الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

ما هي انعكاسات تصدر أمريكا لإصابات فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي؟

ما هي انعكاسات تصدر أمريكا لإصابات فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي؟

خبراء يتوقعون استمرار تراجع مؤشر الدولار الأمريكي خلال الأسابيع المقبلة.

لا تزال عاصفة وباء كورونا تضرب الاقتصاد العالمي بقوة وعمق، وليس أدل على ذلك من تحركات البنوك المركزية العالمية بجزم تحفيزات مالية هائلة تبدأ بمليارات الدولارات، ولا تنتهي عند تريليونات الفيدرالي الأمريكي لمواجهة هذا العدو غير المرئي الذى يحمل الركود إلى العالم كله.

ومع نهاية الأسبوع الماضي، تشكلت جراء تفشى كورونا غيوم ثقيلة أمام الاقتصاد الامريكى الأول عالمياً، وتنوعت من احتلال الولايات المتحدة الأمريكية المركز الأول من حيث عدد الإصابات المعلنة رسمياً بأكثر من 100 ألف مصاب مروراً بسعى الفيدرالي الحثيث لضخ أكثر من 2 تريليون دولار في الأسواق، وصولاً إلى نتيجة مهمة بارتفاع طلبات إعانات البطالة إلى مستوى غير مسبوق بنحو 3283 ألف طلب متخطية التوقعات التي كانت تقدر بنحو 1648 طلب فقط.

وأمام تبعات هذا المشهد المضطرب للغاية، سجل الدولار الأمريكي بختام تداولات الجمعة أسوأ أداء أسبوعي له في أكثر من عشر سنوات منذ الأزمة المالية العالمية التي للمفارقة المهمة شهدت حينها ضخ نحو 3.7 تريليون دولار من قبل الفيدرالي الأمريكي لإنقاذ الاقتصاد، وهو ما يكرره الفيدرالي أيضاً في أزمة كورونا 2020 بضخ مماثل يصل أيضاً في إجماله إلى نفس الحجم بنحو 3.7 تريليون دولار قابلة للزيادة.

وقال المستشار الاقتصادي مهدي عبد النبي إن هناك احتمالات لاستمرار تراجع مؤشر الدولار الأمريكي بالأسابيع القادمة التي تعززها عدة عوامل، أولها عزم الفيدرالي الواضح على ضخ المزيد من التريليونات التي قد تصل الى أكثر من 5 تريليونات دولار حتى تتجاوز الأسواق أزمة الوباء الذي اختار لسوء حظ الاقتصاد العالمي البداية بالصين، ثم الولايات المتحدة الأمريكية التي تمثل بؤرته اليوم بخلاف تمدده المرعب في الدول الصناعية السبع الكبرى.

وأوضح أن ثاني تلك العوامل يتمثل في الارتباط الوثيق لاحتياطيات النقد الأجنبي بعملة الدولار الأمريكي التي للمفارقة أيضاً تعادل اليوم في الدول الآسيوية نحو 5 تريليونات دولار تتصدرها الصين مصنع العالم الأول بأكثر من 3.1 تريليون دولار.

وأشار إلى أن ذلك هو الأمر الذي يجب تركيز النظر عليه في الربع الثاني من العام الجاري خاصة بعد قرب استنفاذ الفيدرالي الأمريكي كل السبل المتاحة والمعروفة في دعم الأسواق من تحقيق الفائدة الصفرية، وضخ تريليوناته الهائلة، ليبرز السؤال المهم، وهو «كيف تتصرف الصين تحديدا في احتياطياتها من النقد الأجنبي خلال الفترة المقبلة خاصة عند وقوفها قرب الحد الأدنى للاحتياطيات المقدر لها من قبل صندوق النقد الدولي، وما مدى تأثر حركة الدولار الأمريكي بذلك؟

وأخيراً، أكد محمد مهدي أن الاقتصاد العالمي يبدو أنه مقبل على إعادة هندسة قواه وموازينه المستقرة منذ نصف قرن، مشيراً إلى أن ذلك ما يفعله تقريباً الآن وباء كورونا الذي يقذف العالم بمصطلحات لها دلالات وتأثيرات بالغة من النمو الصفري المرتقب خلال النصف الأول من 2020، مروراً بدخول الاقتصادات المتقدمة فعلياً في مرحلة الركود الفني، وصولاً لكارثة تعاظم الديون العالمية التي يفاقمها كورونا.

وعلى الصعيد ذاته، قال المدير الإقليمي لدى مؤسسة ICM Capital المالية، وائل حماد، إنه قبل شهر من الآن لم يكن أكثر المتشائمين يتحدث عن ركود وشيك قد يضرب الاقتصاد العالمي خلال فترة قصيرة من بداية العام على الأقل، وكانت كل التوقعات تشير إلى تباطؤ قد يحدث على الاقتصاد الصيني والذي سوف ينعكس بشكل طفيف على نمو الاقتصاد العالمي ككل، حيث كانت الإصابات في ذلك الوقت تشير إلى ألف حالة داخل حدود الصين.

وأضاف: «إننا الآن، ومع انتشار المرض في جميع أنحاء العالم، وخروج الأرقام عن السيطرة وخاصة في الدول المتقدمة والتي تعتبر قاطرة للنمو العالمي، بدأنا نتحدث على ركود حتمي للاقتصاد العالمي هذا العام بتأكيد من صندوق النقد الدولي، ولربما تتضارب الآراء حول تحول هذا الركود إلى مرحلة كساد لم يشهدها العالم منذ 1929 (فترة الكساد العظيم)».

وأوضح أن الإجراءات الاستثنائية والضرورية لمكافحة الفيروس التاجي بدأت من إعلان حالات الطوارئ في جميع أنحاء الكرة الأرضية، وإغلاق المدن والعواصم الرئيسية، وتعطيل حركة الطيران الدولية، وتوقف جميع مفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية.

وأشار إلى أن الأسباب الرئيسية لتعطيل عجلة الاقتصاد العالمي من توظيف وإنتاج واستهلاك، حيث من المقدر أن يفقد العالم هذا العام ما يقارب 3 تريليونات دولار من الدخل لا سيما عن فقدان ما يقارب 25 مليون وظيفة في الاقتصادات المتقدمة، الأمر الذي سوف ينعكس بشكل سلبي على معدلات النمو العالمية المتواضعة في الأصل قبل هذه الأزمة الصحية.

وأكد أن الاقتصاد العالمي من الحروب التجارية إلى التوترات الجيوسياسية إلى أزمة صحية غير متوقعة نجد أنفسنا اليوم أمام معضلة خطيرة، ولفت إلى أنه في ظل هذه الأزمة، وبالرغم من من تحركات البنوك المركزية لتأمين السيولة اللازمة في إجراءات استثنائية، ورغم تباطؤ الطلب على الدولار من الطرف الصيني، حيث إن الإنتاج الصيني شبه معطل إلا أننا شهدنا تدافعاً غير مسبوق من قبل المستثمرين على حيازة الدولار الأمريكي ولا سيما مع الانهيارات الكبيرة التي حدثت على أسواق الأسهم العالمية بشكل عام وأسواق الأسهم الأمريكية بشكل خاص تغطية المراكز لتفادي الخسائر الكبيرة.

وكانت جميع العوامل داعمة للدولار، وعلى جميع الاصعدة، فمن منطلق الدخول عليه كملاذ آمن تقليدي في ظل الأزمات إلى استمرار مستثمري السندات العالمية في ضخ الأموال إلى الصين، مستمدة من أسعار الفائدة التي لا تزال مرتفعة بينما بدأت البنوك المركزية في أماكن أخرى في خفض تكاليف الاقتراض.

وأشار إلى انخفاض حاد في السفر إلى الخارج بسبب انتشار الفيروس، أدى إلى غياب طلب الأسر على النقد الأجنبي قد ساعد على تقليل المنافسة على الدولار، كلها عوامل دفعت الدولار إلى مستويات قياسية في الأسبوع الماضي قبل أن يتراجع بقوة هذا الأسبوع إلى مستوى آخر يعكس درجة تأثير السيولة القادمة من الحزمة اليسيرة التي تم إقرارها يوم الجمعة بأغلبية الكونجرس الأمريكي والتي من المفترض أن تدعم اقتصاد الولايات المتحدة بسيولة نقدية تتراوح ترليوني دولار، وتعهد الرئيس ترامب مع المسؤولين بأنه لا مزيد من الدعم إذا اضطر الأمر إلى ذلك.