الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الإمارات تضع ريادتها التكنولوجية في خدمة الحرب على كورونا

الإمارات تضع ريادتها التكنولوجية في خدمة الحرب على كورونا

مراكز متطورة لفحص كورونا من المركبة تنتشر في مختلف إمارات الدولة تعمل وفق أعلى المعايير العالمية

ودعنا نتابع ما حدث في ولاية نيفادا مؤخراً وحيث كانت الولاية تبحث عن شريك لمساعدتها على إجراء اختبارات فحوص الإصابة بفيروس «كوفيد-19» على نطاق واسع. فهل تتعاون مع اليابان ذات الشهرة التكنولوجية المشهودة؟ أم أن من الأفضل لها التعاون مع كوريا الجنوبية أو الصين اللتين خاضتا معركة حقيقية مع الفيروس؟ أو أن من الأفضل لها اللجوء إلى ألمانيا ذات القوة المعروفة في الصناعات الطبية؟ إلا أنها لم تتعاون مع أي من هذه الدول، بل فضلت التعاون مع مجموعة مختبرات «جي42» G42، وهي شركة إماراتية يوجد مقرها في أبوظبي وتقود برنامج الاختبار الوطني لاكتشاف المصابين بالفيروس والذي تم الترويج له كثيراً.

ويشير معظم الخبراء إلى أهمية إجراء عمليات الاختبار والفحص واسعة النطاق من أجل التخفيف من حجم الأضرار التي يتسبب بها هذه الوباء التاريخي بعد أن اجتاح العالم كله. ولقد برز اسم الإمارات باعتبارها دولة رائدة في إجراء الاختبارات على المستوى الوطني، وبلغ حجم أدائها مؤخراً 35 ألف اختبار كل يوم. والآن، أصبحت تُصنَّف ضمن الدول الثلاث الأولى في العالم التي تستأثر بأعلى معدل لاختبار سكانها. وربما تمثل هذه الحقيقة مفاجأة للغالبية العظمى من سكان العالم وخاصة لأولئك الذين لا ينظرون إلى الإمارات إلا باعتبارها واحدة من أشهر الدول إنتاجاً للنفط، أو كوجهة سياحية مهمة، أو كدولة تتميز بتجهيزاتها اللوجستية المتفوقة. وحقيقة الأمر هي أن الإمارات شهدت خلال العقد الماضي سلسلة لا نظير لها من الثورات في مجال الابتكارات العلمية والتكنولوجية.

وهناك أيضاً ميزة الحوكمة الفاعلة، وذلك لأن الحكومات العالمية تواجه الآن تحديات غير مسبوقة لمؤسساتها وقادتها بسبب الانتشار الواسع لفيروس كورونا. وفي كوريا الجنوبية، حازت إدارة الرئيس «مون جاي-إن» على أعلى درجات النجاح في قدرتها على التعامل مع الأزمة التي أثارها الفيروس. وظهرت مكافأة «مون جاي» من خلال النصر اللافت الذي حققه «الحزب الديمقراطي» الحاكم الذي يقوده في انتخابات الشهر الماضي وحيث فاز بأغلبية لم يُسجّل مثلها خلال العقود الثلاثة الماضية.


وأصبحت دول مثل كوريا الجنوبية والإمارات تستأثر بقوة تنافسية عالية المستوى في مجال القدرة والفاعلية في التعامل مع الأزمة. وبالنسبة لدولة ذات اتصال وثيق ببقية دول العالم كالإمارات، لا يكون من السهل التعامل مع وباء يمكنه اختراق الحدود، إلا أن الإمارات نشرت لهذا الغرض مجموعة من أدوات الجيل الرابع للثورة الصناعية ووضعتها قيد الاستخدام مثل أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد والتكنولوجيات الذكية وعلم المورثات (الجينات) بالإضافة لسلسلة من الإجراءات الوقائية واسعة النطاق ضد الكوارث، وتم كل ذلك تحت شعار كل الحكومة مجندة لاحتواء الفيروس.


وتُعدّ الإمارات واحدة من أكثر دول العالم اعتماداً على الشبكات الاتصالية. وبعد أن شيّدت في دبي المطار الدولي الأكثر ازدحاماً في العالم، أصبحت تضم مجموعة من أضخم موانىء الحاويات وأكثرها نشاطاً. وتستأثر الشركات الإماراتية بأوسع شبكة اتصالات عالمية، وتستفيد من أفضل الخبراء، وتعمل على تأسيس شبكة عريضة من الشراكات العالمية القادرة على ابتكار الاختراقات والحلول للمشاكل الطارئة بكل أنواعها. ويجب ألّا يغيب عن بالنا أيضاً أن الشبكات لا تمثل الطرق التجارية المنفتحة فحسب، بل إنها تعني أيضاً اكتشاف طرق وأساليب المشاركات العلمية.

ولن تكتفي نيفادا بعقد شراكتها مع «مختبرات جي42» الإماراتية، بل إنها تعتزم إجراء الدراسات الجينية معها على الفيروس وفقاً لما أعلنته مصادر رسمية في الولاية. ووردت في الإعلان الفقرة التالية: «سوف تهيئ لنا التجهيزات والخبرات التي تمتلكها مختبرات جي42 الفرصة لتحقيق زيادة أساسية في قدرتنا على إجراء اختبارات وبحوث يمكنها أن تساعدنا على التخفيف من أضرار الفيروس على مواطنينا وزوّارنا خلال الأزمة الراهنة». وقال جيم مورين من قيادة فريق العمل في الولاية: «وسوف تعزّز هذه الشراكة قدرتنا على توفير انتعاش اقتصادي وأمن مستدام على المدى البعيد».

وبالإضافة لشراكات العمل والإنجاز الفعالة، فلقد آثرت الإمارات احتلال الصفوف الأولى في مجال دعم ومساعدة البلدان الأخرى في معركتها ضد فيروس كورونا. والكل يعرف أنها قدمت 314 طناً من المساعدات لأكثر من 27 دولة.

والأوبئة، كمعظم المشاكل العالمية، لا تمتلك جواز سفر ولا تحتاجه. وهي تفرض على البشر أن يركزوا تفكيرهم على التوصل لأفضل الأساليب والحلول لمشاكلهم بدلاً من التركيز على مصدر ومنشأ تلك الأساليب. وسبق للزعيم الصيني السابق «دينغ شياوبينج» أن نطق بحكمته الشهيرة: «لا يهمني أبداً ما إذا كانت القطة سوداء أو بيضاء ما دامت قادرة على اقتناص الفئران».

ولقد بدأت الحكومات العالمية بإدراك الحقيقة الأساسية التي ينطوي عليها هذا المبدأ وهي أن الناس الباحثين عن الحلول لمشاكلهم لا يهتمون بالمكان الذي ستأتي منه تلك الحلول. ويبدو أن الإمارات بدأت بالتحول إلى قطّة رائعة بناء على المعيار الذي وضعه شياوبينج.تخيل نفسك أنك أصبحت حاكماً لإحدى الولايات الأمريكية، أو مسؤولاً حكومياً رفيع المستوى في إحدى دوائر الصحة العمومية أثناء انتشار وباء «كوفيد-19»، وفوجئت بأنك لا تمتلك تجهيزات كافية من الكمامات وأجهزة الفحص وأدوات ومواد الوقاية، فماذا ستفعل؟

من المرجح أنك ستبحث عن هذه الأدوات خارج حدود الولايات المتحدة وخاصة في الدول ذات الاقتصادات المتطورة في أوروبا وآسيا. ولقد عمدت ولاية ماريلاند مؤخراً لاستيراد 500 ألف جهاز اختبار من كوريا الجنوبية. وأصبحت عدة ولايات أمريكية، وآخرها ولاية نورث كارولاينا، تستورد الكمامات المصنوعة في الصين.