الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

هل يقضي كورونا على الصناعات البلاستيكية؟

هل يقضي كورونا على الصناعات البلاستيكية؟

الصناعات البلاستيكية تُهدد البيئة والمناخ من زمن بعيد!

منذ أن بدأ فيروس كورونا المستجد بالتفشي والناس تتساءل عن الطرق التي يتفشى بها هذا الوباء بين الناس وعن كيفية انتقال العدوى، ظهرت عشرات التنبؤات والأقاويل عن انتقال العدوى والأسطح التي تلازم حياة البشر اليومية، وقد تكون ناقلاً إيجابياً للعدوى فيما بينهم.

في بداية تفشي كوفيد-19، نشر عدد من الصحف والدوريات المختصة بالصحة تقارير توضح طُرق انتقال العدوى على الأسطح، وأبرز تلك التقارير، كان لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، حيث أكدت أن البلاستيك والفولاذ المقاوم للصدأ هي أكثر الأسطح التي تستقبل الفيروس عليها، لمدة قد تصل إلى 3 أيام، حيث تبقى جزيئاته فعالة على هذه الأسطح طوال هذه المدة.



كورونا والبلاستيك..

وأثناء فترة انتشار كورونا عمل باحثون في أحد مختبرات المعهد الوطني للفيروسات في هاميلتون، في ولاية مونتانا بالولايات المتحدة الأمريكية، على تقرير يساعد على فهم ماهية الفيروس وأساليب انتشار طرق العدوى والتفشي.

إحدى التجارب التي عمل عليها الفريق البحثي كانت تتضمن نشر الفيروس فوق أسطح خامات يكثر تواجدها في المنازل والمستشفيات والمرافق العامة، سعياً للتأكد من مدة احتفاظه بخواصه التي تسبب العدوى وتنشرها، التجربة أظهرت لهم أن الجرثومة استمرت حية لفترة أطول فوق البلاستيك والفولاذ لمدة تصل إلى 3 أيام!

تأكيد مساهمة البلاستيك في نقل العدوى وانتشار الوباء، جعلت مئات الناشطين يتحدثون عن مضار هذه المادة من جديد، بعد أن كانوا يحذرون منها ويواجهون البلاستيك لسنوات، وهم يدعون إلى الحد من استخدامه لما له من آثار سلبية على البيئة، فهو مادة تُصنع من مشتقات النفط، وعملية تصنيعها تتطلب استخدام كميات هائلة من الغاز الطبيعي والطاقة، ما يجعلها سبباً لهدر الكثير من الموارد، إذ يُعد البلاستيك من أكبر ملوثات البيئة، وذلك يعود لانبعاثات الغاز التي تصدر منه والمواد المضرة بالمناخ التي ينتجها، وتسريبه لمواد كيمائية تضر بالبيئة والحياة البشرية، بدءاً من عملية التصنيع الأولى مروراً باستخدامه، وصولاً إلى مرحلة التخلص منه.

العالم يحارب البلاستيك قبل «عهد الكورونا»

التأكيد المستمر على أضرار البلاستيك، كان وراء تطبيق عشرات البرامج المختصة بالحد من استخدام البلاستيك، وتوعية المجتمعات حول أهمية إعادة تدويره.

وهذا ما عملت عليه برامج حكومية متخصصة كالسويد على سبيل المثال، إذ فرضت الحكومة ضرائب عالية على استخدام البلاستيك في أراضيها، إذ سيبدأ تطبيق الضريبة في بداية مايو 2020، حيث من المتوقع أن يصل سعر الكيس البلاستيكي إلى قرابة الدولار الأمريكي بما يعادل العملة المحلية «الكرونة».

جاء هذا القرار بعد إحصائية بينت استهلاك الفرد الواحد في السويد لحوالي 100 كيس من البلاستيك سنوياً، ويتوقع بأنه بعد فرض الضريبة أن يتم تقليل الاستخدام إلى حوالي 40 كيساً للشخص الواحد سنوياً بحلول عام 2025 وفقاً لتوجيهات الاتحاد الأوروبي.

وفي اليابان عزمت الحكومة على تطبيق قوانين صارمة لمواجهة البلاستيك، بعد أن كشفت وزارة البيئة اليابانية في يونيو الماضي 2019 عن تخطيطها لحظر تداول الأكياس البلاستيكية المجانية في المتاجر للقضاء على التلوث داخل البلاد.

في ذلك الوقت قال وزير البيئة الياباني يوشياكي هارادا- لوكالة الأنباء اليابانية الرسمية «كيودو» إن الوزارة تسعى لتطبيق قانون جديد لحظر ممارسة توفير الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد بشكل مجاني مع الإبقاء على تحديد ثمن الكيس البلاستيكي لتجار التجزئة؛ وأوضح آنذاك أن هذا القرار لاقى ترحيباً من رئيس الوزراء الياباني.

وفي المنطقة العربية، وقالت هيئة البيئة الحكومية في أبوظبي إنّها أطلقت «سياسة لخفض استهلاك المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة تدريجياً وصولاً إلى حظر استخدام الأكياس البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة عام 2021».

وكان هناك عدد من الدول حظرت استخدام الأكياس البلاستيكية في أوقات مبكرة، إذ تحارب رواندا التي حظرت استخدام الأكياس البلاستيكية منذ عام 2008، باستمرار قضية تهريب الأكياس البلاستيكية. كما قامت كينيا بتطبيق حظر البلاستيك في أغسطس 2017. وأيضاً حظرت فرنسا ونيوزيلندا وتايوان الأكياس البلاستيكية، وأصدرت الصين قراراً لحظر أكياس البلاستيك في يناير 2019.

هذه القرارات وغيرها التي تواجه استخدام البلاستيك، لاقت ترحيباً من الأمم المتحدة التي أكدت على أضراره البلاستيك مراراً، وذلك من خلال «برنامج الأمم المتحدة للبيئة» الذي يعمل على استراتيجيات مختلفة مع الدول الداعمة سعياً للمساهمة في الحد من أضرار هذه المادة، وأطلقت حملة بعنوان التغلب على التلوث البلاستيكي التي صادفت يوم البيئة العالمي في 2018، عطفاً على عملها على عشرات المبادرات التي تواجه البلاستيك في العالم بما يتوافق مع هدفها في«توفير القيادة وتشجيع الشراكة في رعاية البيئة من خلال إلهام وإعلام وتمكين الأمم والشعوب لتحسين نوعية حياتهم دون المساس بأجيال المستقبل».

كورونا.. الضربة القاضية للبلاستيك!

لم يكن العالم في انتظار كورونا ليخبره عن مدى التلوث الذي تسببه هذه المادة وتأثيرها السيئ على البيئة، فالمنظمات الصحية والهيئات المجتمعية لا تتوقف عن التحذير من استخدام البلاستيك وتواجه انتشاره، وتؤكد على نجاعة استخدام بدائله العديدة والمتوفرة بكثرة، ومواجهة البلاستيك بكافة أضراره التي تبدأ من مرحلة تصنيعه الأولى.

الناس اليوم أدركوا أن البلاستيك لم يكن يوماً فقط مضراً بالبيئة، فها هو سبب رئيس في انتشار وباء كورونا عن طريق بقاء الفيروس على سطحه لأيام ليكون سبباً في إصابة الآلاف.

فهل يكون كورونا الذي قد يكون حتى اللحظة هو أحد أشرس الحروب التي تواجهها البشرية في القرن الـ21، سبباً يساهم في القضاء على الصناعات البلاستيكية؟