الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

تحالف تكنولوجي لتأمين انتخابات أمريكا

تحالف تكنولوجي لتأمين انتخابات أمريكا

مع اقتراب ساعة الحقيقة في الانتخابات الأمريكية، تزداد المخاوف من إمكانية التلاعب في النتائج خاصة مع الاعتماد غير المسبوق على التكنولوجيا في العملية الانتخابية، في الوقت نفسه يحاول عمالقة شركات التكنولوجيا اتخاذ أقصى درجات الاحتياط ضد أي تلاعب محتمل خاصة وأنها المتهم الأول في تسهيل عمليات التلاعب الواسعة التي صاحبت الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة في 2016، وخلال الأسبوع الماضي أعلنت فيسبوك وغوغل وعدد من الشركات التقنية تشكيل جبهة واسعة وقوية لتأمين الانتخابات التي ستُجرى في نوفمبر المقبل، وأنها ضمن هذه الجهود التقت بالعديد من الوكالات الحكومية لتنسيق تلك الجهود.

تلك المجموعة، التي تحاول منع التدخلات الأجنبية في نتائج الاقتراع، كانت تتألف في السابق من بعض شركات التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي الكبرى ومن بينها تويتر ومايكروسوفت بالإضافة إلى فيسبوك وغوغل لكنها أضافت مؤخراً عدداً من المشاركين الجدد، ومن أجل التحرك بشكل عملي اجتمعت هذه المجموعة الأسبوع الماضي مع ممثلين من وكالات إنفاذ القانون الحكومية، كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووزارة الأمن الداخلي، والمخابرات الوطنية وغيرها، وذلك لتبادل الأفكار حول حملات التضليل والخداع التي يمكن تنفيذها باستخدام خدمات الشركات التقنية.

والحقيقة، أنه على مدار السنوات الأربع الماضية، جرت الكثير من المناقشات وتبادل الأفكار بين شركات التكنولوجيا والوكالات الحكومية، وقدمت بعض الشركات الكثير من المعلومات حول حملات المعلومات المضللة، والأخبار الزائفة، والكثير من التهديدات الانتخابية الأخرى، إلا أن تلك الحملات والجهود كانت في النهائية عشوائية تماماً، الأمر الذي تحاول الشركات الآن تغييره من خلال تنسيق الجهود وتوزيع العمل حتى يثمر في النهاية عن نتائج واضحة.

وقال متحدث باسم المجموعة في بيان صحفي، إنهم في إطار الاستعدادات للانتخابات المقبلة يجتمعون «بشكل متكرر لمناقشة جميع التهديدات والاتجاهات مع الوكالات الأمريكية المكلفة بحماية نزاهة الانتخابات»، وأكد البيان أنه على مدار السنوات القليلة الماضية عملت تلك الشركات على مكافحة أي عمليات للتلاعب بالمعلومات عبر تلك المنصات أو باستخدام الأدوات التكنولوجية.

هذه المجموعة تطورت من اجتماعات تمهيدية بدأت بين شركات التكنولوجيا والحكومة الأمريكية منذ الخريف الماضي، ومنذ انطلاق تلك الجهود اتخذت الشركات العديد من الإجراءات لمواجهة التهديدات المرتبطة بالانتخابات في جميع أنحاء العالم، وعلى سبيل المثال قامت شركة فيسبوك بمراقبة السلوك الانتخابي في البرازيل والمكسيك وألمانيا وفرنسا. كما اتخذت الشركة عدداً من الإجراءات لتشديد إجراءات المراجعة والمراقبة لأساليب استخدام الإعلانات السياسية عبر المنصة.

وخلال اجتماع الأسبوع الماضي، قامت الشركات بإطلاع وكالات تنفيذ القانون على أنماط السلوك والأنشطة غير المشروعة التي تم رصدها خلال الفترة الماضية عبر تلك المنصات، وقال المتحدث باسم المجموعة إنه تمت مناقشة الاستعداد للتعاون خلال الفترة المقبلة ووضع خطط السيناريوهات المتعلقة بنتائج الانتخابات، وأن الجميع سيظل يقظاً بشأن هذه القضايا مع الاستمرار في الاجتماعات الدورية حتى موعد الانتخابات.

ونحو الوصول إلى مساحة أوسع من التنسيق، دخلت مجموعة جديدة من الشركاء إلى تلك الجبهة من بينها «ويكيميديا»، ومواقع مثل «لينكد إن» و«بنترست» و«ريد إت» و«فريزون ميديا» وغيرها، بينما شاركت هيئات حكومية مثل وكالة الأمن السيبراني، وأمن البنية التحتية، بالإضافة إلى قسم الأمن القومي في وزارة العدل الأمريكية.

وكان «مارك زوكربيرغ» الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك قد اعترف في وقت مبكر من هذا العام أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت بطيئة في فهم العمليات الروسية التي تتم باستخدام تلك المنصات والتي يشتبه في أنها ساعدت على وضع دونالد ترامب في البيت الأبيض. ومع مثول تجربة انتخابات 2016 في الأذهان فإن عمالقة التكنولوجيا يكثفون جهودهم لإزالة الحسابات المزيفة والإبلاغ عن المنشورات التي تتضمن معلومات زائفة من شأنها التأثير على الرأي العام، وفي هذه الجهود يقوم «فيسبوك» وحده بحذف أكثر من مليون حساب مزيف يومياً وفق ما ذكرته جريدة «الإندبندنت».

وخلال الشهور الماضية، أبلغت العديد من شركات وسائل التواصل الاجتماعي عن ارتفاع نشاط التضليل ونشر المعلومات الزائفة كلما اقترب موعد الانتخابات، هذا الأمر أدى لارتفاع وتيرة المكافحة داخل منصات التواصل الاجتماعي، وضمن هذه الجهود أزال موقع تويتر في الشهر الماضي آلاف الحسابات التي تنتمي لما يسمى QAnon وهي مجموعة من اليمين المتطرف التي تروج لنظرية مؤامرة سياسية واسعة النطاق.

وتقول النظرية التي يعتنقها مئات الآلاف من أنصار اليمين المتطرف، إن هناك حرباً سرية يقودها الرئيس دونالد ترامب في مواجهة «الدولة العميقة» ومجموعة من مشاهير هوليوود ورجال الأعمال لإيقاف نشاطهم المشبوه، وقد بدأت هذه الأفكار للمرة الأولى في عام 2017 من خلال أحد المنتديات المشهورة بجمع أصحاب الفكر اليميني، وبدأها مستخدم باسم رمزي Q والذى يفترض أنه أمريكي، ولكن هذه الأفكار تحولت بعد فترة قليلة إلى مجموعة كاملة من معتنقي تلك الفكرة ومروجيها، خاصة مع ادعاء هذه المجموعة لاحقاً أنهم يمتلكون مجموعة من الوثائق الرسمية السرية التي تثبت تواطؤ أجهزة الدولة وهيئاتها ضد ترامب.

ورغم إيقاف تويتر عشرات الآلاف من هذه الحسابات، إلا أن حجم انتشارها الأكبر ظهر عبر منصة «فيسبوك»، فمن خلال تحقيق متعمق أجراه موقع NBC الإخباري أكد أن تحقيقاً داخلياً أجرته منصة فيسبوك كشف وجود الآلاف من المجموعات والصفحات التي تضم الملايين من المتابعين والداعمين لمؤامرة QAnon، وهذا الكشف الأخير يلقي المزيد من الضوء حول حجم انتشار هذه المجموعات من خلال المنصة الاجتماعية الأشهر، وهو حجم أضخم بكثير مما كان يعتقد مسبقاً بين موظفي المنصة أو وسائل الإعلام لأن غالبية هذه المجموعات خاصة وقاصرة على المشتركين فقط.

وتضم أكبر 10 مجموعات تم تحديدها في التحقيق الداخلي لمايكروسوفت مجموعة أعضاء تتجاوز المليون عضو، مع إجمالي لعدد الأعضاء معتنقي تلك النظريات يتجاوز 3 ملايين عضو منتشرين عبر عشرات المجموعات، ورغم ذلك لم يتمكن التحقيق الداخلي من كشف كامل تلك الشبكات أو مستوى التداخل بين المجموعات. ورغم كشف المنصة تلك الشبكات إلا أنها لم تتخذ قراراً رسمياً بخصوصها حتى الآن، وإن كانت مصادر من داخل الشركة قد أكدت أنها تدرس اتخاذ قرار يشبه لما حدث في تعاملها مع المحتوى المعارض لعمليات التطعيم ضد فيروس كورونا، وهذا الإجراء يعني رفض جميع الإعلانات المرتبطة بالمجموعة مع استبعاد تلك الصفحات من نتائج البحث والتوصيات، الأمر الذي من شأنه أن يقلل من ظهورها أمام جمهور المستخدمين.

المدهش أن «فيسبوك» كان عاملاً أساسياً من عوامل نمو وازدهار تلك الطائفة، ويعود جزء كبير من هذا الأمر إلى ميزة المجموعات التي وفرتها المنصة وبدأت في التركيز عليها اعتباراً من عام 2017 الأمر الذي قدم دفعة كبيرة لمستخدميها في ذلك الوقت. ورغم أن هناك عشرات الملايين من المجموعات النشطة على المنصة الاجتماعية فإن محتوى أغلبيتها الساحقة غير ضار.

ولكن التأثير والخطر يأتي من المجموعة القليلة من المتطرفين التي تستغل المميزات التقنية للمنصة في الانتشار وجذب المزيد من المناصرين كما فعلت مجموعة QAnon التي ساهمت على مدار الشهور الماضية في نشر التضليل والأخبار الكاذبة وقد ساعدت منصة فيسبوك على نمو هذه المجموعة بشكل كبير من خلال ميزة التوصيات الخاصة به، وهي عملية تقنية تدعمها خوارزمية سرية تقوم باقتراح المجموعات للمستخدمين بناء على الاهتمامات العامة والمجموعات الحالية التي ينشط بها المستخدم، وهذا الأمر يساعد كثيراً في توسيع نطاق الشبكات المغلقة وتعريف أصحاب الأفكار المتطرفة بعضهم ببعض حتى وإن كانوا لم يلتقوا في الحياة مسبقاً.

وترى جوان دونوفان، مديرة مركز سياسات الإعلام في جامعة هارفرد، في تصريحات لموقع NBC أن فيسبوك وغيرها من المنصات الاجتماعية تواجه تحدياً فريداً في مراجعة محتوى شبكة QAnon وغيرها من شبكات التطرف، لأن المنصات تعمل باعتبارها «البنية التحتية الأساسية» للتشبيك بين الأعضاء ونشر المحتوى واستهداف المنصات شخصياً بنظرية المؤامرة باعتبار أن فيسبوك وباقي المنصات هي «أنظمة قمعية تسعى لتدمير الحقيقة». والغريب أن المنصة الاجتماعية هي أكبر قاعدة عملية للبنية التحتية لتلك الشبكة ومثيلاتها.

شبكات اليمين المتطرف، والتي تعمل بلا هوادة على نشر المعلومات الكاذبة، وتضخيم الشائعات، وصولاً إلى التهديد بالعنف هي واحدة من المخاطر الكبرى التي تخشى الهيئات الرسمية الأمريكية أن تؤثر بشكل واضح على نتائج الانتخابات المقبلة، ولذا ظهرت العديد من الجهود مثل تحالف شركات التكنولوجيا للمواجهة، ورغم ذلك لا تزال فعالية جهود هذا التحالف غير واضحة لأنه على الرغم من المناقشة الجماعية للتهديدات النشطة والمرصودة، فإنه سيقع على عاتق كل منصة اتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من تأثير هذه التدخلات عبر منصاتها.

عناوين فرعية

تنسيق واسع بين عمالقة التكنولوجيا وهيئات إنفاذ القانون لمنع ترويج الشائعات والتلاعب والأخبار الزائفة

«فيسبوك» يحذف يومياً أكثر من مليون حساب مزيف.. وحملة شرسة تقودها «تويتر» لتفكيك شبكات اليمين المتطرف

جماعة تضم 3 ملايين عضو على شبكة «فيسبوك» تروج نظرية مؤامرة حول معركة «ترامب» في مواجهة الدولة العميقة

منصات التواصل الاجتماعي تراقب السلوك الانتخابي في البرازيل والمكسيك وألمانيا وفرنسا لتحديد أنماط التلاعب ومواجهتها