الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

آليات تخفف عبء أجور عمال الشركات بالإمارات في الظروف الاستثنائية

حدد مستثمرون وأصحاب أعمال 3 آليات للحد من عبء كلفة العمالة في الشركات المتضررة من تداعيات تفشي فيروس كورونا الذي قلص إيرادات الشركات وأجبرها على تقليل النفقات لضمان استمرار أعمالها.

وتمثلت الآليات المقترحة في إعطاء إجازات للعاملين ضمن رصيد إجازاتهم السنوية المدفوعة، وعقد اتفاق بين الطرفين على تخفيض الراتب لمدة زمنية محددة لحين تجاوز الأزمة، والاستغناء عن العمال المنتهية عقودهم، أو تدويرهم وفقاً لاحتياجات العمل في وظائف قائمة.

وأكد قانونيون أن الحلول التوافقية هي أفضل الخيارات بين الطرفين في مثل هذه الظروف الاستثنائية، مطالبين بعدم اللجوء إلى تخفيض الرواتب أو إنهاء الخدمات بطريقة تعسفية، والبحث عن خيارات منصفة للطرفين مثل تقليل البدلات وتخفيض الرواتب بشكل منطقي ومناسب، عوضاً عن اللجوء إلى القضاء لتحصيل الحقوق.


في تجربة أجرتها «الرؤية» مع الخط الساخن التابع لوزارة الموارد البشرية والتوطين، لقياس مدى تفاعلها مع استفسارات المستثمرين حول الآليات المتاحة أمام أصحاب الأعمال للتعامل مع العمالة في ظل الأزمة الاقتصادية الناتجة عن تداعيات فيروس كورونا، أفادت بأنه يمكن للمنشآت أن تواجه تحديات تكاليف العمالة لديها في ظل تداعيات انتشار كورونا على الأعمال، من خلال إعطائهم إجازات ضمن مستحقاتهم السنوية مدفوعة الأجر، أو عقد اتفاق مكتوب بين الطرفين في حال الاتفاق على تخفيض الرواتب لمدة معينة، على أن تعود إلى وضعها السابق عقب تجاوز الأزمة، وعودة الأعمال إلى طبيعتها، أو الاستغناء عن العامل في حال انتهاء عقد العمل وتقديم كافة مستحقاته بالشكل القانوني الذي يحمي كافة الأطراف، تدويرهم وفقاً لاحتياجات العمل في وظائف قائمة.


ودعا رئيس جمعية المحامين في الإمارات والمستشار القانوني زايد الشامسي أرباب العمل والعمال إلى التوصل لحلول توافقية لعبور الظروف الاستثنائية التي تمر بها الدولة والعالم أجمع نتيجة القيود المفروضة على العمل والشركات بسبب تفشي فيروس كورونا.

وأضاف الشامسي أن قانون العمل في دولة الإمارات واضح ويعطي لطرفي الإنتاج كامل حقوقهما، ولا سيما أن عقد العمل يعتبر الأساس ونقطة الارتكاز في التعامل، ولكن يجب على طرفي التعاقد تقدير الظروف والفترة الاستثنائية الحالية والتوصل إلى حلول توافقية فيما يتعلق بتخفيض الرواتب أو تقليل عدد العمال.

وذكر الشامسي أن العلاقة بين رب العمل والعامل أساسها عقد العمل، وهو شريعة المتعاقدين وبالتالي عند حدوث أي مخالفة يمكن معالجتها عبر قانون العمل، لافتاً إلى أن رب العمل لا يجوز له خلال هذه الفترة الاستثنائية تخفيض راتب العامل بقرار منفرد منه، ولكن يجب أن يكون هناك اتفاق بين الطرفين، سواء بموافقة ضمنية أو علنية من قبل العامل.

وبحسب الشامسي فإن أرباب العمل حالياً يمرون بظروف تجبرهم على تخفيض الرواتب وإنهاء الخدمات، ولا نستطيع أن نقول إنه فصل تعسفي كون الظروف التي نمر بها استثنائية ولم يسبق للبشرية أن مرت بظروف مماثلة ويحدث هذا التوقف الكامل للأعمال والشركات.

وبالتالي يجب على طرفي الإنتاج تقدير الظروف الحالية والوقت الذي نمر به ويجب على رب العمل أن يدرس الحلول والخيارات المناسبة.

بدوره، قال المحامي المتخصص بالقضايا العمالية، أحمد الحوسني، أن إنهاء خدمات العامل في المرحلة الحالية يعتبر تعسفياً، ولا سيما أن القانون ذكر مثلاً أن فصل المرأة خلال فترة الحمل يعتبر تعسفياً لأنه لا توجد ظروف قاهرة أو أسباب لإنهاء خدماتها، وكذلك بالنسبة للعامل الذي لم يصدر منه أي تصرف يدعوا إلى إنهاء خدماته.

وأضاف الحوسني أن الإجراءات المفترضة خلال هذه الفترة هي تخفيض الالتزامات من قبل رب العمل مثل تطبيق العمل عن بعد إذا أمكن، إلغاء بدل المواصلات والاتصالات أو أي بدلات أخرى وغالباً ما سيوافق العامل أو حتى في حال تخفيض راتبه، وفي حال تم إنهاء الخدمات يتحمل رب العمل بدفع كامل مستحقات العامل من بدل الإجازات ونهاية الخدمة والتعويض بحسب ما إذا كان العقد محدد المدة أو غير محدد المدة.

وذكر الحوسني أن الحلول التوافقية بين رب العمل والعامل هي الخيار الأمثل خلال هذه المرحلة، بحيث لا يتقدم العامل بشكوى، بما يتناسب مع الظروف القاهرة التي يمر بها رب العمل.

إلى ذلك، قال المحامي حميد درويش إن إنهاء الخدمات ينقسم إلى شقين، الأول يتعلق بالعاملين في القطاع الحكومي وينطبق عليهم قانون الموارد البشرية ويتم إنهاء خدماتهم بقرار إداري ويمكن اللجوء إلى المحكمة لاستصدار قرار إداري يعيد العامل إلى عمله.

أما الشق الثاني فيتعلق بالقطاع الخاص وهنا ينطبق عليهم قانون وزارة العمل، والذي يسمح لرب العمل بإنهاء خدمات العامل، سواء كان العقد محدد المدة أو غير محدد المدة، ولكن في مثل هذه الظروف يعتبر قرارا تعسفياً وبإمكان العامل اللجوء إلى القضاء للحصول على تعويض.

وأضاف درويش أن إنهاء خدمات العامل يكون تعسفياً عندما لا يبدر من العامل أي تقصير أو سلوك غير مناسب في الشركة، وبإمكان العامل اللجوء إلى المحاكم للحصول على تعويض، لافتاً إلى أن قانون العمل لم يتطرق إلى مثل هذه الظروف الاستثنائية المتعلقة بالآفات.

وأفاد درويش بأن الشركة لا يحق لها تخفيض رواتب الموظفين بدون الحصول على موافقتهم، وخاصة أن مهام العامل لم تتغير ولا حتى مسماه الوظيفي، مشيراً إلى أن العامل يعتبر الطرف الأضعف والقرار بيد صاحب العمل وهناك يحق للعامل التقدم إلى المحاكم للحصول على تعويض مناسب بحسب ما يقدر القاضي.

وطالب درويش بتعديل في قانون العمل يسمح للقاضي بإصدار قرار يعيد العامل إلى عمله أو مد فترة التعويض من 3 أشهر حد أقصى إلى 6 أشهر وبالتالي سيكون صاحب العمل أمام قرار صعب ويحتاج إلى التفكير مراراً عند اتخاذ قرار إنهاء الخدمات.

لجان لفض المنازعات بالمناطق الحرة

من جهته، قال المدير العام لمجمع دبي للعلوم، مروان عبدالعزيز جناحي، إن تضرر الأعمال والشركات من الظروف الحالية يختلف من شركة إلى أخرى، وبالتالي فإن أي استثمار لديه ظروفه الخاصة، فبعض الأعمال ازدهرت والأخرى قادرة على التأقلم وتطبيق العمل عن بعد واستثمار التكنولوجيا.

ودعا جناحي إلى أهمية التوافق خلال الفترة الحالية بين رب العمل والعامل بهدف تحقيق التوازن بين حقوق الطرفين خلال هذه الظروف الاستثنائية، لافتاً إلى أن جميع المناطق الحرة في الدولة لديها قسم فض المنازعات الخاص بها وتتبع جميعها القوانين المحلية والاتحادية فيما يتعلق بحقوق العمال.

وطالب جناحي الشركات عند الإقدام على تخفيض الرواتب بألا يكون التخفيض كبيراً وأن يكون منطقياً ويراعي حقوق جميع الأطراف، لافتاً إلى المجمع يسعى دوماً لضمان عدم تعسفية قرارات الشركات وتحصيل جميع حقوق العامل.

وذكر الشامسي أن المناطق الحرة تطبق نفس الإجراءات المتبعة خارجها فيما يتعلق بالقضايا العمالية، ولكن مع اختلافات تتعلق بطريقة وآلية التقديم، إذ تعتبر سلطة المنطقة الحرة هي الوكيل بين الشركة والعامل بدلاً من المحامي المواطن.

الموارد البشرية برأس الخيمة

وبدوره، أكد مدير مكتب وزارة الموارد البشرية والتوطين في رأس الخيمة، إنه لم ترد أي شكاوى عمالية على إثر تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية، مشيراً إلى أنهم تلقوا العديد من الاستفسارات من مستثمرين وأصحاب أعمال حول آلية التعامل مع العمالة لحماية كافة الأطراف في ظل تراجع الأعمال.

وقال إنه لمس وجود تفاهم وتعاون بين العمالة وأصحاب العمل في مواجهة الأزمة التي تمر بها أعمالهم بسبب توقف أعمالهم وتراجع الحركة التجارية في كافة القطاعات، على إثر الإجراءات الاحترازية في التصدي لانتشار فيروس كورونا، الأمر الذي سيمكن الأعمال من مواجهة التحديات التي أحدثتها تداعيات انتشار الفيروس.

وأشار إلى أن العامل لا ذنب له في تراجع الأعمال، لذلك تم توجيه جميع المستفسرين من أصحاب الأعمال للاتصال بوزارة الموارد البشرية والتوطين للتعرف على آليات يمكن اتخاذها لمواجه تحديات تكاليف العمالة في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.

أصحاب الأعمال متفهمون للموقف

من جانبهم، أكد مستثمرون أنهم ملتزمون بتقديم كافة مستحقات العمالة حتى لو تراجعت الأعمال ومنيت بالخسائر نتيجة تراجعها بشكل شبه الكامل، في الوقت الذي يحمي القانون حقوق العمال بحكم أن لا ذنب لهم فيما حصل، لكن التفاهم والاتفاق بين أصحاب العمل والعمال على آلية تعاونية لتجاوز الأزمة معاً مهم في هذا الوقت.

وقال صاحب مقهى فلامنغو في رأس الخيمة وسيم السهلي، إن أعمال المقهى توقفت كلياً جراء تعليق استقبال الزبائن تطبيقاً لقرار الجهات الرسمية بمنع التجمعات البشرية ضمن الإجراءات الاحترازية في التصدي لانتشار كورونا، الأمر الذي يكبده خسائر مالية كبيرة بسبب الالتزامات المالية التي تفوق طاقته، وخاصة في تسديد مستحقات العمال والذين يبلغ عددهم 13 عاملاً.

وأكد أنه سيتبع عدة آليات لمواجهة التحديات، منها أنه لن يجدد إقامة العمل للعمال التي ستنتهي خلال الأسبوع الحالي، بينما سيلتزم بتسديد كافة رواتب العمال وهم في بيوتهم للإيفاء بكافة حقوقهم بما حدده القانون، كونه لا ذنب لهم في تراجع الأعمال، مشيراً إلى أنه لا يستطيع تأخير الرواتب أو تخفيضها دون موافقتهم على ذلك.

بدوره، قال عبدالله الشحي صاحب مقهى ومطعم إن الإيرادات المالية تراجعت بنسبة 90%، مشيراً إلى أنه يتبع الآن عدة خطوات لتخفيض التكاليف، منها الاتفاق مع العمال على احتمالية تأخير المرتبات لحين تحصيل إيرادات مالية تسدد هذا البند.

ومن جانبه، قال المدير العام لشركة الشاهين لأعمال الديكور والتصميم الداخلي أيمن أبوالسمن، إن عدد العمال يشكل عبئاً مالياً كبيراً في ظل تراجع الأعمال.

ولفت إلى أنه وصل إلى تفاهم مع العمال على ضرورة تأجيل الرواتب لحين تحصيل دفعات مالية من بعض الزبائن، كونهم رفضوا تخفيض الرواتب لفترة زمنية محددة حتى تجاوز الأزمة، مشيراً إلى أنه سيستغني عن بعض العمال ممن ستنتهي عقودهم.