصدرها للأسواق الناشئة في معدلات النمو، تخالف البورصة المصرية المسار الإيجابي للاقتصاد المصرية لتفقد ما حققته من أرباح التعويم.
وتعاني البورصة المصرية خلال الفترة الماضية من عزوف المستثمرين وشح السيولة التي أصبحت لا تتعدى نصف مليار جنيه، وفي بعض الأوقات 200 مليون جنيه على الرغم من وجود محفزات تتمثل في خفض أسعار الفائدة بنحو 4 مرات خلال العام الجاري وتطبيق آلية الشورت سلينغ التي طال انتظارها فضلاً عن وصول معدلات التضخم لمستويات قياسية منذ أكثر من 14 عاماً.
وأرجع محللو أسواق المال لـ"الرؤية" عدم استفادة البورصة من الوضع الاقتصادي الراهن في مصر إلى عدة عوامل، أبرزها افتقارها للسلع الجديدة فضلاً عن تأخر برنامج الطروحات الحكومية الذي تم تأجيله مرات عديدة.
ووصف رئيس قطاع تنمية الأعمال في بايونيرز محمد جاب الله، وضع البورصة الحالي بأنها "تعاني من الهزال والهشاشة"، مشيراً إلى فقدان الثقة بها وتدني مستويات السيولة.
وعن الأسباب قال" البورصة مرتبطة بالحالة الحقيقية للشارع المصري الذي أصبح يعاني من الركود نوعاً ما، وانخفاض التضخم ناتج عن فقدان القدرة على الاستهلاك إضافة إلى المشكلتين الرئيستين بالبورصة وهما عدم وجود منتجات جديدة بالسوق المصري وفقدان الثقة بالسوق كأداة استثمارية".
ومن جهتها قالت مديرة التداول لدى العربية أون لاين، منى مصطفى، إن البورصة المصرية تعاني في الفترة الحالية من افتقارها للسلع الجديدة وعدم ثقة المستثمرين.
وأشارت المحللة الفنية إلى تأخر برنامج الطروحات الحكومية وعدم وجود استراتيجية واضحة تطمئن المستثمرين وتجذبهم مرة أخرى.
واعتبر المحللون تأخر برنامج الطروحات الحكومية أبرز العوامل المؤثرة في عدم استفادة البورصة من التقدم الاقتصادي.
وشمل برنامج الطروحات في البداية 23 شركة سواء من خلال طرح شركات جديدة مثل بنك القاهرة أو زيادة حصص شركات مدرجة بالفعل.
ومن جهته قال رئيس بحوث شعاع لتداول الأوراق المالية عمرو الألفي، إن السوق يحتاج إلى طروحات جديدة يستعيد من خلالها جذب مستثمرين جدد.
وأشار إلى أن تراجع السيولة خلال الفترة الماضية جاء جزء منها بسبب طرح أرامكو والتي قد تعود مرة أخرى مع تفعيل برنامج الطروحات بطروحات جديدة وليس فقط حصة من شركات.
ومن جانبه قال الرئيس التنفيذي للمجموعة المالية هيرميس القابضة كريم عوض، في مؤتمر صحافي: إن البورصة المصرية بحاجة إلى جذب شركات ذات قيمة سوقية كبيرة للقيد لاستقطاب صناديق الاستثمار الأجنبية إلى الاستثمار في الأسهم المحلية وتنشيط السوق.
وفي نهاية الشهر الماضي، قال وزير قطاع الأعمال المصري، هشام توفيق، إن برنامج الطروحات الحكومية المصرية "لم يتوقف ولكن هناك ظروف للسوق قد تعطل طرح الشركات".
وذكر الوزير أنه من المقرر طرح شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير خلال الربع الأول من 2020، لافتاً إلى أن هناك شركتين أخريين جاهزتين للطرح وهما أبوقير والإسكندرية لتداول الحاويات.
ومن جهتها قالت رئيسة مجلس إدارة شركة ثري واي للسمسرة رانيا يعقوب، إن تأخر الطروحات الحكومية أثر سلباً على شهية المتعاملين خاصة بعد تغير خارطة الطروحات بعد طرح أرامكو.
وأوضحت أن السوق يتعطش للطروحات الأولية وليس طروحات ثانوية لتتمكن البورصة من استعادة نشاطها مرة أخرى.
وتخطط الحكومة لطرح جزء من أسهم كل من إي فاينانس وبنك القاهرة في البورصة ضمن برنامج الطروحات الحكومية
وطالب محمد جاب الله بأن تدعم الحكومة البورصة المصرية حتى تستعيد عافيتها من خلال خفض أو إلغاء الضريبة وإن كان بشكل مؤقت.
كما أشار إلى أن الإسراع في وضع خطة واضحة لبرنامج الطروحات الحكومية قد يعزز سيولة البورصة مرة أخرى.
ورغم الكساد الذي تعاني منه البورصة المصرية، قالت وكالة بلومبرغ في تقرير لها إن البورصة المصرية على موعد مع انتعاشة كبيرة خلال الفترة القادمة، مع ترقبها طرح شركتين حكوميتين أوائل 2020.