أكد محللو أسواق المال لـ«الرؤية» على أن تحركات المستثمرين الأجانب في أسواق المال الإماراتية خلال الفترة المقبلة ترتبط باستقرار أسواق المال العالمية وإيجاد لقاح لفيروس كورونا فضلاً عن استقرار أسعار النفط التي تعتبر محركاً رئيسياً لأسواق الخليج.
وأرجع المحللون بدء عودة الزخم الشرائي على سوق دبي المالي بالفترة الماضية إلى بدء عودة النشاط الاقتصادي في الإمارات خاصة دبي ما أثر على نفسية المستثمرين بالإيجاب بعد العزوف الذي سيطر عليها مع بداية الأزمة.
ومن ناحيته قال المحلل المالي، والمدير العام السابق لإدارة الأصول في «شركة مينا كورب» طارق قاقيش، إن تحركات المستثمرين الأجانب في أسواق المال المحلية ترتبط بسلوكهم في أسواق المال العالمية، مؤكداً على ارتباط أسواق المال الخليجية عامة والإماراتية بوجه خاص بتحركات الأسواق المالية العالمية.
ولفت قاقيش إلى ارتفاعات السوق الأمريكية في الجلسات الماضية والتي تزامن معها ارتفاعات بالسوق المحلي ومزيد من تحركات المستثمرين الأجانب.
وتابع: عودة الاتجاه الشرائي للأجانب لا يعني استقرار أسواق المال ونهاية تأثرهم بأزمة كورونا ولكن الوضع لا يزال غير مستقر على المستوى العالمي والذي ينعكس بالطبع على حركة الأسواق المحلية.
وذكر أنه من بين العوامل التي تؤثر على حركة الاستثمار الأجنبي في المنطقة عامة والإمارات خاصة إيجاد لقاح للفيروس وعودة النشاط الاقتصادي فضلاً عن ارتفاع أسعار النفط والتي تؤثر على موازنة الحكومات والصرف والدعم للنشاطات الاقتصادية.
ولفت قاقيش إلى ضرورة سرعة إفصاح الشركات عن نتائج أعمال الربع الأول، مشيراً إلى أن هناك نحو 78 شركة لم تعلن عن أعمالها الفصلية بعد المهلة التي منحتها الهيئة بالإفصاح عن الربع الأول مع الربع الثاني، لافتاً إلى أن تأثير الأزمة سيظهر بشكل أوضح على الشركات بالربع الثاني والتراجعات والخسائر ستكون أكثر مما قد يصدم المستثمرين في ذلك الوقت.
ومن جهته أشار نائب رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية في كامكو إنفست، رائد دياب إنه منذ بداية العام وحتى نهاية مايو 2020، أصبح المستثمرون الأجانب بائعين صافين في الإمارات حيث أدى ذلك إلى ضعف أداء الأسواق المالية.
وذكر دياب أنه من الواضح أن المستثمرين الأجانب يقسمون الأسواق الناشئة إلى نوعين أولهما الاقتصادات التي تخضع حالياً لإقفال جزئي أو كامل، إلى جانب عدد حالات «كوفيد-19» الجديدة التي لا تزال ترتفع وثانيها الاقتصادات التي تم رفع القيود تماماً فيها وعدد الحالات الجديدة تشير إلى انخفاض كبير.
وذكر أنه لا يزال المستثمرون الأجانب يعتقدون أن أسواق دول مجلس التعاون الخليجي ومن بينها الإمارات تنتمي إلى الفئة الأولى من الاقتصادات المذكورة أعلاه.
وتوقع انتعاش عمليات الشراء من قبل المؤسسات الأجنبية في المرحلة الأولي مع حدوث انخفاض ثابت في الحالات الجديدة وزيادة في عدد عمليات الشفاء.
وأشار إلى أن الموجة الثانية من عمليات الشراء للمستثمرين الأجانب من المتوقع أن تحدث عندما تعود الشركات الإماراتية الى الربحية مرة أخرى، حيث يرى أنها لا تزال ضعيفة في الوقت الحالي.
وشهدت الفترة الماضية حالة من التعافي ليعود الزخم الشرائي من قبل الإجانب مرة أخرى خاصة في سوق دبي، وخلال الثلاث جلسات الأخيرة من مايو 2020 بلغ صافي مشتريات الأجانب في سوق دبي المالي نحو 343.17 مليون درهم، بإجمالي مشتريات بلغ 1.14 مليار درهم، مقابل مبيعات بقيمة 799.5 مليون درهم.
يذكر أن صافي مبيعات الأجانب في سوق دبي المالي بلغ نحو 616.8 مليون درهم خلال الأربعة أشهر الأولى من العام، بإجمالي شرائي بلغ 5.18 مليار درهم، مقابل إجمالي بيعي قدره 5.8 مليار درهم.
وقال عضو المجلس الاستشاري في معهد «تشارترد» للأوراق المالية والاستثمار والمحلل المالي، وضاح الطه إن العودة التدريجية لمختلف اقتصاديات العالم انعكست على نفسية المستثمرين الأجانب في أسواق المال وضخ المزيد من السيولة بها خلال الفترة الماضية.
وأشار الطه إلى أن عودة النشاط جاء مع زيادة استهلاك وسائل النقل البرية مما أدى إلى زيادة الطلب عل النفط الخام والوقود وارتفاع أسعار والذي انعكس أيضاً على نفسية المستثمرين.
وتابع: الإقبال على الاستثمار في الأسهم جاء نتاج عودة النشاط الاقتصادي وتحسن نفسية المستثمرين والذي ظهر في أداء السوق الأمريكي في الفترة الأخيرة والسوق الإماراتية أيضاً.
وأشار إلى أن تلك العوامل لم تشجع المستثمر الأجنبي فقط على ضخ المزيد من السيولة ولكنها كان لها أثر إيجابي أيضاً على سلوك المستثمرين المحليين، مشيراً إلى أن عودة الطيران الأماراتي في الفترة المقبلة يعزز أداء أسواق المال في الفترة المقبلة ويدعم التعافي التدريجي للأسهم الذي ربما يحتاج النصف الباقي من العام من أجل التعافي التام والمتماسك والمرتبط أيضاً بإيجاد لقاح للفيروس.
ومن ناحيته قال المحلل المالي والرئيس التنفيذي الدولي لتطوير الأعمال في البنك العراقي الإسلامي للاستثمار والتنمية علي حمودي إن عودة الاتجاه الشرائي للمستثمرين الأجانب في أسواق المال الإماراتية جاء بدعم عدة عوامل أبرزها تخفيف الإجراءات الاحترازية وسط حالة من التفاؤل لعودة العجلة الاقتصادية وعودة النشاط الاقتصادي والشركات الإماراتية للعمل مرة أخرى.
وأضاف المحلل المالي أن التراجعات التي شهدتها غالبية الأسهم خلال الفترة الماضية بسبب مخاوف انتشار فيروس كورونا ساهمت في وصول الأسهم إلى مستويات جاذبة مما يدعم استمرار الاتجاه الشرائي للمستثمرين بالفترة المقبلة.
وأشار حمودي إلى عودة زخم السيولة خلال الجلسات الماضية خاصة جلسة نهاية الأسبوع الماضي والتي استقطبت سيولة عالية خاصة على الإمارات دبي الوطني والذي حاز طلباً مرتفعاً من قبل المسثمرين الأجانب.
وتوقع المحلل أن تستمر زيادة حيازة المستثمرين الأجانب من الأسهم الإماراتية بفضل أسعارها الجاذبة واستمرار عودة النشاط الاقتصادي فضلاً عن استقرار أسعار النفط العالمية أو ارتفاعها مما يؤدي لاستقطاب مزيد من السيولة باقتراب النصف الثاني من العام.