الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«الفيديو عند الطلب» يعوض هوليوود عن خسائر كورونا

مع انتشار فيروس كورونا فى معظم أنحاء العالم، وتأثر العديد من الصناعات فى كل مكان، وجدت هوليوود عاصمة الإنتاج السينمائى العالمى نفسها فى واحدة من أعقد الأزمات التى مرت عليها على مدار التاريخ، فمع إغلاق دور العرض السينمائى فى معظم أنحاء العالم، وكذلك حالة العزل التى فرضتها العديد من الدول على مواطنيها، تأجل إطلاق عشرات الأفلام الجديدة وتوقف العمل فى العديد من المشاريع الأخرى، والأسوأ من ذلك أن بعض الأفلام التى كان من المفترض عرضها خلال الأسابيع الماضية أنفق منتجوها عدة ملايين من الدولارات على حملات التسويق التى ذهبت أدراج الرياح.

ويقدر خبراء الصناعة أنه إذا استمرت الأزمة الحالية حتى شهر مايو، فإن خسائر السينما سوف تقدر بنحو 20 مليار دولار، وأن الأمور سوف تتفاقم مع استمرار حالة الإغلاق أطول من ذلك، بالإضافة إلى تأثر بعض الاقتصادات المحلية والإقليمية حيث يضخ إنتاج الأفلام الأموال فى العديد من الشركات المحلية، ويتم توظيف الكثير من كوادر الفنيين الذين توقفوا عن العمل تماماً فى تلك المرحلة.

هذا الموقف جعل بعض الاستوديوهات تفكر فى الفرص المتاحة لاسترداد بعض الأموال من خلال قرارات غير مسبوقة تعتمد بشكل أساسى على استغلال المنصات الرقمية الشهيرة مثل «نتفليكس» أو «هولو»، أو بشكل أكبر خدمات الفيديو عند الطلب VOD مثل «أمازون برايم» أو «آى تيونز»، وأخيراً شبكات تلفزيون الكابل مثل كومكاست وغيرها، وذلك لتأجير الأفلام الجديدة للمشاهدين قبل نزولها إلى دور العرض السينمائى وهى خطوة طالما عارضتها الاستوديوهات أو دور العرض السينمائى بقوة فيما سبق.


حتى ما قبل اجتياح كورونا العالم كانت سلاسل دور العرض الشهيرة فى الولايات المتحدة مثل AMC تعارض بشدة إتاحة الأفلام رقمياً فى وقت عرضها سينمائياً، وكانت هذه السلاسل تجادل فى أن الأفلام الجديدة إذا وصلت إلى الناس فى منازلهم أولاً فلن يذهبوا إلى دور السينما على الإطلاق، وأن هذا الخيار لو تمت إتاحته فسوف تتغير طريقة توزيع السينما إلى الأبد.


رفض دور العرض لهذه الفكرة اتخذ أسلوباً أكثر صرامة فى بعض الحالات، حيث حاولت شركة «يونيفرسال» تقديم هذه التجربة فى عام 2011 مع فيلم «تاور هايست» للمثل إيدى ميرفى، وأعلنت أنه سيكون متاحاً للإيجار مقابل 60 دولاراً قبل عرضه سينمائياً، ولكنها اضطرت للتخلى تماماً عن هذه الفكرة بعد أسبوع واحد بعد تهديد سلاسل العرض السينمائى بمقاطعة أعمال الشركة إن أقدمت على تلك الخطوة. ولكن هذا الأمر كان فى زمن يختلف تماماً عن زمن كورونا.

الآن، قامت شركة «ديزنى» بإطلاق فيلم «فروزن 2» على منصتها الرقمية قبل أشهر من موعد إطلاقه السينمائى المحدد، كما تتفق شركة بارامونت مع منصة نتفليكس لمنحها حقوق عرض «ذا لف بيردز» الذى كان من المقرر عرضه سينمائياً فى 3 أبريل الماضى، أما شركة يونيفرسال فقد استقرت على تقديم 3 من أعمالها الجديدة عبر خدمات الدفع مقابل المشاهدة وذلك مقابل 20 دولاراً للفيلم الواحد وهو ما يقرب من متوسط سعر التذكرة فى دار السينما.

كما أطلقت الشركة أيضاً العرض الأول لفيلم «ترولز وورلد تور» عبر خدمة الفيديو مقابل الطلب يوم 19 إبريل وهو اليوم الذى كان من المقرر إطلاقه فى قاعات العرض.

وحتى الآن تبدو هذه الاستراتيجية ناجحة فى تقليل الخسائر وتحقيق بعض الإيرادات، ويكفى للتدليل على ذلك أن نذكر أن أفلام يونيفرسال الثلاثة التى تم إطلاقها بخدمة الفيديو عبر الطلب لم تستغرق أكثر من ساعات قليلة حتى تحتل مراكز الصدارة الأولى فى قوائم «آى تيونز» للأعمال الأكثر مشاهدة، ولا يبقى سوى أن نرى كم ستحقق الاستوديوهات من نموذج التأجير عبر المنصات الرقمية وما إذا كان الأمر سيؤثر على استراتيجيات العرض بعد انتهاء كورونا.

الأرقام التى تحققت تبدو مبشرة بشكل كبير، فطبقاً لموقع «ديدلاين» الإلكترونى المتخصص فى تغطية صناعة السينما، تمكن فيلم «ترولز ورلد تور» من تحقيق أفضل عائد فى تاريخ الأفلام من العرض الرقمى فى يوم طرحه الأول، وعلى الرغم من أن شركة يونفرسال لم تصدر أرقاماً رسمية حول الإيرادات إلا أن مصادر الصناعة تقول إن الفيلم حقق إيرادات 10 أضعاف ما حققه فيلم «جوراسيك وورلد: ذا فولن كينجدوم» الذى كان يتربع على قائمة أفضل الإيرادات من العرض الرقمى، وهو ما يعنى أن فيلم «يونيفرسال» حقق 20 مليون دولار من الإيرادات فى اليوم الأول لإطلاقه عبر المنصات الرقمية.

بطبيعة الحال، المقارنة بين إيرادات الفيلمين غير عادلة خاصة أن طرح «جوراسك وورلد» على المنصات الرقمية تم بعد أن تجاوزت إيراداته المليار دولار فى دور العرض، ولكن فى كل الأحوال فإن ما حققه «ترولز» من خلال خدمة الفيديو عبر الطلب يوازى الإيرادات العالية التى يحققها أحد الأفلام الناجحة عند عرضها بشكل تقليدى، الأمر الذى يعنى أن رهان «يونيفرسال» على توزيع الفيلم إلكترونياً خلال تلك الظروف هو رهان رابح.

ويقول ديفيد غروس خبير التسويق فى هوليوود فى تصريحات لصحيفة «نيويورك تايمز» إنه فى الظروف العادية تأتى 60% من إيرادات الأفلام من العرض السينمائى داخل دور العرض، بينما تأتى الـ40% الباقية من حقوق بيع الترفيه المنزلى مثل التأجير الرقمى وحقوق النشر على أقراص DVD وغيرها، وهذه الوسيلة هى الأكثر ربحية للمنتج حيث تصل 80% من حقوق البيع الرقمية إلى الاستوديو مباشرة.