الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كورونا يوجِّه الحكومة الجزائرية لاستنزاف احتياطي الصرف أو الاستدانة الخارجية؟

كورونا يوجِّه الحكومة الجزائرية لاستنزاف احتياطي الصرف أو الاستدانة الخارجية؟

بورصة الجزائر بالعاصمة. (أرشيفية)

تواجه الحكومة الجزائرية ارتدادات انهيار أسعار النفط في السوق العالمية، المتزامنة مع تفشي وباء كورونا، الذي زاد في تردي الوضع الاقتصادي في بلد ضاقت الخيارات المتاحة أمام حكومته للتعامل مع الوضع على المدى القصير والمتوسط.

ويرى الخبير الاقتصادي نزيم زويوش المدير العام السابق لشركة النفط الجزائرية «سوناطراك» الحكومية، في تصريح لــ«الرؤية» أنه سبق وأن حذر مع خبراء آخرين من الوصول إلى الوضعية المالية الصعبة، وذلك في 2014 قبل أن تبدأ أسعار النفط في فقدان استقرارها في السوق الدولية.

وقال من بين ما نادى به تغيير الاقتصاد بالتوجه نحو الفلاحة خاصة في ميدان الحبوب وتقوية إنتاج القمح، لأن الجزائر تمتلك المؤهلات الفلاحية خاصة لشعبة الحبوب.

كما دعا إلى التحول نحو الطاقات المتجددة، خاصة إنتاج الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، حيث تمتلك الجزائر القدرات لإنارة أوروبا، وتأسف لكون الصناعة لا تساهم حالياً، إلا بنسبة 4% من الناتج القومي، في وقت كان النسيج الصناعي يساهم بنسبة 20% في سنوات الثمانينيات، حيث دعا إلى تطويرها.

غير أن هذه الحلول التي اقترحها زويوش نتائجها المتوخاة يمكن قطفها على المدى الطويل، أما ما هو متاح حالياً أمام حكومة جراد، استغلال الإمكانات المالية التي يتيحها سوق النفط والمداخيل من الجباية البترولية.

يذكر أن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، قد وعد بتغيير النمط الاقتصادي الجزائري الذي يعتمد على قطاع المحروقات في مداخيله بنسبة 93% بعد انتخابه في 12 ديسمبر الماضي رئيساً للبلد.

ومنذ تولي تبون الرئاسة، بدأ سعر النفط ينخفض إلى ما دون المستوى الذي تتحمله الميزانية التي يقرها قانون المالية الذي يعتمد في إعدادها على سعر مرجعي لبرميل النفط بــ50 دولاراً للبرميل.

ولما باشر تبون مهامه وشكل حكومته ووعد بتدابير تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، كان سعر برميل النفط في حدود 65 دولاراً، وبدأ سعره يتهاوى إلى أن وصل إلى أدنى مستوى له منذ استحداث السلة في 2005، ببلوغه في أول أبريل 16.87 دولار للبرميل.

ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة ميلة شرق الجزائر مصباح حراق، أن هامش المناورة المتاح أمام حكومة جراد لمعالجة الوضع في الآجال القريبة ضيق جداً.

وقال في تصريح لــ«الرؤية» أن الحكومة أمام خيارين إما استنزاف احتياطي الصرف المقدر بــ60 مليار دولار، أو اللجوء إلى المديونية الخارجية. ويفضل الأستاذ مصباح في الوضع الحالي، اللجوء إلى المديونية الخارجية على استنزاف احتياطي الصرف، على عكس العديد من الخبراء الذين لا ينصحون بالاستدانة الخارجية التي تفقد الدولة قوتها على المستوى الدولي ويفضلون استعمال احتياطي الصرف.

وعلل ذلك أن 60 مليار دولار سيتم استهلاكها في أقل من سنتين، ثم ستُضطر الحكومة الجزائرية إلى اللجوء إلى الاستدانة الخارجية بجدارة ائتمانية منعدمة.

ويمثل حسبه مبلغ 60 مليار دولار الذي يضمنه احتياطي الصرف حالياً، جدارة ائتمانية محترمة تسمح بالتفاوض مع البنك الدولي أو المصارف الدولية المختلفة، وهي فرصة في الوقت الحالي، وقد تنعدم في المستقبل، خاصة إذا بقي سوق النفط متدنياً، الأمر الذي سيبقي الميزانية عاجزة.

أما جباية الضرائب التي تعد المصدر الثاني للدخل الجزائري، فإنها هي الأخرى تعاني عجزاً، ويرى الأستاذ مصباح المختص في الميزان الجبائي، أن الجباية العادية خارج الجباية البترولية حققت في 2019 ما يقارب 3400 مليار دينار جزائري، ما يعادل 26 مليار دولار أمريكي، ولكي تحقق الحكومة الأمان المالي، وجب عليها تدارك العجز بتحصيل 2000 مليار دينار جزائري أخرى ما يعادل 15 مليار دولار، بتحصيل في السنة الجارية حوالي 5500 مليار دينار جزائري ما يعادل 42 مليار دولار.

وتبدو هذه المهمة صعبة في ظل تراجع النشاط الاقتصادي، المتأثر بتفشي وباء كورونا المتحور، حسب نفس الخبير، حيث ستجد الحكومة نفسها أمام مرافقة الشركات المتضررة بفعل إجراءات الحجر الصحي، وستقر تدابير متعلقة بالإعفاءات أو التسهيلات الضريبية، وهو ما سيؤثر على التحصيل الضريبي، ولا يسمح هذه السنة بالوصول إلى الأمان المالي.

ويقترح في هذ المجال على الحكومة، تحقيق الانضباط المالي وترشيد النفقات، وسرعة امتصاص السوق السوداء أو الموازية، وتفعيل الاقتصاد المتنوع على المدى البعيد.

وقد بلغت صادرات الجزائر خلال سنة 2019 حدود 35.82 مليار دولار، الأرقام التي نشرتها إدارة الجمارك في وقت سابق، مقابل واردات قدرت بــ41.93 مليار دولار.

ومثل قطاع المحروقات حصة الأسد من صادرات البلاد بنسبة 92.80%، قدرته نفس المصالح بـ33.24 مليار، في حين بلغت صادراتها من القطاعات الأخرى 2.58 مليار دولار، وهي نسبة ضئيلة جداً في رأي الخبراء لا تعكس أبداً إرادة بلد يتحدث خبراؤه منذ زمن على ضرورة التخلص من التبعية لقطاع المحروقات.