الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

وداعاً للبث التلفزيوني.. الدوري الانجليزي يأتيك عبر الإنترنت

خلال سنوات قليلة، استطاعت شركة "نتفليكس" للبث التلفزيوني عبر الإنترنت أن تغير من شكل صناعة الترفيه والبث التلفزيوني إلى الأبد، النجاح الكبير لشبكة البث يظهر بوضوح في قاعدة مشتركيها حول العالم والتي بلغت 167 مليون مشترك على مستوى العالم وفقاً لآخر أرقام مع نهاية عام 2019، ولكن التغير الكبير لم يتعلق فقط بطريقة المشاهدة، ولكن أيضاً بفكرة امتلاك شركة البث محتواها الترفيهي الخاص بدلاً من أن تكون تحت رحمة منتجي المحتوى.

هذا التغير الشامل، والنجاح الكبير، دفع العديد من المنتجين أصحاب المحتوى المتميز إلى إطلاق شبكات البث الخاصة بهم سيراً على خطى "نتفليكس"، فرأينا شبكة ديزني، وشبكة HBO، ودخول أمازون في اللعبة، بالإضافة إلى عملاق التكنولوجيا شركة أبل التي انطلقت بإنتاج محتواها الترفيهي الخاص. ولكن يبدو أن الأمر لن يتوقف فقط عند حدود الأفلام والمسلسلات، حيث إننا على مشارف تغير نمط المشاهدة لمحتوى كرة القدم بنفس الأسلوب الذي تغيرت به الدراما.

"ريتشارد ماسترز" الرئيس التنفيذي الجديد لدوري المحترفين الإنجليزي "بريمير ليغ" أعلن الأسبوع الماضي أنهم بصدد إنشاء شركة للبث عبر الإنترنت لعرض مباريات الدوري الشهيرة بطريقة تشبه ما تفعله "نتفليكس" في مجال الدراما، وقال الرجل إن الهيئة المسؤولة عن الدوري الأشهر في العالم تفكر في إطلاق خدماتها الرقمية الخاصة التي تتيح بث المباريات الحية والمحتوى الآخر في بعض البلدان على مستوى العالم، وأن هذا الأسلوب سيكون متاحاً خلال فترة قريبة للغاية.


وأكد المسؤول، أن هذا الخيار الذي يتيح لرابطة الدوري الإنجليزي أن تحصل اشتراكات هذه القناة مباشرة بدلاً من بيع الحقوق لشركات البث التلفزيوني التقليدية كما يحدث حالياً، يتم مناقشته حالياً ليكون هو الأسلوب المتبع بالنسبة للمواسم بين 2022 و2025 التي من المفترض أن تخضع لمزايدة جديدة بين شركات البث التلفزيوني.


ويقول ماسترز: "خلال الفترة الأخيرة قضينا الكثير من الوقت، واستثمرنا الكثير من الموارد في بناء خبراتنا وقدراتنا فيما يتعلق بالمستهلك المباشر، ونحن ندرس ما إذا كان هذا هو الوقت المناسب لاختبار عدد قليل من الأسواق ولكنا في النهاية قررنا ألا نفعل الآن، لكنا سنستمر في التخطيط وبناء القدرات حتى موعد تجديد التعاقدات التالي". ولكنه في الوقت نفسه أكد جاهزيتهم لاتخاذ القرار بالقول "كنا مستعدين في الفترة الماضية وسنكون أكثر استعداداً في المستقبل لاغتنام الفرصة".

في الوقت الحالي، تبيع رابطة الدوري الإنجليزي حقوق البث إلى عدد من وسائل الإعلام التقليدية، بما في ذلك قنوات "أن بي سي" و"سكاي سبورت" وغيرها، كما تبيع بعض الحقوق لشركات البث عبر الإنترنت كطرف ثالث مثل "أمازون برايم" و"دازن" مقابل مبالغ تُدفع مقدماً، ويتم الاتفاق على هذه الحقوق في حزم تتراوح بين 3 و6 سنوات، والدورة الحالية تستمر من 2019 حتى 2022. ويقول الخبراء إنه إذا أطلقت الرابطة هذه الخدمة بقيمة اشتراك 10 جنيهات إسترلينية شهرياً (تختلف من دولة لأخرى) واشترك بها 200 مليون مشاهد من عشاق الدوري الإنجليزي، فإن العائدات سوف تتجاوز 24 مليار جنيه إسترليني سنوياً، وهو ما يزيد 8 مرات تقريباً عن العائدات الحالية.

في الوقت الحالي يحصد الدوري الممتاز الانجليزي مبلغ 3.1 مليار جنيه إسترليني سنوياً من حقوق البث التلفزيوني، منها 1.4 بليون جنيه من مشترين أجانب. ومع ذلك فإن إطلاق خدمة البث الخاصة بالدوري عبر الإنترنت في العديد من المناطق يمكن أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في الإيرادات. في سنغافورة على سبيل المثال، تدفع شركة "سينجتل" للاتصالات مبلغ 70 مليون جنيه إسترليني في الموسم الواحد لبث مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز، وتحقق الشركة مبلغ 175 مليون إسترليني من مشتركيها الذين يدفع الواحد منهم حوالي 35 جنيهاً إسترلينياً شهرياً لمشاهدة المباريات الحية. وإذا احتفظ الدوري لنفسه بحق البيع في ذلك السوق فإن الزيادة المتوقعة في الأرباح سوف تبلغ 100 مليون جنيه في منطقة واحدة.

ولكن فرص خدمة البث التي تحمل اسم "بريمفليكس" في إنجلترا موطن الدوري الممتاز ستكون معقدة بعض الشيء، حيث يوجد لقنوات "سكاي سبورت" 6 ملايين مشترك، بينما تمتلك "بي تي سبورت" 2 مليون من المشتركين وهما قناتا البث الحي هناك، ومع ذلك فإن ماسترز يقول إنه من الممكن العمل على مستويين في بعض الدول، حيث يمكن مشاهدة المباريات التي تبثها المحطات الحالية، بينما يمكن للبعض الآخر الاشتراك في خدمة البث عبر الإنترنت، ومع تعقيدات الوضع، يقول ماسترز: "لا أقول إن ذلك سيحدث في الموسم المقبل، ولا أعرف متى يمكن التنفيذ ولكن في نهاية المطاف سينتقل الدوري الممتاز إلى مزيج من المبيعات المباشرة للمستهلك وحقوق البث لشركات الإعلام" مؤكداً أنه من المستحيل تحديد موعد هذا الانتقال".

بالنسبة للمشاهد الإنجليزي، يمكن أن تمثل هذه الخدمة فارقاً مهماً في تكلفة مشاهدة المباريات، فبينما تكلف مشاهدة المباراة في الاستاد متوسط 50 جنيهاً إسترلينياً للمباراة، فإن المشاهدين عبر التلفزيون يتابعون رياضتهم المفضلة من خلال "سكاي سبورتس" أو "بي تي سبورت" أو خدمة "أمازون برايم" واشتراك الثلاثة يكلف ما يعادل 912 جنيهاً إسترلينياً أو ما يعادل 76 جنيهاً في الشهر، ومع توقعات أن تكون خدمة الدوري المباشرة من الرابطة باشتراك لا يتجاوز 10 جنيهات إسترلينية سيكون الفارق هائلاً.

ولكن على الرغم من شعبية الدوري الإنجليزي على المستوى العالمي، إلا أن الوضع مختلف على المستوى المحلى، حيث انخفضت مؤخراً قيمة حقوق البث التلفزيوني المحلية، ولكن الحقوق الخارجية شهدت نمواً كبيراً، حيث أعلن الدوري الإنجليزي الأسبوع الماضي عن صفقة ضخمة بقيمة 2 مليار جنيه إسترليني مع شركة MNET لمنحها حقوق البث في النرويج والدنمارك والسويد وفنلندا وذلك للفترة من 2022 حتى 2028 بزيادة تقدر بنحو 20% في السنة عن العقود السابقة، الأمر الذي دعا ماسترز للتأكيد على شعبية وصحة الدوري الإنجليزي ورغبة المشاهدين في متابعته بانتظام.

وبعيداً عن اقتصاديات حقوق البث، تواجه شعبية الدوري الإنجليزي مشكلة جديدة في الأفق، وهى عدد اللاعبين الأجانب الذين سيتم السماح لهم بالمشاركة في قائمة الفرق الإنجليزية المكونة من 25 لاعباً بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في الوضع الحالي كان يُسمح للنادي بضم 17 لاعباً من غير الإنجليز، ولكن اتحاد الكرة يريد تخفيض هذا العدد إلى 13 لاعباً فقط، إلا أن ماسترز المسؤول التننفيذي عن المسابقة يرى أن أي رقم يقل عن 16 لاعباً أجنبياً قد يلحق الضرر بالمكانة الكبرى التي وصل إليها الدوري، وكذلك القدرة التنافسية للأندية الإنجليزية في البطولات الأوروبية.

ويرى ماسترز أن هدف اتحاد الكرة هو الحصول على 35% من لاعبي إنجلترا المؤهلين على فرصة المشاركة الأساسية مع فرق الدوري، مؤكداً أن الوضع الحالي ليس بعيداً بشكل كبير عن هذا الهدف، وأنه وفق النظام الحالي للدوري الإنجليزي يحصل العديد من اللاعبين الإنجليز الشباب والموهوبين على فرصة جيدة، وهو الأمر الذي أدى لاحتلال إنجلترا المركز الرابع في التصنيف العالمي للمنتخبات. كما أن الوضع تغير عن السنوات التي كانت فيها إنجلترا تكافح للتأهل إلى نهائيات كأس العالم، أما اليوم فإن خسارة الفريق الإنجليزي للمباريات تتم بصعوبة بالغة، معرباً عن اعتقاده أن أي تغيير في النظام الحالي ربما يؤثر بشدة على النجاح غير العادي الذي يحققه الدوري الإنجليزي الممتاز.