الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

شبح «كورونا» يعود لتهديد أسواق الأسهم العالمية من جديد.. والذهب الرابح الأكبر

بعد أن قضت أسواق الأسهم العالمية أسبوعاً متقلّباً من ناحية الثقة، يبدو أنها ستستقبل أسبوعاً جديداً يعتمد نفس الأداء وسط عودة القلق من انتشار فيروس «كورونا» وظهور توقعات رسمية بتأثيره سلباً على اقتصاد الصين ،ومن ثم القلق من الوضع الاقتصادي عالمياً ككل.

وعادت المخاوف في نهاية جلسة الجمعة الماضية، بالأسواق العالمية التي شهد بعضها ارتفاعات أسبوعية مع تجدد المخاوف حيال أزمة الفيروس القاتل وخصوصاً بكوريا الجنوبية، حيث ارتفع عدد المصابين مجدداً، وسجلت الأسهم الأمريكية في ختام التعاملات أول خسائر أسبوعية في 3 أسابيع، فيما ارتفعت الأسهم الأوروبية والصينية على المستوى الأسبوعي، ويأتي ذلك تزامناً مع تجدد المخاوف حيال أزمة «كورونا».

وعلى صعيد تأثير الفيروس على الاقتصاد الصيني، قالت وزارة التجارة يوم الجمعة الماضية، إن صادرات وواردات البلاد ستتأثر سلباً بفعل انتشار فيروس كورونا الذي أحدث اضطراباً شديداً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقال مسؤولو الوزارة إن الصين تتوقع استئناف الشركات الأجنبية في معظم المناطق للإنتاج بحلول نهاية فبراير، لكنهم أضافوا أنه سيكون هناك تأثير أكثر وضوحاً على الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الصين في فبراير ومارس من العام الجاري.

نمو «هش»

قال رائد الخضر رئيس قسم الأبحاث في Equiti Group، لـ«الرؤية» قد شهدنا أسبوعاً متقلّباً من ناحية الثقة في الأسواق المالية، إلا أن أسعار الذهب استطاعت الارتفاع بشكل ملموس، لتلامس أعلى مستوياتها منذ عام 2013، لأن المتداولين قلقون على نمو الاقتصاد العالمي.

وأكد صندوق النقد الدولي على مخاطر تفشّي فيروس كورونا، في حال امتد تأثيره زمنياً.

وأشارت تقارير من شركات بأن النمو الاقتصادي الصيني ربما سينخفض خلال الربع الأول من هذه السنة إلى 3.5%. وقد ينخفض النمو على مدى عام 2020 في ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى 5.2%. لكن، هنالك من يعتقد بأن قيم النمو هذه سيكون مبالغاً فيها في حال امتد تأثير فيروس كورونا للأشهر القادمة، وتشير توقعاتهم إلى احتمال نمو سنوي لا يتعدّى 4.5%.

موجات انتشار

وأوضح رائد الخضر، أنه على الرغم من أن القراءات التي تفيد بأن انتشار فيروس كورونا أصبحت أقل، فهنالك قلق من أن نرى موجات انتشار أخرى، مع تحذيرات من منظمة الصحة العالمية بأن الفيروس لو خرج عن السيطرة سيتحوّل لوباء عالمي، ولفت إلى أن المتداولين يعيدون الآن حساباتهم تجاه تأثيرات فيروس كورونا، ومدى عمق الضرر على الاقتصاد العالمي الذي قد يتسبب فيه.

وقالت وزارة التجارة الصينية إن صادرات وواردات البلاد ستتأثر سلباً بفعل انتشار فيروس كورونا، ووصفت تأثيره بأنه «شديد»، وأضافت أن هناك تقارير أكدت مدى سوء الوضع في الاقتصاد الصيني الذي سيؤثر لا محالة على الاقتصاد العالمي، وأفاد اتحاد سيارات الركوب في الصين إلى أن مبيعات التجزئة لسيارات الركوب في البلاد هوت 92% على أساس سنوي في أول 16 يوماً من فبراير.

وأشار إلى أنه مع زيادة توقعات أن نرى تباطؤاً في الاقتصاد العالمي، تزيد احتمالات أن تقوم البنوك المركزية حول العالم بخفض الفائدة أو زيادة سياسات التيسير النقدي والكمي، أو برامج شراء السندات.

لكن بالنسبة للفيدرالي الأمريكي، قال يبدو أنه لن يحرّك ساكناً بالنسبة لأسعار الفائدة، حيث إن محضر اجتماعه هذا الأسبوع أعطى توقعات بأن تبقى أسعار الفائدة عند نفس المستوى الحالي 1.50% و1.75%، خلال النصف الأول من هذه السنة، مع إشارات بأنه سوف يتغاضى عن تحرك التضخم ارتفاعاً أو انخفاضاً ما دون الهدف المطلوب بقليل.

لذلك، بقي الدولار الأمريكي قوياً مقابل سلَّة العملات الأجنبية، وانخفضت أسواق الأسهم بعد ارتفاعها، حيث شهدنا مع نهاية الأسبوع موجة جني أرباح، ورغم أن الصين أعلنت من جديد أنها سوف تعفي 65 سلعة أمريكية من الرسوم الجمركية في الـ28 من شهر فبراير، لتضاف إلى قائمة السلع الـ696 سلعة السابقة.

ولفت إلى أن المتداولين قلقوا بعد تصريحات مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأمريكية أكدت أن الحكومة الأمريكية تتوقع أن تفي الصين بالتزاماتها بشراء المزيد من السلع الأمريكية بموجب اتفاق تجاري، على الرغم من تفشي فيروس كورونا سريع الانتشار، ليقلق المتداولون من احتمالية عودة التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.

بريطانيا واليورو

وعن بريطانيا، أوضح رائد الخضر أن هنالك توتراً سببه انتظار المتداولين لأي مستجدات بخصوص العلاقات التجارية البريطانية مع الاتحاد الأوروبي، والاعتقاد الآن بأن الطريق ستكون صعبة وشائكة قبل التوصل إلى أي اتفاق.

فيما في منطقة اليورو، قال نلاحظ ضغطاً على الاقتصاد وظهور ملامح التباطؤ، ورغم أن بعض البيانات الاقتصادية التي صدرت يوم الجمعة الماضية أكدت بعض التحسن في قطاع التصنيع والخدمات بحسب مؤشرات مديري المشتريات، إلا أن هذه البيانات أشارت إلى استمرار انكماش قطاع التصنيع في منطقة اليورو، وضعف في قطاع الخدمات.

أهم الأحداث

والأسبوع القادم، سنراقب ما سيصدره المسؤولون في اجتماع مجموعة الـ20، وسنراقب أي مستجدات بخصوص العلاقات السياسية بين الدول الكبرى الـ20 في العالم، إلى جانب نظرة كل منها لتأثيرات فيروس كورونا والتحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه العالم.

ويوم الاثنين المقبل، سننتظر بيانات مؤشر إيفو لمناخ الأعمال في ألمانيا، والثلاثاء سننتقل إلى بريطانيا مع جلسة الاستماع للسياسة النقدية من بنك بريطانيا المركزي، ويوم الأربعاء، سنقف من جديد مع بيانات المخزون الأمريكي الذي رغم أنه ارتفع الأسبوع الماضي بأقل من التوقعات، إلا أننا نلاحظ الآن بعض التراكم في المخزون.

وعند وصولنا يوم الخميس، سنستقبل بيانات السلع المعمرة الأمريكية، التي تعتبر من البيانات الاقتصادية المهمة التي توضّح وضع الاقتصاد والإنفاق فيه، ثم أخيراً يوم الجمعة مع مجموعة بيانات مهمة جداً من عديد من الدول، والتي منها بيانات التضخم الأمريكي بحسب مؤشر PCE الذي يستخدمه الفيدرالي الأمريكي لمراقبة التضخم.

وأكد رائد الخضر أنه لا يجب إهمال أبداً أي تصريحات بخصوص فيروس كورونا، أو مستجدات بخصوص انتشاره أو تأثيره على الاقتصاد العالمي، إذ إن أي معلومات جديدة قد تكون ذات تأثير في الأسواق المالية.

الذهب والخام الأسود

ومع تزايد المخاوف وعودتها بقوة للمشهد، توقع جون لوكا مدير التطوير لدى ثنك ماركتس، أن تلك الاضطرابات التي نشهدها حالياً وستستمر وفقاً لمجريات الأحداث العالمية، فإن الذهب مرشح لكسر حواجز مئوية قد تصل به إلى 1800 دولار للأونصة خلال 6 أشهر قادمة حال مواصلة الفيروس الانتشار وعدم السيطرة عليه بشكل كبير وظهور تأثيره على الاقتصاديات الكبرى بشكل أدق.

وقال إن الشكوك التي تحيط بالحرب التجارية بين واشنطن وبكين والانتخابات الأمريكية المقبلة تعزز الاتجاه الصعودي بالذهب خلال عام 2020.

وبنهاية الأسبوع الماضي فضل المستثمرون العزوف عن المخاطرة واقتناص المعدن الأصفر الذي قفز في نهاية جلسة الجمعة الماضية بنسبة 1.8% ما يعادل 28.30 دولار ليصل إلى أعلى تسوية منذ فبراير 2013 عند مستوى 1648.80 دولار للأوقية.

وأما عن النفط الذهب الأسود، توقع جون لوكا أن يتأهب للعودة للهبوط وزيارة مستويات 57 دولاراً للبرميل، ومنه إلى مستوى 55 دولاراً وسط التوقعات بتباطؤ الطلب على الخام.

يشار إلى أنه عند تسوية الجمعة الماضية تراجعت أسعار النفط بنسبة أكثر من 1%. ومن المقرر أن تناقش أوبك وحلفاؤها الوضع في اجتماع بداية مارس.

وخلال الفترة المقبلة تحاول منظمة أوبك إقناع روسيا بالانضمام إلى تخفيضات أعمق في إنتاج النفط فيما قالت موسكو إنها ستكشف عن موقفها في الأيام المقبلة وسط رغبة معظم شركات النفط الروسية تمديد اتفاق أوبك+ للربع الثاني.

وتنفذ أوبك+ منذ الأول من يناير الماضي اتفاقاً لخفض إنتاج النفط بمقدار 1.7 مليون برميل يومياً لمساعدة السوق بينما تعهدت السعودية أيضاً بتخفيضات طوعية قدرها 400 ألف برميل يومياً.

تذبذبات مرتقبة للأسواق الخليجية

وعلى مستوى الأسواق الخليجية، توقع إبراهيم الفيلكاوي المستشار الاقتصادي أن تشهد بعض التذبذبات خلال الأسبوع المقبل مع انتظار توجهات ومستجدات «كورونا» وتأثيرها على الأسواق العالمية. وأشار إلى أنه على الرغم من ارتفاع أغلب الأسواق في جلسة الخميس الماضي نهاية الأسبوع إلا أنها تظل عرضة للضغوط البيعية من الناحية الفنية، مشيراً إلى أن تداول السوق السعودي دون 8070 نقطة، سيبقي فرص عودة الضغوط حتى مستويات 7660 نقطة.

ولفت إلى أن أسعار الأسهم التي وصلت لمستويات مغرية وإعلان الشركات الكبرى عن توزيعات نقدية جيدة ساهما في اتجاه بعض المحافظ لاقتناص مراكز جديدة بالأسهم الكبرى ذات الأداء التشغيلي.

وتوقع أن يستمر الأجانب في تحسين مراكزهم ببعض الأسواق الناشئة بالمنطقة وسيكون منها بورصة الكويت التي تترقب تنفيذ ترقية إم إس سي في مايو المقبل.

عزوف المستثمرين

ومن جانبه، رجح نائب رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية بشركة «كامكو إنفست»، استمرار التذبذبات والحذر في الفترة القادمة لحين ظهور حوافز ومستجدات جديدة بالنسبة للفيروس الصيني.

وقال إن الحذر في الأسواق المالية مع عزوف المستثمرين عن بناء مراكز جديدة على وقع المخاوف من تداعيات فيروس كورونا المستجد في الصين على ثاني أكبر اقتصاد في العالم وعلى معدلات النمو الاقتصادي العالمي.

وأشار إلى أن ذلك في ظل توقع تأثر الشركات الكبرى بتلك الأزمة بشكل كبير وتراجع أرباحها.

واستمرار القلق حيال ذلك الفيروس من شأنه أن يحد من القوة الشرائية في الأسواق مع تراجع أسعار النفط في الآونة الأخيرة. وذكر أن كبرى المؤسسات العالمية توقعت بتراجع الطلب على النفط خلال الربع الأول من عام 2020، الأمر الذي سيؤثر سلباً على اقتصادات المنطقة. ولفت إلى أن ذلك يأتي في ظل استمرار الضغوط على القطاع العقاري حيث تراجعت أرباح شركاته في عام 2019 مقارنة بعام 2018، وذلك نتيجة انخفاض المبيعات ووفرة المعروض.