الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

كيف أثّر ارتفاع أسعار الطاقة على تسارع التضخم العالمي ومسار الفائدة؟

كيف أثّر ارتفاع أسعار الطاقة على تسارع التضخم العالمي ومسار الفائدة؟

مع تسارع ارتفاع معدلات التضخم العالمية خلال الأشهر الماضية جاءت قفزة أسعار الطاقة مع أزمات سلاسل الإمداد والتوريد وارتفاع أسعار السلع الأولية لتسريع وتيرة البنوك المركزية العالمية نحو سحب حزم التحفيز النقدي.

وتشير التوقعات إلى أن قفزة أسعار الطاقة في الفترة الأخيرة تمثل ضغطاً كبيراً على صناع السياسة النقدية حول العالم للاتجاه نحو رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم الأمر الذي قد يؤدي إلى كبح جماح التعافي الاقتصادي من كورونا.

قفزة أسعار الطاقة وتسارع معدلات التضخم

شهدت أسعار النفط الخام زخماً تصاعدياً خلال شهر أكتوبر 2021 متجاوزة حاجز 80 دولاراً أمريكياً للبرميل للمرة الأولى منذ 3 سنوات، وكان هذا الارتفاع مدعوماً بتزايد الطلب في ظل سير الاقتصاد نحو التعافي على قدم وساق.

بالإضافة إلى ذلك، أدى الارتفاع القياسي لأسعار الغاز في عدة مناطق على مستوى العالم ونقص إمدادات الفحم إلى قيام شركات توليد الكهرباء إلى التحول إلى الوقود القائم على النفط الخام لتوليد الطاقة الكهربائية ما ساهم في تعزيز الطلب على النفط.

ويشهد عدد من البدائل مثل الديزل وزيت الوقود طلباً متزايداً، خاصة في السوق الآسيوية، إلا أن نقص الوقود الذي تواجهه أوروبا حالياً يزداد سوءاً بسبب ارتفاع الطلب على الديزل في أماكن أخرى من العالم.

وصرحت وكالة الطاقة الدولية بأن انعكاس أزمة الغاز الطبيعي على سوق النفط قد يساهم في تعزيز الطلب على النفط بمقدار 0.5 مليون برميل يومياً خلال الأشهر الستة المقبلة. بالإضافة إلى ذلك، فإن اقتراب فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية الشهر القادم ساهم في تأجيج الوضع، هذا إلى جانب إمكانية انخفاض درجات الحرارة عن المستويات المعتادة، ما أدى إلى زيادة تخزين الغاز وزيت التدفئة، بحسب تقرير كامكو إنفستمنت الشهري حول أسعار الطاقة.

وخلال الشهر الماضي؛ قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي، إنَّ البنك المركزي للولايات المتحدة قد يبدأ في تخفيف مشترياته الشهرية من السندات في نوفمبر المقبل، وقال، إنَّ ذلك يأتي في قمة أولويات البنك إلى جانب إقناع الأمريكيين أنَّه لن يغفل عن معدل التضخم الذي تجاوز الأرقام المتوقَّعة، بحسب بلومبرغ.

وفي أمريكا سجل معدل التضخم أعلى مستوى له منذ 13 عاماً متجاوزاً التوقعات بارتفاعه إلى 5.4% خلال سبتمبر وهو أكبر ارتفاع سنوي منذ عام 2008، لتستأنف وتيرة النمو الأسرع مع استمرار الضغوط التضخمية في الاقتصاد.

اتجاه للتشديد النقدي

وقال جونيد أنصاري رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية في «كامكو إنفست»، إنه مع تضاؤل آثار الوباء وارتفاع معدلات التطعيمات، كان هناك انتعاش اقتصادي في جميع الأسواق تقريباً.

وأضاف جونيد أن الزيادة الناتجة في الطلب أدت إلى دفع أسعار السلع إلى مستويات قياسية لبعض السلع، مشيراً إلى أن أسعار النفط تحوم أيضاً بالقرب من مستويات 8 سنوات، والتي تعمل جنبًا إلى جنب مع بيئة أسعار الفائدة المنخفضة المستمرة مع ارتفاع معدلات التضخم.

وذكر رئيس البحوث أن البنوك المركزية قلقة بشأن الأسعار المحمومة وتفكر في زيادة أسعار الفائدة كأداة لمواجهة معدلات التضخم، ومع ذلك، فإن رفع سعر الفائدة في وقت مبكر من شأنه أن يؤدي إلى كبح جماح التعافي الاقتصادي، وعلى هذا النحو قالت وكالات مثل صندوق النقد الدولي إن السياسات النقدية بحاجة إلى موازنة التضخم.

وتابع: كما أن تقليص شراء السندات من شأنه أن يرسل إشارة إلى السوق بشأن التشديد النقدي ويساعد على خفض الضغط التضخمي.

موجة التضخم ليست عابرة

من جهته، قال المحلل المالي والرئيس التنفيذي الدولي لتطوير الأعمال في البنك العراقي الإسلامي للاستثمار والتنمية، علي حمودي، إن ارتفاع أسعار الطاقة الأخيرة بعدما قفزت أسعار النفط والغاز غير ملامح اتجاهات التضخم، موضحاً أنه منذ عدة أشهر تعاني كثير من دول العالم من ارتفاع معدلات التضخم خاصة الاقتصادات الكبرى بعد عودة النشاط الاقتصادي وارتفاع شهية الاستهلاك والشراء.

وتابع: كان رأي صناع القرار أن ارتفاع معدلات التضخم اتجاه مؤقت بعد عودة الحياة في الاقتصادات الكبرى ولكن مع ارتفاع أسعار النفط والغاز تغير هذا الاتجاه وتبدل اتجاه ارتفاع معدلات التضخم من مرحلة مؤقتة وموجة عابرة إلى اتجاه ربما يكون طويل المدى.

وأشار حمودي إلى أن ذلك يزيد الضغط على صناع القرار لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من ارتفاع معدلات التضخم، ولذلك من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات الفائدة خلال الفترة المقبلة لمواجهة ارتفاع التضخم الذي يؤثر على جاذبية العديد من الاستثمارات ويمثل الضغط على العائد منها.