السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مجلس "الرؤية" الرمضاني: البنوك ترفع مناعة الاقتصاد في زمن الجائحة

مجلس "الرؤية" الرمضاني: البنوك ترفع مناعة الاقتصاد في زمن الجائحة

المشاركون في مجلس "الرؤية" الرمضاني. (الرؤية)

شهد مجلس "الرؤية" الرمضاني، الذي عقد أمس عبر تقنية الفيديو، تطبيقاً للإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة لمنع تفشي وباء كورونا المستجد، العديد من المناقشات حول تأثير الوباء على العديد من قطاعات الأعمال في الدولة، وكيف كان أداء الاقتصاد الإماراتي خلال الأزمة، وما هي استعداداته لما بعدها.

وناقش ضيوف المجلس الذي حمل عنوان (اقتصاد الإمارات في زمن كورونا وما بعد) وأدار حواراته رئيس تحرير "الرؤية" محمد الحمادي، العديد من القضايا، أهمها:

- مشاركة البنوك في دعم القطاعات المتأثرة وضرورة التخلي عن المبدأ التجاري البحت في التعامل مع الشركات.


- تشكيل جمعيات زراعية لدعم مستثمري القطاع الزراعي وبالتالي دعم استراتيجيات تحقيق الأمن الغذائي في الدولة. واعتماد التكنولوجيا بصورة أكبر في المجال الزراعي لمواجهة تحديات ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه.


- اعتماد الشركات بصورة أكبر على المتاجر الإلكترونية لتسويق المنتجات المحلية.

- دمج الشركات الصغيرة والمتوسطة بالقطاع السياحي كأحد الحلول لتفادي الخروج من السوق.

- خفض رسوم الأعمال والعمالة بصورة خاصة للقطاعات الزراعية والصناعية كثيفة العمالة.

- تقليص المعروض العقاري ليتناسب مع حجم الطلب الحقيقي للحفاظ على توازن السوق.

وشارك في المجلس مجموعة خبراء من قطاعات وجهات مختلفة تضم: رئيس مجلس إدارة شركة منازل محمد مهنا القبيسي، وعضو المجلس الوطني الاتحادي ورئيس شركة العابدي القابضة سعيد راشد العابدي، وعضوة مجلس إدارة غرفة صناعة وتجارة أبوظبي ريد الظاهري، ومؤسس ومدير تنفيذي سابق لنور بنك حسين القمزي، والرئيس التنفيذي لشركة الظاهرة الزراعية سالمين العامري، ورائد الأعمال فيصل الشمري.

حيث أكد المشاركون أن الدولة تمكنت من إدارة أزمة كورونا بكل احترافية، وتمكنت حتى الآن من السيطرة على عدم تفشي الوباء، والحد من الأضرار الاقتصادية وإبقائها في أدنى مستوى، مقارنة بما تشهده الاقتصادات الكبرى حول العالم.

ففي الأمن الغذائي وتوفر السلع بأسعارها العادية لما قبل كورونا، يثبت أن الاستراتيجية التي تعتمدها الدولة لتحقيق أمنها الغذائي ناجحة، إلا أنهم أكدوا تأثر الشركات العاملة في القطاع بأزمة كورونا، شأنها في ذلك شأن بقية القطاعات وفي مختلف أنحاء العالم، واتفقوا على ضرورة الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية، وفي سلاسل الإمداد، فهي كفيلة بأن تحقق ناتجاً زراعياً جيداً بدون أي هدر وبمستوى إنتاج يفوق الزراعة التقليدية بمراحل كبيرة.

لكنهم أشاروا إلى ضرورة توفير البنوك التمويلات اللازمة للمزارع في الدولة، فهذه الفئة تعاني من إحجام البنوك عن تقديم أي مساعدة مالية أو تمويلات، وطالبوا بضرورة جلوس جميع المعنيين في القطاع من جهات حكومية وقطاع خاص وممثلين عن البنوك في الدولة لإيجاد حل لهذه المشكلة التي يعاني منها المزارعون في الدولة بشكل كبير.

وأيضاً طالبوا بضرورة خفض رسوم الأعمال ورسوم العمالة بصورة خاصة للقطاعات الزراعية والصناعية كثيفة العمالة، والتي تكبد أصحاب الأعمال مبالغ طائلة.

وبحثوا إمكانية تشكيل جمعيات زراعية لدعم مستثمري القطاع الزراعي وبالتالي دعم استراتيجيات تحقيق الأمن الغذائي في الدولة. واعتماد التكنولوجيا بصورة أكبر في المجال الزراعي لمواجهة تحديات ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه، ولفتوا إلى نجاح الدولة في الاستثمار الزراعي في الخارج، نتيجة لارتفاع درجات الحرارة لدينا وشح المياه، كي تتمكن الدولة من تحقيق الاكتفاء الغذائي، وإلى ضرورة استخدام التكنولوجيا المتقدمة من إنترنت الأشياء والروبوتات في الزراعة، ولفتوا إلى استثمارات صندوق أبوظبي للاستثمار الناجحة في القطاع، إذ قدم الصندوق مئات ملايين الدولارات كاستثمارات في العشرات من المشاريع الزراعية، وهو ما يؤدي إلى الحفاظ على الأمن الغذائي للدولة.

وأكدوا أن أزمة كورونا وتوقف سلاسل الإمداد فرضا على الدولة البحث عن منتج زراعي محلي لتفادي مثل هذه الأزمات مستقبلاً.

أما عن التأثر الأكبر فكان لقطاع السياحة، حيث ناقش المشاركون في المجلس، ضرورة توجه شركات السياحة الصغيرة والمتوسطة إلى الاندماج لتشكيل كيانات سياحية كبيرة يمكنها أن تتجاوز هذه الأزمة، وأشار ضيوف مجلس "الرؤية" الرمضاني إلى أن التأثر طال المنظومة الاقتصادية كاملة وليس القطاع السياحي فقط، فهذا القطاع ترتبط به العديد من الأنشطة الاقتصادية مثل الطيران والفنادق والمطاعم والوجهات الترفيهية، وغيرها، إذ استقبلت الدولة العام الماضي أكثر من 16 مليون سائح، وتوجد لدى الدولة واحدة من أكبر شركات الطيران في العالم، ويستقبل مطار دبي وحده أكثر من 70 مليون مسافر سنوياً، وبالتأكيد أثر توقف الحركة بشكل كبير على جميع هذه القطاعات.

وطالب المشاركون بأن تتدخل البنوك بشكل أكبر وأن تقدم التمويلات الضرورية للشركات العاملة في القطاع لتجاوز الأزمة بأقل الأضرار، إلا أنهم أوضحوا أن البنوك ليست جمعيات خيرية، فهي مؤسسات ربحية وعليها أن تعمل على تحقيق الأرباح لمساهميها، لذلك ستقدم التسهيلات لمن يستطيع الاستمرار والصمود في ظل تفشي الوباء.

وناقش أيضاً ضيوف مجلس "الرؤية" وضع القطاع العقاري، والتحديات التي تواجهه، خاصة أن القطاع كان يعاني خلال السنتين الماضيتين من تفوق العرض على الطلب، ما أثر سلباً على السوق العقاري، ودفع الأسعار إلى الانخفاض، وجاءت أزمة الفيروس المستجد لتزيد الأمور سوءاً، وهنا أيضاً طالبوا البنوك بالمزيد من الدعم لهذا القطاع، ولفتوا إلى أنه في المرحلة المقبلة يجب أن يتم التركيز فيها على الاستثمار في البنية التحتية للقطاع، وقالوا إن على البنوك تقديم تسهيلات إضافية للقطاع العقاري كي يتمكن من تجاوز الأزمة، وخاصة لصغار المستثمرين الذين تكون معاناتهم أكبر.

وفي قطاع التجزئة، اتفق المشاركون على أن التوجه إلى التجارة الإلكترونية هو الحل أمام القطاع للخروج من أزمة الإغلاق التي تشهدها الأسواق، ولفتوا إلى أن التجارة الإلكترونية نمت بشكل كبير في الدولة خلال فترة تفشي الوباء، وقدموا النصيحة للمتاجر التقليدية بأن تتجه نحو التجارة الإلكترونية بشكل أكبر، وعليها أن تقدم المزيد من الابتكار في أدائها لتحافظ على وجودها واستمراريتها، وعليها أن تضع الاستراتيجيات والخطط للتسويق الإلكتروني الذي سيفتح أمامها الكثير من المجالات ومنها التوجه إلى العالمية، فالتسوق الإلكتروني لا تحده مناطق جغرافية محدودة، وأسواق محلية، والتجارة الإلكترونية ستشكل مستقبل قطاع تجارة التجزئة، ولفتوا إلى أن هناك بعض الفرص التي يجب استغلالها، مثل الاستثمار في الذهب، الذي يشهد ارتفاعات متتالية في الأسعار، باعتباره ملاذاً آمناً في زمن الأزمات، وتشير التوقعات إلى تحقيقه المزيد من الارتفاعات.

وبالنسبة لقطاع البنوك، أكد المشاركون بأنه السر الذي يقف أمام تجاوز هذه الأزمة، وغيرها من الأزمات، وأوضحوا أن توجه البنوك إلى توفير خدماتها إلكترونياً ساعدها كثيراً في الحد من الأضرار، فالخدمات البنكية الإلكترونية كانت تشكل رافداً صغيراً لأعمال البنوك قبل أزمة "كوفيد ـ 19" لكنها اليوم أصبحت أساس عمل البنوك.

وأشاروا إلى أن البنوك كغيرها من القطاعات والمؤسسات تبحث عن الربح وتجاوز الأزمة بأقل الأضرار، لذلك عليها أن تبحث عن الفرص من هذه الأزمة، بأن تقوم بدراسة كاملة لكل القطاعات والمؤسسات وحتى الأفراد، للبحث عن من يمكنه الاستمرار بعد الأزمة وتقديم التمويلات والقروض التي يحتاجون إليها، وبإمكانها أيضاً القيام بدراسات لمساعدة الشركات والمؤسسات على الاندماج لتشكيل مؤسسات وكيانات كبيرة برأس مال ضخم يمكنها من الصمود أمام الأزمات.

وشددوا على ضرورة استمرار الثقة في عمل المؤسسات المصرفية، على الرغم من القضايا التي تواجهها، وضربوا مثلاً على ذلك بقضية مجموعة (إن إم سي) للرعاية الصحية، التي أدت إلى انكشاف عدة بنوك في الدولة عليها بمليارات الدولارات.

لكنهم طالبوها بالمزيد من البحث عن زبائنها لمعرفة وضعهم الائتماني بشكل دقيق.

وأيضاً ناقش المشاركون ضرورة وجود بنوك متخصصة في الدولة، كأن توجد بنوك متخصصة في القطاع الزراعي، وأخرى متخصصة في القطاع العقاري، وغيرها، فالتخصص يفتح الكثير من المجالات للاستثمار أمام البنوك.

وعليها أيضاً أن تبحث عن الخبرات والمواهب لاستقطابها للعمل لديها، لتتمكن من الاستمرار في تحقيق الأرباح، واليوم غالبية البنوك العاملة في الدولة تعتمد هذه الاستراتيجيات.