الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

كيف تسهم «بلوك تشين» في رسم ملامح المستقبل؟

كيف تسهم «بلوك تشين» في رسم ملامح المستقبل؟

تشهد البيئة من حولنا تطورات وتغيرات وتحديات تؤثر على وضعنا الراهن باستمرار، ومن منطلق مفهوم «المستقبل الآن» تسهم التوجهات القوية في إعادة تشكيل وبلورة أنماط الحياة وطرح تقنيات جديدة وتغيير سلوكيات البشر ونماذج الأعمال، ومن المهم أن تواكب القطاعات هذه التغيرات حتى تتمكن من الاستجابة لتداعياتها دون تأخير، وفقاً للرئيس الإقليمي لشركة فيديكس إكسبريس في منطقة الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية وأفريقيا، جاك ميوز.

وأوضح ميوز، في مقال خاص بـ«الرؤية» أن العقد الماضي شهد ابتكارات تقنية في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والمعزز وتكنولوجيا بلوك تشين، وإضافةً إلى اعتبارها مفاهيم مستقبلية، أثبتت هذه الأدوات والتقنيات فعاليتها بنجاح عند تطبيقها في عددٍ من القطاعات.

«بلوك تشين» تمهد الطريق أمام مستقبل أمن البيانات

على سبيل المثال، كان ينظر إلى تكنولوجيا بلوك تشين حين اكتشافها، على أنها مستقبل نقل البيانات، ولكن في الواقع، أحدثت هذه التقنية تغييراً كبيراً في حياتنا اليومية مع زيادة بحث المستهلكين عن مزيدٍ من الشفافية عند شراء المنتجات.

هل تساءلت يوماً ما إذا كان شعار مبادرة التجارة العادلة الموجود على لوح الشوكولاتة أو علبة القهوة التي اشتريتها أصلياً؟

تساعد تكنولوجيا البلوك تشين على رقمنة جميع المعلومات المتعلقة بالمنتج، بدءاً من إحداثيات موقع شجرة الكاكاو ومنشأة التصنيع وصولاً إلى مزود الخدمات اللوجستية وتاجر التجزئة، وحفظها بصيغة مشفرة وتخزينها في مصدر واحد موثوق.

وفي حال رغبة المشتري بالتحقق من مصدر أو استدامة أو حتى من أصالة المنتج، توثق تكنولوجيا البلوك تشين جميع مراحل سلسلة التوريد وصحة المعلومات المتعلقة بموثوقية مصادر المنتجات أو معايير الاستدامة أو النزاهة التي تتقيد بها.

مستقبل مبني على الديناميكية والاستدامة والمفاهيم التجريبية

يعتمد نجاح أي تقنية مستقبلية على اعتبارها ديناميكية وتجريبية ومستدامة، وتستوفي تكنولوجيا بلوك تشين هذه المعايير الثلاثة ما يعكس مفهوم «المستقبل الآن».

ولتحقيق الديناميكية، من الضروري أن تتكيف القطاعات مع التغيرات التقنية أو البيئية، ما يعني تشكيل قوة تغيير تدفع عجلة التطوير أو تحدي الوضع الراهن. وتطابق تكنولوجيا بلوك تشين هذه المقاربة من خلال حماية المعلومات المتواجدة في أماكن عديدة وإتاحة وصول جميع جهات سلسلة التوريد إليها، بما في ذلك المستهلكين. ويُظهر الاكتشاف اليومي للاستخدامات الجديدة وقدرتها على حل تحديات العالم الواقعي، الطبيعة الديناميكية للتكنولوجيا، حيث تم استكشاف طيف واسع من الاستخدامات بدءاً من زيادة فعالية حلول الإغاثة في حالات الكوارث ووصولاً إلى تحسين خدمات المستهلكين. ومن المتوقع أن تصل قيمة نمو تكنولوجيا بلوك تشين في السوق العالمي للخدمات اللوجستية وسلاسل التوريد إلى 3.3 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026. وتزداد كفاءة وفعالية هذه التقنية عند دمجها مع تقنيات ناشئة أخرى حيث تصبح قادرة على تزويد المستخدمين بنظرة معمقة حول التفاصيل المتعلقة بالمنتجات عبر كامل سلسلة التوريد.

في حين يتطلب العامل التجريبي التقدم من خلال التجربة وتصحيح الأخطاء، فضلاً عن استخدام الخيال لابتكار استخدامات جديدة. وتسمح البساطة التي توفرها تكنولوجيا بلوك تشين للقطاعات بتجربة استخدامات وحلول جديدة. وقد يؤدي ذلك إلى إنشاء نماذج أعمال جديدة وإطلاق عمليات أكثر كفاءة ضمن المؤسسات. على سبيل المثال، غالباً ما تأتي المستحضرات الدوائية والإمدادات الطبية الطارئة بما فيها لقاحات «كوفيد-19»، بمتطلبات محددة من حيث درجة الحرارة ومدة الصلاحية لذلك يمكن أن يؤدي تكامل بلوك تشين مع إنترنت الأشياء إلى زيادة إمكانية تتبع وموثوقية المعلومات المتعلقة بالشحنات الطبية المهمة عبر جميع أنحاء سلسلة التوريد.

وشكلت الاستدامة أيضاً عاملاً مؤثراً وراء تغيير ممارسات الأعمال ونطاق المنتجات المعروضة. ويشير تقرير صادر عن ماستركارد إلى أن 74% من الأفراد الذين تزيد أعمارهم على 18 عاماً في الإمارات يعتقدون أن على الشركات أن تبذل جهوداً أكبر في مجال البيئة. كما ذكر التقرير أن 28% من البالغين يعتزمون التوقف عن استخدام أو شراء منتجات من علاماتٍ تجارية لا تلتزم بالخطط البيئية أو معايير الاستدامة. انطلاقاً من الحاجة الملحة لتعزيز مستويات المعرفة والوعي حول الممارسات الصديقة للبيئة، يبذل العديد من المصنعين وتجار التجزئة جهوداً حثيثة تهدف إلى تقليل البصمة الكربونية وإبقاء المستهلكين على دراية تامة، وهنا تبرز أهمية تكنولوجيا البلوك تشين حيث إنها تلعب دوراً محورياً في مراقبة الاستدامة وإعداد التقارير في القطاع بفضل شفافية البيانات التي توفرها، ما يمكن المستهلك من اتخاذ قرارات مستنيرة.

البلوك تشين ترسم ملامح المستقبل

يرتبط نجاح التقنيات بقدراتها الديناميكية والتجريبية والمستدامة، كما ينبغي للتقنيات الجديدة أو المبتكرة أن تحمل تطبيقات واقعية، لتكون قادرة على تحقيق أثر دائم. وتعتبر تكنولوجيا بلوك تشين المتوفرة بين أيدينا اليوم مثالاً واضحاً على التقنيات المستقبلية القادرة على إحداث تغيير جذري، والتي بات قطاع الخدمات اللوجستية اليوم جاهزاً لتبنيها، بهدف تعزيز تجارب المستهلكين.