أظهرت الاستجابة المتميزة لجميع القطاعات لتنفيذ قرارات العمل والتعليم عن بُعد، في الإمارات، كفاءة في البنية التحتية، والتزاماً في التنفيذ مع وضوح في الرؤية والنهج، بدرجة عززت التفاؤل بأن تحقق الدولة هذا العام قفزة كبيرة إضافية في موقعها على مؤشر التنافسية الرقمية الدولي.
وكانت الإمارات ارتقت، عام 2019، في مؤشر التنافسية الرقمية الذي يصدر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية بمدينة لوزان السويسرية، لتحتل المرتبة 12، بعد أن كانت في المرتبة 26 عام 2016.
وتستند مبررات التفاؤل فيما جرى رصده من الترتيبات المتميزة التي تم اتخاذها خلال الأيام الماضية، وتمثلت في قرار اعتماد التعليم عن بُعد حتى نهاية العام الدراسي، وفي تطبيق العمل عن بُعد تدريجياً في القطاعين العام والخاص.
وجاء هذا التوسع في آليات الاقتصاد الرقمي، واعتماد أعلى مخرجات المرحلة التجريبية التي تأكد اجتيازها في الإمارات بمزيج من نهج الانضباط وكفاءة البنية التحتية، واتساق خطط التحول الرقمي والقفز نحو المستقبل، كما هي مرصودة في «رؤية 2021».
وكان «المعهد الدولي للتنمية الإدارية»، سجّل للإمارات ريادة عالمية ملفتة في مستويات المواقف التكيفية المحكومة بطموحات تنموية تمهد الطريق أمام اكتمال مختلف مقومات الأعمال الذكية التي تتبنى الرقمنة وتكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي.
لافتاً إلى أن المؤشرات الفرعية في الإمارات، كالمواهب، والإطار التنظيمي، ورأس المال، والإطار التكنولوجي، ومرونة الأعمال، وتكامل تكنولوجيا المعلومات، تشكّل في الإمارات ركائز أساسية لهذا الأداء الإيجابي والتقدم.
يشار إلى أن الإمارات، وفي مؤسساتها المبكّرة للحكومات الذكية، كانت تبنت الدوام المرن والعمل عن بُعد في مرحلة سابقة، وكان هذا النهج نابعاً من أهداف تحقيق الرفاه الوظيفي، وتحسين التوازن بين العمل والحياة العائلية، وتجويد بيئة العمل، وزيادة الإنتاجية، وتقليل حالات التأخير، وتوسيع مجموعة المواهب، وتعزيز العلاقات الأسرية، فضلاً عن موجبات السعادة في توفير النفقات للموظفين والمؤسسات وتقليل الازدحام المروري.
وكان واضحاً أن الجهات الحكومية هي أول من بادر بتفعيل العمل عن بُعد، لتحذو حذوها بعد ذلك مؤسسات كثيرة في تطبيق النظام الجديد للموظفين، والذي يمكنهم القيام بمهامهم من خارج مقار العمل.
وفي إعدادها المسبق للمدارس، وجعلها مؤسسات رقمية، كانت الاستراتيجية الإماراتية ترى أن ذلك سيسهم في انخراطها سريعاً في المنظومة الرقمية، حتى إذا حان الوقت وفرضت الظروف ذلك، بادرت المؤسسات إلى ترجمة خططها طويلة الأمد بشأن التعليم عن بُعد إلى ممارسة يومية على أرض الواقع، بهدف حماية المجتمع، وإدامة ربط العمل بعجلة الإنتاج.
وتجتمع العديد من جهات الاختصاص الدولية على أن أهم ما يميز سوق العمل الإماراتي، والذي جعل الدولة واجهة إقليمية ودولية في الاستثمار والتشغيل لسلاسل الإنتاج والتوزيع، يتمثل في أنه رقمي بكفاءة، وهو الأمر الذي يسهم في تخفيض النفقات التشغيلية وكلفة الأعمال بشكل عام، حيث إن الإجراءات الراهنة بشأن العمل عن بُعد في القطاعين العام والخاص، ومنه التعليمي، تؤهل الاقتصاد لتجاوز نسبة الاعتماد على آلية العمل عن بعد، لتبلغ نحو 50% من الوظائف المشغولة خلال المرحلة القادمة.
وإذا كان هذا الهدف مرصوداً للسنوات الثلاث المقبلة ضمن رؤية 2021، في القطاع المصرفي والتأمين والتكنولوجيا وقطاع تجارة التجزئة والقطاع التعليمي والصحي، فإنه الآن أضحى قيد التنفيذ، مع توسيع هذا التمرين الإماراتي الحي ليصبح جزءاً من آليات حكومة السعادة والمدن الذكية في القفز نحو المستقبل بتوفير توازن أفضل بين العمل والحياة مع تحكم أكبر في بيئة العمل.