الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

التكنولوجيا المالية «فينتك».. أسلوب جديد في الخدمات المصرفية

التكنولوجيا المالية «فينتك».. أسلوب جديد في الخدمات المصرفية

ألقت «التوقعات الاقتصادية» بضغوطها على العديد من الأعمال لتوفير مستوى أعلى من الخدمات. إذ يتوقع العملاء من الشركات، التي يتعاملون معها عبر كافة القطاعات، أن توفر خدمات سلسة وسريعة وفعالة تضاهي تلك التي توفرها شركات مثل أمازون وأوبر. وبات العملاء يتطلعون إلى الحصول على المستوى نفسه من الاستجابة السريعة والخدمات الشخصية من البنوك والمنتجات المصممة خصيصاً لهم، بالإضافة إلى إنجاز المعاملات المالية خلال دقائق بدلاً من أيام.

وقد دفعت توقعات العملاء ببنوك في دولة الإمارات إلى التحول الرقمي في كل معاملاتها وعملياتها، هذا ورفعت عمليات مصارف التجزئة حدة التنافس للأفراد، لا سيما أن توفير تجارب مميزة للعملاء يعد مصدراً للقيمة التجارية وتحقيق الإنجازات والتميز. وبات العملاء أكثر إداركاً لأهمية الشفافية في التعامل وتبسيط الإجراءات والتركيز على الخدمات الموجهة لهم عند التعامل مع البنوك.

والسؤال هنا كيف يمكن للبنوك الاستجابة لمتطلبات العملاء؟

مما لا شك فيه أن التحول الرقمي قد فرض على البنوك إعادة النظر إلى أسلوب خدماتها المصرفية ونماذج إدارتها للأعمال بالأسلوب القديم. وهذا بدوره سيشكل الكثير من الأعباء على البنوك التي ما زالت تمتلك بنية تحتية تقليدية، لأن استبدالها بالتقنيات المتطورة قد تكون عملية معقدة ومكلفة.

ويمكن القول إن جائحة «كوفيد-19» قد ألقت الضوء على هذه القضايا الملحة ما جعلتها تتصدر اهتمامات البنوك، وبات الاستمرار بالنسبة للبنوك وتحقيق النمو في ظل الأوضاع الجديدة، مرهوناً بالتحول الرقمي والابتكار في مجال المنتجات.

وفي ظل انتقالها من الأنظمة التقليدية المعقدة إلى العمليات المرنة والأكثر كفاءة؛ عمدت الكثير من البنوك إلى عقد شراكات مع شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية أو شركات «فينتك» للتحول إلى الرقمنة بسلاسة. وفي ظل الدور الكبير الذي تلعبه التكنولوجيا المالية «فينتك» في دعم العصر الجديد من الخدمات المصرفية؛ أعلن مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي عن عزمه إطلاق مكتب للتكنولوجيا المالية لدعم الابتكار المالي داخل الدولة، الأمر الذي يعزز دور البنك المركزي في التنسيق بين أنشطة التكنولوجيا المالية.

بالشراكة مع شركات التكنولوجيا المالية FinTech، تستطيع البنوك أن توفر لعملائها شبكة متنوعة من المنتجات والخدمات المبتكرة، دون الحاجة لترقية البنى التحتية المكلفة. وتستفيد شركات التكنولوجيا المالية الناشئة من ميزة عدم الخضوع لنظام التدقيق نفسه والاستثمار في الحصول على التراخيص المصرفية؛ وتستطيع أيضاً الاستفادة من مكانة البنوك وثقة عملائها الحاليين.

كما تدعم التكنولوجيا آليات التنسيق بين البنوك والشركات المالية القائمة على البنية التحتية المالية؛ ومن خلال واجهات برمجية للتطبيقات (APIs)، يمكن للمبرمجين إنشاء تطبيقات للاستفادة من البنية التحتية الخاصة بالبنك لاستخدامها من قبل أطراف ثالثة مثل شركات التكنولوجيا المالية FinTech. وخير مثال على ذلك هو إطلاق بنك الإمارات دبي الوطني لصندوق ENBD API Sandbox عام 2018 ليكون أحد أوائل البنوك الخليجية التي بادرت بالتحول الرقمي.

ويمكن للبنوك التي تمتلك واجهات برمجة التطبيقات أن توفر لعملائها منتجات وخدمات إضافية تلبي احتياجاتهم عبر منصة واحدة، وأيضاً إنشاء «نظام بيئي» مترابط لتوفير الخدمات المصرفية للعملاء عبر منصة واحدة، لتبسيط أمور حياتهم وتوفير خدمات فائقة وخلق تجارب مميزة والاحتفاظ بالعملاء، إن الشراكة مع شركات التكنولوجيا المالية " Fin Tech" توفر العديد من المزايا للبنوك منها الكفاءة والأفكار الإبداعية. وبعيداً عن البنية التحتية التقليدية، فإن شركات التكنولوجيا المالية قادرة على توفير حلول مبتكرة وسريعة وغير مسبوقة؛ لا سيما أنها تستطيع إجراء اختبار أولي للمزايا الجديدة في السوق بسرعة وكفاءة للتحقيق مع تماشيها مع نهج البنوك.

وفي هذا السياق، يدعم المنظمون الداخلين الجدد في مجال التكنولوجيا المالية في قطاعاتهم المالية مثل التأمين والبنوك لتحفيز التحول الصناعي.

والتحويل عبر الهاتف المحمول خير مثال على ذلك، وهو يستخدم على نطاق واسع من قبل الفئات التي ليس لديها حساب مصرفي. وهنا يأتي دور الشراكة مع شركات التكنولوجيا المالية FinTech في مساعدة البنوك على توسيع قاعدة عملائها لتشمل تلك الفئات، وزيادة حصتها من التحويلات الدولية.

وفي وقت سابق من هذا العام، تعاونت شركة PayBy، الشركة الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية ومقرها أبوظبي، مع بنك أبوظبي الأول، أكبر بنك في دولة الإمارات العربية المتحدة وأحد أكبر وآمن المؤسسات المالية في العالم، لإطلاق خدمات دفع آمنة عبر الهاتف المحمول. وهي خدمات تتيح للعملاء تحويل الأموال دون التقيد بالبنك أو الأجهزة، كما توفر لهم ميزة سداد قيمة مشترياتهم أو فواتير الخدمات باستخدام رمز الاستجابة السريعة والاستمتاع بالخدمات المالية بدون حساب مصرفي.

ومع وجود عدد كبير من السكان في دولة الإمارات العربية المتحدة ممن لا يملكون حسابات مصرفية، وتصدرها بين الدول الأكثر استخداماً للهواتف المحمولة (أكثر من 91%)، فإن الفرصة مواتية جداً بالنسبة للبنوك لتوفير حلول الدفع الآمن عبر الهاتف المحمول وتجاوز المعاملات التقليدية.

وهنا لا بد أن نذكر أن توجه البنوك الرائدة في دولة الإمارات إلى عقد شركات مع شركات التكنولوجيا المالية يعزز من مكانتها العالمية ومن مكان القطاع بشكل عام.

كما أن الشراكات مع شركات التكنولوجيا المالية تسهم في تنامي قاعدة عملاء البنوك واغتنام الفرص بعد أن تغير مشهد الأعمال جراء جائحة «كوفيد-19».

إن التعاون بين شركات التكنولوجيا المالية والبنوك يدعم الطرفين في توفير مزايا مالية إضافية للعملاء بعيداً عن التنافس؛ الأمر الذي يسهم في توفير شبكة من الخدمات المالية المبتكرة للعملاء.