أظهرت دراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ومؤسسة برتلسمان (Bertelsmann Foundation) تراجع دخل العديد من الأشخاص في سن العمل في ألمانيا مما أدى إلى خروجهم من الطبقة الوسطى وانتقالهم ليصبحوا ضمن شريحة الدخل المنخفض المعرضين بشكل أكبر لخطر الفقر.
وبحسب الدراسة، كان 70 في المئة من السكان في ألمانيا في عام 1995م، ينتمون إلى فئة الدخل المتوسط، بينما تراجعت هذه النسبة في عام 2018م إلى 64 في المئة فقط. ولم تزدد الطبقة الوسطي خلال هذه الفترة على الرغم من أن الاقتصاد الألماني نما بمتوسط نحو 2% سنوياً خلال السنوات الممتدة بين الأزمة المالية العالمية عام 2009م وأزمة كورونا عام 2020م. ولم تنمُ هذه الطبقة أيضاً بالرغم من انخفاض البطالة.. وتتأثر الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى بشكل خاص بـانخفاض الدخل.. وهذا يشمل الأفراد الذين يبلغ صافي دخلهم ما بين 1500 و2000 يورو شهرياً وكذلك العائلات مع شخصين بالغين وطفلين ودخل صافي يتراوح بين 3000 و4000 يورو شهرياً.
ووفقاً للدراسة، فإن نحو 22 في المئة من الأشخاص في سن العمل الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً انزلقوا خلال السنوات الممتدة بين عامي 2014 و2017م، إلى شريحة الدخل المنخفض والمصنفين فقراء أو معرضين لخطر الفقر.. بالإضافة إلى ذلك ساهمت جائحة كورونا في تراجع الطبقة المتوسطة لأن العديد من ذوي الدخل المتوسط فقدوا وظائفهم خلال الأزمة، إذ وبحسب الدراسة، فإن ما يقرب من 8 في المئة ممن ينتمون للطبقة المتوسطة والذين كانوا لا يزالون يعملون قبل بداية جائحة كورونا، أصبحوا عاطلين عن العمل في يناير 2021م.
ويتأثر الشباب بشكل أكبر بتقلص وتراجع الطبقة الوسطى، حيث انخفضت نسبة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً الذين ينتمون إلى فئة الدخل المتوسط بنسبة 10 في المئة، ويتضح هذا من خلال مقارنة الأجيال، ففي حين أن 71 في المئة من جيل المواليد من 1955م إلى 1964م، وصلوا إلى الطبقة الوسطى بعد بدء حياتهم المهنية، إلا أن 61 في المئة فقط ممن يطلق عليهم مواليد جيل الألفية (1983 إلى 1996) استطاعوا الدخول إلى هذه الطبقة. بالإضافة إلى ذلك، يتمكن المواطنون الألمان في الولايات الغربية من الوصول إلى فئة الدخل المتوسط أو البقاء هناك بمعدل أكبر من المواطنين الألمان في الولايات الشرقية.
ومن أجل تقوية الطبقة الوسطى، دعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومؤسسة برتلسمان إلى تحقيق المساواة في سوق العمل، إذ يجب أن يحصل الموظفون العاملون بنصف دوام أو بجزء منه إضافة إلى العمال في الوظائف الصغرى على المزيد من الفرص لتطوير مهاراتهم من خلال مزيد من التدريب.. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تحسين نطاق ونوعية وظائف المرأة، خصوصاً في المهن التي تعمل فيها غالبية النساء، مثل الرعاية الطبية، إذ يجب أيضاً رفع الأجور في هذه المهن والوظائف. وبشكل عام -ومن أجل رفع نسبة الانتماء إلى الطبقة الوسطى في المجتمع- فإن هنالك حاجة لوجود دخل ثانٍ للأفراد والعائلات، خصوصاً لأولئك الذين يعملون بأجور منخفضة.. وبالمقارنة بـ25 دولة الأعضاء في مجموعة البلدان الصناعية OECD، تقلصت الطبقة المتوسطة بشكل أكبر من ألمانيا فقط في السويد وفنلندا ولوكسمبورغ.