الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الروبوت نجم جديد في هوليوود

الروبوت نجم جديد في هوليوود

الروبوت إيريكا فى جلسات التدريب

في الوقت الذي تحاول فيه صناعة السينما في هوليوود استعادة نشاطها بعد التوقف الإجباري خلال فترة انتشار جائحة «كورونا» تستعد إحدى الشركات للانطلاق بفيلم جديد من نوعية الخيال العلمي ومن بطولة ممثلة آمنة تماماً من الإصابة بالفيروس، لأنها بكل بساطة عبارة عن روبوت متطور يعمل بالذكاء الاصطناعي. وبينما تقتحم «الروبوتات» مختلف المجالات الصناعية في تلك الفترة، تبدو تجربة الروبوت «إيريكا» هي الأولى من نوعها في هذا المجال.

المشروع هو فيلم يحمل عنوان b وينتمي إلى نوعية أفلام الخيال العلمي بكلفة إنتاجية تصل إلى 70 مليون دولار، تشرف عليها شركة «بوند إت ميديا كابيتال» التي قدمت من قبل عدداً من الأفلام الناجحة، ويقول «ماثيو هيلدرمان» الرئيس التنفيذي للشركة إنه في اللقاء الأول مع إيريكا عبر الفيديو كونفرانس قام بسؤالها عدة أسئلة كما يحدث في اللقاءات مع الممثلات في المشروعات المختلفة، وأجابت الروبوت المتطور عنها ببساطة وبشكل طبيعي.

إيريكا هي نتاج عمل عالم الروبوت الياباني في جامعة أوساكا «هيروشي إيشيجيرو»، الذي كان يرغب في صناعة «أجمل امرأة في العالم» اعتماداً على صور المتسابقات في نهائيات ملكة جمال الكون، كما كان يرغب في أن تكون الروبوت الأكثر إنسانية في الوجود. ولكن إيريكا جاءت أكثر من مجرد وجه جميل بإمكانياتها المتطورة، التي جعلتها الشخصية المحورية في أول فيلم هوليوودي يتعاقد مع روبوت يعمل بالذكاء الاصطناعي لبطولة أحد الأعمال السينمائية.

وعلى الرغم من ملامحها التي لا تشوبها شائبة، وابتسامتها المشرقة، إلا أن عينيها من البلاستيك بشكل واضح، أما صوتها باللكنة البريطانية المركبة فإنه يبدو ذا نغمة معدنية طفيفة تعطي إحساساً أنها تتحدث من داخل أنبوب. وعندما تمشي فإن حركة مفاصلها بضغط الهواء تظهر وكأنها تعطي حركة بطيئة من حركات الروبوت العادي. ولهذا السبب فمن المتوقع أن يتم تصوير غالبية مشاهدها وهي تجلس دون حركة. إلا أنها تتميز بميزة ضخمة مقارنة بالممثلين البشريين في الفيلم، وهي أنها تمتلك مناعة ضد فيروس كورونا.

الشعور الإنساني

يحلم «إيشيجيرو» بعالم مليء بروبوتات مثل إيريكا، بداية من النادل الذي يقدم القهوة في الصباح، إلى مراسلة التلفزيون التي تقدم الأخبار الليلية، وحتى موظفة الاستقبال في عيادة الطبيب. وبطبيعة الحال، يستطيع الخبير الياباني أن يصنع روبوتات ذكية للغاية تمشي وتتحدث، لكنه في الوقت نفسه يسعى للوصول إلى درجة من الدقة تجعل المتفاعل مع الروبوتات ينسى أنهم ليسوا بشراً.

قام إيشيجيرو بتطوير إريكا بهدف إنشاء روبوت لا يرتبط به الناس فحسب، بل يثقون به ويشعرون بالعاطفة تجاهه، مؤكداً أنه كلما استطاع أن يجعلها تبدو أكثر إنسانية كلما زادت ثقة الناس بها. وعندما كشف عنها النقاب للمرة الأولى عام 2015، كانت وقتها الأكثر تطوراً بين عشرات الروبوتات التي أنتجها خلال مسيرته المهنية والتي شاركت في مسرحيات وغنت في مراكز التسوق، وحتى وصل بعضها لتقديم الأخبار.

ولذلك، فخلال رحلة بحث «سام خوزي» أحد منتجي فيلم b عن روبوت ليقوم ببطولة فيلم سينمائي في عام 2017 قام بمشاهدة العديد من نماذج الروبوتات من شركات مختلفة، ولكن في اللحظة التي التقى فيها مع إريكا شعر أنها البطلة التي يبحث عنها. ويقول خوزي عن هذا اللقاء: "كانت تبدو شبيهة تماماً بالبشر، وحتى في أدق التفاصيل مثل حركة اللسان أو جفون العين".

عرض مقنع

عندما قام خوزي بعرض مشروع الفيلم على هيلدرمان منذ عامين، لم يكن هناك شك أن الممثلة الروبوت كانت هي نقطة الجاذبية الرئيسية. ويقول هيلدرمان الذي تتضمن أعمال شركته فيلم «تو ذا بون» الذي تعرضه شبكة نتفليكس، إن الفيلم الجديد يتضمن قصة خيال علمي لم تكن لتجذبه على الإطلاق دون وجود البطلة الروبوت. وفي القصة التي كتبها خوزي، تلعب إريكا دور b وهي امرأة آلية ذات ذكاء خارق يمكنها أن تتدفق إلى عقل أو جسد أي مضيف بشري، ويتابع الفيلم جهود صانعها للسيطرة عليها بعدما تصبح واعية لذاتها.

والمثير أن الروبوت إريكا كان قد تم اختيارها في الأصل لتلعب دور البطولة في مشروع آخر من إخراج «توني كاي» ولكن المشروع صادف عدداً من المشاكل جعلت المنتجين يتخلون عنه. أما مشروع فيلم b فلم يتم تحديد مخرج له حتى الآن رغم أن فريق العمل قام بتصوير عدد من مشاهد إيريكا في اليابان العام الماضي، ويأمل الفريق في إنهاء باقي المشاهد في أوروبا الصيف المقبل.

مدرسة التمثيل

يحكي هيلدرمان أنه عندما التقى إريكا، لم تكن لديها أي مهارات تمثيل، وأنها لم تفهم ماهية هذه العملية أصلاً، وكان الأمر يشبه تعليم الطفل كيفية الاستجابة للمواقف المختلفة، حيث قام الفريق بتدريبها على الأداء التمثيلي لفترة عامين من الجلسات اليومية باستخدام ما يطلق عليه طريقة «مارلون براندو»، وبينما يعتمد الممثلين على تجاربهم الخاصة في الحياة لابتكار ملامح الشخصية السينمائية، لم يكن هذا الخيار متاحاً مع الروبوت إريكا التي لا تمتلك أي تجارب خاصة في الحياة، وكان البديل هو تدريبها على محاكاة الممثلين الآخرين.

لم تكن العملية سهلة على الإطلاق، وكانت الروبوت تطرح أسئلة من قبيل: «لماذا أقول هذه الجملة بصوت عالٍ أو أكثر نعومة؟»، أو «لماذا أفعل هذا الشيء عندما تكون الكاميرا موجودة، ولكن ليس في عدم وجودها؟».

ومع ذلك لم تكن المشكلة تتعلق بحفظ الحوار على الإطلاق، حيث كانت إيريكا تتقن الجمل على الفور، ولكن الأمر استغرق شهوراً حتى تفهم ما الذي يعنيه كل سطر وكل موقف، مع تعزيز الحوار بلغة الجسد، ويقول خوزي إنهم علموها الحوار لأحد المشاهد في جلسة، ثم عملوا على العواطف ولغة الجسد في جلسات أخرى.

بالطبع هناك حدود لما يمكن لإيريكا القيام به، فهي لا تستطيع الارتجال، إلا أن هيلديرمان يقول إنها ترتجل ضمن بعض الحدود، ولكن بكل تأكيد لا تقدم ارتجالاً انسيابياً مثلما يقوم به الممثل البشري. وعلى عكس الممثل التقليدي سوف يتعين عليها إقناع الجمهور حتى لا يرفضها.

في عام 1970 ابتكر عالم الروبوتات الياباني «ماساهيرو موري» نظرية أطلق عليها اسم «الوادي الغريب» والتي تقول إنه كلما ظهر الروبوت أكثر إنسانية كان رد فعل البشر تجاهه أكثر إيجابية، ولكن إذا كان التشابه قوياً جداً فإن الروبوت يمكن أن يثير إحساساً بالغرابة والاشمئزاز. بينما أشار «كارل ماكدورمان» الأستاذ في جامعة إنديانا، إلى أنه لا يزال من غير الواضح بالضبط ما يحفز نظرية «الوادي الغريب» فقد تشمل تلك العوامل نسب الوجه والجسم، وسرعة وطبيعة الكلام، وانسيابية حركة الروبوت.

وقال أيضاً إن عدم التعاطف في مواجهة الأعداء يمكن أن يكون ميزة إضافية للأشرار في الرسوم المتحركة، أو الكائنات الغريبة مثل «غولوم» في فيلم «سيد الخواتم» باستخدام عدم ارتياح المشاهد لمصلحتهم، مؤكداً أنه ليس من المفترض أن يتعاطف المشاهد مع «غولوم» على سبيل المثال، إلا أن هذا الأمر يحدث أحياناً.

الطريق الطويل

يقول هيلدرمان، إنه بينما تنتظر إيريكا مشاركة باقي النجوم في الفيلم، فهي تواصل التدريب والتعامل مع الممثلين المحليين الهواة، وأن التأثير السلبي لفيروس كورونا قد أثر على جداول ومواعيد التصوير، ولكن الروبوت ستكون جاهزة عندما يحين الوقت.

وبينما يتطلب السيناريو وجود 3 ممثلين في أدوار رئيسية، إلا أن فريق العمل يبحث أيضاً خيار استخدام روبوتات أخرى لدعم بعض الأدوار، ولهذا السبب يدخل الفريق حالياً في مفاوضات لتوظيف روبوتات أخرى للعمل في الفيلم.

ولكن في كل الأحوال ما يزال الطريق طويلاً أمام إيريكا للتنكر في شكل البشر الطبيعيين ومحاكاتهم، فهي تتحدث اللغتين اليابانية والإنجليزية، كما يمكنها الحديث مع شخص غريب باللغة اليابانية لمدة 10 دقائق حول أكثر من 80 موضوعاً مختلفاً، ومع ذلك يقول إيشيجورو إنهم ما زالوا يعملون من أجل الوصول إلى محادثات أعمق أو تشمل المزيد من الأشخاص.

ويؤكد العالم الياباني أن «الآلات التي يستخدمها البشر تصبح أكثر إنسانية بمرور الوقت، لذا فإن أهم سؤال بالنسبة لنا هو: ما هو الكائن البشري؟».

تمثل هذه التجربة مجالاً جديداً لاستبدال البشر بالآلات في واحدة من المهن التي تتطلب قدراً كبيراً من الذكاء والمشاعر والارتجال، ونجاحها سيعني اكتساب الروبوتات المتطورة أرضاً جديدة كانت حكراً على البشر منذ بداية التاريخ.

عناوين جانبية

شركة إنتاج تمنح دور البطولة في فيلم سينمائي بميزانية 70 مليون دولار لروبوت متطور يعمل بالذكاء الاصطناعي

«إيريكا» تتكلم اللغتين اليابانية والإنجليزية بطلاقة وتستطيع إدارة حوار كامل مع أي شخص حول 85 موضوعاً

فريق العمل يقوم بتدريب إيريكا على التمثيل لمدة عامين باستخدام طريقة محاكاة أساليب مشاهير النجوم