الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

تداعيات الوباء تعيد رسم خريطة سوق العمل

تأثر سوق العمل المحلي والعالمي بصورة كبيرة نتيجة تداعيات كورونا، نتيجة تراجع عمليات الإنتاج بسبب توقف الأنشطة التجارية والإغلاق الاقتصادي خلال فترة التعقيم، ولا شك أن تداعيات تفشي فيروس كورونا ستفرض الكثير من المتغيرات على سوق العمل، خاصة العاملين في القطاعات التي تأثرت بصورة مباشرة، مثل السياحة والطيران والترفيه وتجارة التجزئة والمطاعم والكافيهات، وكذلك القطاعات كثيفة العمالة مثل الإنشاءات، حيث من المتوقع تراجع الطلب على القطاع العقاري خلال المستقبل القريب وهو ما سيعمل على تأجيل بعض المشاريع العقارية.

ووفق دراسة حديثة أعدتها دائرة الموارد البشرية بالشارقة حول «تأثيرات الوباء العالمي فيروس كورونا المستجد على قطاعات الأعمال والوظائف محلياً»، أكدت أن قطاعات ومؤسسات الأعمال الفائزة في ظل أزمة «كورونا» هي التي تمكنت من أداء أعمالها عن بُعد (online)، وحولت جميع أعمالها بنسبة 100% لتصبح عبر الإنترنت، فيما ازدادت أهمية الوظائف التي تتم عن بُعد، والتي يمكن إثراؤها بأعمال التحليل، في حين تأثرت الأعمال «الروتينية» سلباً، وقد تتعرض للتقلص والاختفاء، كونها تفتقر إلى أعمال التحليل، حتى يتم تطويرها لتنفذ عبر التكنولوجيا والتطبيقات الذكية.

ولفتت الدراسة إلى تأثيرات الحجر الصحي على قطاعات الأعمال، حيث تأثر العديد منها بسبب القيود وتخوف الناس من انتشار الأمراض المعدية، حيث قل السفر والتنقل وركوب الطائرات وتناول الطعام خارج المنزل ولقاءات الأعمال واللقاءات الاجتماعية وحضور الاحتفالات العامة والأحداث الرياضية والمؤتمرات والندوات والمهرجانات وتنظيم الفعاليات المختلفة، وبالتالي فإن العديد من الأنشطة والأعمال المرتبطة بهذه الأنشطة قد تتقلص أو تختفي.


وأبرزت الدراسة استفادة قطاعات الأعمال الصحية والطبية، كالوظائف المتعلقة بالطب والتمريض والصيدلة والطب الوقائي وعلوم الأوبئة والصناعات الدوائية، وكذلك الوظائف المتعلقة بتقديم السلع الطبية ونقلها، وأعمال وظائف تكنولوجيا المعلومات المساندة للعمل الطبي، وكذلك وظائف متاجر السلع الاستهلاكية والجمعيات التعاونية، كالأمن، وعمليات التنظيف والتعقيم، والإداريين المشرفين، والمحاسبة، وأصحاب المهارات الحرفية المتعلقة بعمل الأغذية وتنظيفها وترتيبها وفقاً للقواعد الصحية، حيث ازدهرت هذه الوظائف مؤخراً كونها تلامس حاجة الناس المباشرة.


وتطرقت في المحور ذاته إلى الوظائف المتعلقة بشركات الأدوية ومعالجة الأمراض، مركزة على الوظائف الفنية والتقنية المتعلقة بعملية تصنيع الدواء، ثم الوظائف المساندة داخل شركات الأدوية كالتسويق، والنقل، والتدريب، والتأهيل، والمحاسبة، والعمل الإداري المتصل بشركات الأدوية، حيث يشهد هذا النوع من الأعمال ازدهاراً وأهمية وتحتم الضرورة التوجه إليه والاستثمار فيه وتطويره بإنشاء شركات تصنيع الأدوية والأبحاث الطبية.

كما تناولت في محور الوظائف المزدهرة تلك المتعلقة بشركات التكنولوجيا والخدمات والعمليات التقنية، وأمن المعلومات، التي تعمل على دعم العاملين من المنازل، الأمر الذي يفتح المجال لتطوير كل أعمال تقنية المعلومات، ويعمل على تأمين وظائف تقنية متعددة، علاوة على الوظائف التعليمية والتدريبية والتأهيلية المسنودة بالعمليات التقنية وتنفيذ أعمال التعليم والتدريب والتأهيل عن بعد، مثل الوظائف المتعلقة بالعلوم والنقل والترجمة والنشر التكنولوجي التي تتم عبر الإنترنت.

وعلى صعيد قطاع الاقتصاد الأخضر المعني بالوظائف المتعلقة بالبيئة والمحافظة عليها، والتعامل مع التغير المناخي، والاحتباس الحراري، ومعالجة مشكلة شح المياه، والتصحر والجفاف، ازدادت أهمية التخصصات المتعلقة بذلك، بجانب الوظائف المتعلقة بالقطاع الزراعي التي ينبغي تطويرها للاستعداد لتحقيق التوازن في عمليات استيراد المنتوجات الزراعية في المستقبل، وتفادي ما يتعلق بها من تبعات كارتفاع التكلفة، وصعوبات الاستيراد، ومدى كونها آمنة.

وأفادت نتائج استبيان أجرته شركة بيت.كوم، أكبر موقع للوظائف في الشرق الأوسط، بأن غالبية المجيبين (81%) يعتقدون أن تفشي فيروس كورونا سيؤثر على أنشطة التوظيف عبر جميع القطاعات في المستقبل، ويعتقد ثلثا المجيبين أن أنشطة البحث عن عمل عبر الإنترنت (مثل التقدم للوظائف باستخدام مواقع الوظائف عبر الإنترنت، وما إلى ذلك) ستزداد مقارنة بالطرق التقليدية الأخرى، بينما يعتقد 36% من الموظفين أن أنشطة التوظيف عبر الإنترنت (مثل إجراء مقابلات العمل عبر الإنترنت، وما إلى ذلك) ستشهد ارتفاعاً في شركاتهم.

وذكرت بيت.كوم، تتزايد الحاجة اليوم لعدد من التخصصات والأدوار الوظيفية الضرورية لمواجهة أزمة كورونا، سواء كانت في المجال الطبي أو النقل والخدمات اللوجستية، أو أي مجال آخر يساعد في مواجهة أي تحديات اقتصادية قد تسببها الأزمة، ومن ضمن الأدوار الوظيفية الضرورية، الأطباء والممرضون وموظفو الصحة، خبراء الصحة العامة والعلماء والباحثون، موظفو الرعاية الصحية والدعم، موظفو التنظيف والتعقيم، موظفو النقل والخدمات اللوجستية، موظفو الأمن والسلامة، موظفو الخدمات غير الربحية.

وحدد عدد من الخبراء الماليون والاقتصاديون بعض الوظائف التي ستكون مطلوبة بمجرد انتهاء أزمة الفيروس التاجي، إذ شجعوا الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم، أو تم إجبارهم أو تم قطع أجورهم خلال فترة الإغلاق، على تعلم مهارات جديدة والبحث عن فرص وظيفية جديدة عندما يعود الاقتصاد إلى طبيعته.

ووفقاً للخبراء، فإن الوظائف الأساسية للخدمة ستكون مطلوبة بشدة بعد أزمة كورونا، مثل رعاية المسنين، والتمريض، والتدريس، والاستشاريين، ومقدمي الطعام، والتوصيل.

وبحسب موقع مجلس الوظائف الأوروبي، فأن المهن الأكثر طلباً حالياً وستكون مطلوبة كذلك في المستقبل، أولاً، خدمة العملاء، وخاصة مع دخول العديد من البلدان المختلفة في وضع الإغلاق وقضاء الكثير من الأشخاص الوقت في المنزل، يزداد الطلب على الخدمات الرقمية مثل Netflix وAmazon Prime Video بشكل سريع، بما في ذلك خدمات التسليم مثل Deliveroo و Ubereats، وبالتالي يمكنك أن تتخيل هذا الواقع الذي يجلب طلباً مرتفعاً على موظفي خدمة العملاء.

ثانياً، الوظائف عن بعد، نتيجة الظروف الحالية التي فرضها تفشي فيروس كورونا، فهناك قائمة من الوظائف التي لا حصر لها ويمكن القيام بها من المنزل، مثل مطوري الويب والتوظيف ووكلاء المبيعات وكتاب المحتوى والمسوقين، ثالثاً محللو البيانات، بالنظر إلى خطورة COVID-19 ومدى سرعة انتشاره، تقوم الشركات من جميع أنحاء العالم بتوظيف محللي البيانات للتحقيق في انتشار الفيروس وعوامل أخرى، يزداد الطلب على محللي البيانات أيضاً، حيث يحتاج الأشخاص من جميع أنحاء العالم إلى معلومات فورية حول ما يجري، وكيف سيؤثر ذلك على المبيعات، والأسواق المختلفة.

رابعاً، سائقو التوصيل، كما ذكرنا في البداية، فإن شركات مثل Deliveroo تشهد طفرة، حيث يتبع الناس من جميع أنحاء العالم إرشادات البقاء في المنزل، ورغم أنه عمل شاق للغاية في الوقت الحالي وغير آمن ولكن الطلب عليه عالٍ جداً لاستمرار عمليات البيع والتوصيل، وخامساً اختصاصيو الرعاية الصحية وهم إلى حد بعيد أكثر الوظائف المطلوبة في الوقت الحالي والمستقبلي، وهم الذين يعملون بجد لمحاربة انتشار COVID-19، حيث حثت شركات الرعاية الصحية من جميع أنحاء العالم العاملين المتقاعدين والرعاية الصحية السابقين على العودة إلى العمل مرة أخرى، ناهيك عن الأدوار الأخرى المتعلقة بالرعاية الصحية مثل خطوط المساعدة، ومستشاري الرعاية الصحية، والأدوار الأخرى القائمة على الدعم.