الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

شراكة جديدة لتسريع الابتكارات التكنولوجيـة وتوسيع نطاق الاقتصاد الدائري

شراكة جديدة لتسريع الابتكارات التكنولوجيـة وتوسيع نطاق الاقتصاد الدائري
اعتمد مجلس الوزراء قراراً باستحداث منصب سفير الدولة للثورة الصناعية الرابعة هو الأول من نوعه في المنطقة، في إطار جهود دولة الإمارات لتعزيز مكانتها كمركز عالمي لتكنولوجيا المستقبل، وتعميم الشراكات ونشر المعرفة والاستفادة من التجارب الناجحة لخير المجتمعات.

وسيعمل سفير الثورة الصناعية الرابعة على تعزيز الدبلوماسية التكنولوجية وترسيخها ضمن أولويات سياسة الدولة، وسيتولى مهمة عالمية، محورها تمثيل حكومة الإمارات في إنشاء شراكات عالمية جديدة هدفها صناعة مستقبل أفضل، والإشراف على تعزيز حوكمة التشريعات التنظيمية والسياسات الداعمة للثورة الصناعية الرابعة وجلب أفضل ممارساتها للدولة.

كما سيعمل سفير دولة الإمارات للثورة الصناعية الرابعة على بناء فرص التعاون وتبادل الخبرات في مجال التكنولوجيا وبناء الجسور بين قطاعات الصناعة والتعليم، وتنسيق شراكات حكومة الإمارات مع الشركات والمؤسسات الرائدة في تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة، بما يسهم في تهيئة بيئة محفزة للتكنولوجيا تنعكس إيجاباً على قطاعات أخرى مثل السياسة والاقتصاد.


وجاء القرار في ختام اجتماعات مجالس المستقبل العالمية، والتي عقدت على مدى يومين في دبي بالشراكة بين حكومة دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي، والتي دعت إلى إعادة تصميم أنظمة الحوكمة لمواكبة التغيرات، ووضع التشريعات والسياسات المستقبلية وتطويرها مع الشركاء في القطاعات المتخصصة من مبتكرين ورواد أعمال ومنظمات وأفراد.


تفادي الأزمة

حذر مشاركون في جلسة مستقبل الاقتصاد من أزمة مالية عالمية تلوح بوادرها في الأفق بسبب ارتفاع ديون الشركات الأمريكية والحرب التجارية بين واشنطن وبكين.

وقالت الباحثة الاقتصادية ميرارد ميرور إن بوادر الأزمة المالية العالمية المتوقعة تظهر في الأفق مثل ارتفاع ديون الشركات الأمريكية الكبيرة بشكل كبير جداً، حيث زادت عمليات الدمج والاستحواذ في السوق الأمريكي من طلبات الإقراض.

وأشارت إلى أن الأسواق الناشئة في العالم هي الأكثر عرضة للأزمة المالية العالمية المتوقعة بسبب توقف التدفقات المالية نحوها وخروج الكثير من رؤوس الأموال إلى اقتصاديات الدول المتقدمة.

من جهتها، قالت خبيرة الاقتصاد الصينية ليون تشين إن الحرب التجارية بين الصين وأمريكا لم تؤثر على الاقتصاد الصيني فقط بل مست جميع اقتصادات دول العالم من أمريكا اللاتينية إلى صحارى أفريقيا وصولاً إلى دول الشرق الأوسط.

وأشارت إلى أن ارتفاع الطبقة المتوسطة في الصين يساعد على زيادة الاستهلاك المحلي وتقليل الصادرات وإزالة الاعتقاد السائد عالمياً بأن الصين دولة مصدرة فقط، لافتة إلى أن السوق الأمريكية تستهلك نحو 4% من قيمة الصادرات بالنسبة للناتج المحلي الصيني.

وبينت أن ديون الشركات الأمريكية ارتفعت 50% قياساً بالسنوات العشر الأخيرة، والكثير منها مصنفة عند أدنى تصنيف (بي بي بي) من قبل وكالات التصنيف الائتماني العالمية.

وعبرت تشين عن القلق الذي ينتاب العالم من تراجع نمو الاقتصاد خلال العام الجاري إلى 3.3% وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.

وأرجعت مشاكل الاقتصاد العالمي إلى السياسات المالية الخاطئة وغياب الحوكمة في الاقتصاد العالمي، مشيرة إلى أن أسعار الأصول المرتفعة في أسواق الأسهم العالمية وأسعار العقارات أصبحت أعلى بنحو 20% مقارنة مع نظيرتها خلال السنوات العشر الماضية.

وأكدت أن الدول الآسيوية ستكون الأقل تأثراً في حالة اندلاع أزمة مالية عالمية جديدة، مشيرة إلى أن الصين تحديداً سيكون وضعها أفضل خلال السنوات العشر المقبلة بسبب اتساع رقعة الطبقة المتوسطة التي تشكل المحرك القوي للاقتصاد الصيني.

الحرب التجارية

قال وكيل وزارة الاقتصاد محمد الشحي إن تنوع علاقات الإمارات الاقتصادية العالمية يحصنها ضد تأثيرات الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية المباشرة وغير المباشرة.

واكد الشحي أن الإمارات تتبع سياسة اقتصادية متنوعة مستندة إلى تشريعات وقوانين تدعم اقتصاد الدولة في مواجهة التحديات المستقبلية، مشيراً إلى أن الحكومة أطلقت في الآونة الأخيرة عدة مبادرات داعمة للنمو تقلل من تداعيات أي أزمة في المستقبل.

وأضاف أن الإمارات كعادتها دائماً متفائلة بالمستقبل استناداً إلى البنية التشريعية القوية لاقتصاد الدولة، إضافة إلى تنوع الاقتصاد المحلي، مشيراً إلى قانون الاستثمار الأجنبي الجديد سيسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية في ظل التسهيلات الكبيرة، متوقعاً نمواً جيداً في الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام الجاري والأعوام المقبلة.

وتابع الشحي «لم تقتصر إجراءات الحكومة الداعمة للنمو الاقتصادي على الجوانب التشريعية بل اتخذت العديد من التسهيلات المحفزة والداعمة للنمو، مثل تخفيض وإلغاء عدد من الرسوم الاتحادية وتخفيض كلفة ممارسة الأعمال والتأشيرات الطويلة الأمد».

ولفت إلى أن جلسات قمة مجالس المستقبل ركزت على المتغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي وفي مقدمتها تداعيات الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية على الاقتصاد العالمي وعدم اليقين بخصوص خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي.

وأشار إلى أن الجلسات ركزت أيضاً على استعداد الحكومات للتعامل مع الأزمات المالية العالمية في المستقبل وضرورة وجود سياسات تسهم في تخطي هذه المرحلة الحساسة.

سياسات حكومية

حددت دراسة جديدة صادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي 3 مساقات مهمة يجب التركيز عليها عند تطوير السياسات الحكومية، وتشمل مستقبل سياسات الابتكار التي يجب تطويرها لضمان رفع إنتاجية اقتصادات الدول وتعزيز إشراك فئات أكبر من المجتمع، وتحديث سياسات العمل لمواكبة التغيرات، وتطوير السياسات المالية لتمكين السياسات الضريبية والإنفاق الحكومي من مواكبة التغيرات التي تشهدها القوى العاملة والأسواق.

وأوردت الدراسة نماذج جديدة لسياسات الابتكار يمكنها المساهمة في مواجهة العقبات التي تعترض نشر الابتكار في العصر الرقمي، لافتة إلى وجود عدة أدوات خاصة بنشر الابتكار مثل قسائم الابتكار التي تسمح للشركات بالتعاقد على أبحاث من المعاهد البحثية، وضرائب الابتكار والأبحاث التي شكلت جزءاً رئيساً في سياسات الابتكار لعدة عقود.

وأشارت الدراسة إلى أن العديد من أدوات الابتكار التي تم اعتمادها أو استخدامها كنماذج تجريبية لمحاول تعزيز نشر الابتكار تركز في 6 مجالات رئيسة، تشمل دعم توسيع نطاق التقدم المحقق من خلال الابتكار، وتعزيز قدرة الشركات المتوسطة والصغيرة على فهم وتقييم الفرص التي تتيحها الرقمنة لأعمالها، وتطوير مراكز وسيطة للابتكار، وتحفيز تكتلات جديدة للابتكار، وإطلاق أبحاث علمية تتيح مخرجاتها للجميع، وتطوير التشريعات الملائمة.

وأشارت الدراسة إلى أن الثورة الصناعية الرابعة تطرح فرصاً متعددة أمام تحقيق التقدم من خلال الابتكار، لكن في معظم الحالات، لا تتمكن نماذج المنتجات الأولوية والتجريبية من الانتشار والاعتماد من قبل مختلف القطاعات بسبب قلة المعلومات أو عدم وجود رأس المال المناسب أو محدودية المعارف. ومن شأن هذه العوامل إعاقة نشر الابتكار في الاقتصاد وأن تحد من التحول الاقتصادي للابتكار.

ولفتت الدراسة إلى مبادرة بعض الدول في تطوير واعتماد أدوات ابتكار لتحديد وتسريع عملية التوسع من خلال توفير الإرشادات والتمويل، وفي هذا الإطار، تناولت الدراسة 3 تجارب يجري بحثها وتشمل المجلس الأوروبي للابتكار، وبرنامج المدينة التقنية في المملكة المتحدة، إضافة إلى مسرعة دبي للمدن الذكية.

ازدهار اقتصادي

قال الأمين العام لمجلس الوزراء عبدالله بن طوق «إن العالم يحتاج إلى إنفاق 7 مليارات دولار من أجل البنية التحتية لتحقيق الازدهار الاقتصادي، مشيراً إلى خلق 133 مليون وظيفة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، ما يتطلب تطوير أنظمتنا التعليمية للتكيف بسرعة مع هذه المتغيرات».

وأضاف أن الإمارات تهدف وتعمل على أن تكون سفيرة العالم في الثورة الصناعية الرابعة التي أعلن عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله».

وأوضح أن نظام التعليم في العالم الآن يُشبه ما كان عليه قبل مئة عام، كما أن نظام الصحة يشبه ما كان عليه قبل 50 عاماً.

وشدد على الحاجة لإعادة أنظمة الحوكمة لمواجهة التحديات التي تقيد وتعرقل عمل المؤسسات والجهات، لافتاً إلى اعتماد دولة الإمارات المقياس الذي يسمح بتحديد الاستثمارات.إضافة 4.5 تريليون دولار للناتج الاقتصادي العالمي بحلول 2030يعمل المنتدى الاقتصادي العالمي على إنشاء شراكة جديدة لتسخير إمكانات الابتكار التكنولوجي والسياسة الذكية لتسريع الاقتصاد الدائري.ستتعاون مبادرة «تسريع الاقتصاد الدائري 360»، التي أُطلقت خلال المنتدي مع أطراف عدّة مثل الحكومات وقطاع الأعمال والمجتمع المدني، ورجال الأعمال حول العالم لإيجاد أفكار جديدة نيّرة ستساعدنا على تقليل الهدر في اقتصاداتنا.

وتُظهر الأبحاث أن بإمكان الاقتصاد الدائري الذي يُعد نهجاً متجدداً للإنتاج والاستهلاك، توليد 4.5 تريليون دولار من الناتج الاقتصادي الإضافي بحلول 2030، ورغم أن الفكرة استحوذت على اهتمام الشركات والحكومات، إلا أنها لا تزال غير معتمدة على نطاقٍ واسع حول العالم.

ولا تتجاوز حصة إعادة التدوير حالياً نسبة 9% فقط من إجمالي المواد المستخرجة والتي تسهم بنحو 50% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، وهذه النسبة من المتوقع أن تتضاعف بحلول 2050.

وترتبط مبادرة «تسريع الاقتصاد الدائري 360» بمنصة تسريع الاقتصاد الدائري، وهي تهدف إلى إنشاء أسواق جديدة للسلع، والخدمات، والإيرادات الدائرية، عبر إظهار ودعم وربط رواد الأعمال والابتكارات من خلال التحديات والشراكات التي تقودها البلاد.

وتكمن الفكرة في مساعدة هؤلاء على توسيع نطاق الحلول بالشراكة مع الوزارات والمستثمرين والخبراء والشركات. تنطلق أولى هذه الشراكات الوطنية اليوم في دولة الإمارات العربية المتحدة. وستنطلق الشراكة الوطنية القادمة في تشيلي بهدف طويل الأمد يتمثل في تنمية شبكة عالمية من صناع التغيير.

ويأتي هذا الإعلان في الوقت الذي تظهر فيه ابتكارات عديدة مثل تتبع الأصول المدعومة بتقنية الـ«بلوكتشين»، ونماذج الأعمال الرقمية، والمواد الجديدة، وأنظمة الاسترداد الممكّنة بواسطة الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء العالم.

بدوره، قال وزير التغير المناخي والبيئة الدكتور ثاني الزيودي إن من شأن مبادرة «تسريع الاقتصاد الدائري 360»، أن تحفّز جهودنا العالمية لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، كما أنها ستضمن لنا الحفاظ على مواردنا الطبيعية. سيزيد الاقتصاد الدائري من اعتمادنا على الطاقة النظيفة، ويعزز التنفيذ المتسق لمعايير التنمية المستدامة، ويخلق فرصاً أكبر للشباب في المنطقة».

ومن جانبه، قال وزير الدولة للذكاء الاصطناعي عمر بن سلطان العلماء «إن الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة يملكان إمكانات مذهلة لتغيير علاقتنا بالموارد الطبيعية، من خلال تطبيقها بطرق جديدة. توفر هذه الشراكة فرصة مهمة لإطلاق حلول وتطبيقات جديدة لهذه التقنيات».

وتعتمد مبادرة «تسريع الاقتصاد الدائري 360» على الأبحاث التي طوّرها المنتدى الاقتصادي العالمي بالتعاون مع «أكسنتور استراتيجي» لاستكشاف إمكانات تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة لتسريع الانتقال إلى الاقتصاد الدائري للبلاستيك والإلكترونيات.

ويحتضن المنتدى الاقتصادي العالمي هذه الشراكة باستثمار مبدئي قدره مليون فرنك سويسري مقدّم من حكومة الإمارات، وستستفيد الشراكة من شبكات خبراء المنتدى، والمجتمع المدني، وقادة الحكومات والصناعة وشبكة مراكز الثورة الصناعية الرابعة.