الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

منتدى شرق المتوسط يكسر احتكار الغاز ويخفض الأسعار

منتدى شرق المتوسط يكسر احتكار الغاز ويخفض الأسعار
تحول منتدى شرق المتوسط للغاز من مجلس للدردشة الاكاديمية إلى منظمة دولية قادرة على لعب دور حيوي في اسواق الطاقة العالمية يوازي الدور المحوري الذي تلعبه منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في أسواق البترول العالمية.

ويملك التكتل الجديد الذي يضم في عضويته كل من مصر والأردن وإسرائيل وايطاليا واليونان وقبرص والسلطة الفلسطينية القدرة عل تغيير قواعد اللعبة ليس فقط في اسواق الطاقة الإقليمية والعالمية وإنما يملك أيضا القدرة على إعادة رسم خريطة التوازنات الإقليمية.

وحتى يمكن فهم أوراق القوة التي يملكها التكتل الجديد لا بد من الإشارة إلى أن حوض غاز شرق المتوسط هو واحد من أكبر احواض الغاز الطبيعي في العالم ، وبحسب دراسة أجرتها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية عام 2010 فان احتياطيات الغاز في حوض شرق المتوسط تقدر بنحو 132تريليون قدم مكعب من الغاز، وهو ما يكفي تأمين احتياجات أوروبا من الغاز مدة 30 عاما كاملة او تزويد العلم اجمع باحتياجاته من الغاز لمدة عام كامل.


ومن المؤكد أن التكتل الجديد سيكون له انعكاسات عميقة على مستقبل التنمية الاقتصادية لدول المنطقة في ظل الزيادة السكانية الرهيبة والتوسع العمراني والتوجيه نحو التصنيع لتوفير فرص العمل.


وبدون هذا التكتل فإن قدرة كل دولة منفردة على استغلال الثروات الطبيعية ستكون محدودة للغاية، وهنا يأتي دور الكيان الجديد في تجنب ازدواجية منشآت الاستخراج والتسييل والنقل وخطوط الأنابيب، وبالتالي تقليص النفقات الاستثمارية لاستخراج الغاز وبعبارة أدق إنتاجه بأسعار تنافسية تضمن استمرار الطلب عليه لعقود طويلة.

ولا يصب التكتل الجديد في مصلحة الدول المنتجة فقط، وإنما يصب أيضا في مصلحة الدول المستهلكة فهو من ناحية يكسر احتكار القلة في أسواق الغاز الذي تتزعمه كل من قطر وروسيا، وبالتالي يدفع لخفض أسعار الغاز على المدي الطويل ويضمن استقرار الإمدادات للدول المستهلكة، وتحريرها من قبضة الضغوط السياسية المصاحبة للأفراط في الاعتماد على الطاقة من مصادر خارجية.

ويكتسب الكيان الجديد أهمية مضاعفة لكونه مفتوحا أمام انضمام مزيد من الدول الأعضاء، ولعل هذا ما حدث بالفعل حيث طلبت كل من الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا الانضمام إلى عضوية المنتدى، وهو ما يشير إلى الأهمية الدولية المعلقة على الكيان الجديد ليس فقط في تحقيق الاستقرار في أسعار الطاقة وإنما أيضا في الابتعاد بالمنطقة عن منطق الصراع واستبداله بمنطق التعاون الذي يحقق مصلحة الجميع.

ويضاف إلى ما سبق ان التكتل الجديد يحظى بدعم الاتحاد الاوربي حيث ان ثلاثة من الدول الأعضاء في التكتل، وهي إيطاليا واليونان وقبرص هي أعضاء في الاتحاد الأوربي وقادرة على توفير الدعم والمساندة له في واجه العقبات والعراقيل التي يمكن أن تضعها كل من قطر وتركيا وروسيا في طريقه.

ومن المؤكد ان أهمية الكيان الجديد لا تنبع فقط من قدرته على توفير امدادات طاقة بأسعار تنافسية فقط، وإنما أيضا من ولادته في لحظة يقف فيها العالم على اعتاب الاقتصاد اللاكربوني الذي يمثل طوق النجاة من كارثة التغييرات المناخية التي تهدد كوكب الأرض، وهذا يعني ببساطة ان العالم يتجه وبقوة إلى مصادر الطاقة النظيفة.

وبحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية فان الطلب على الغاز الطبيعي سيفوق المعروض منه بحلول عام 2025، وتستحوذ اوروبا وامريكا الشمالي على نسبة 40% من الزيادة، فيما تستحوذ الصين على نسبة 20%.

وبالنظر إلى مجمل هذه التطورات فإن الكيان الجديد يصب في مصلحة السياسات الإماراتية التي تقوم على نبذ الصراعات والتعاون الإقليمي لتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية وضمان استدامة التنمية الاقتصادية وتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة ومنع استغلالها كسلاح في إدارة العلاقات الدولية.