الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

شروط بنكية صعبة تحرم المشاريع المتضررة من كورونا من التسهيلات

شروط بنكية صعبة تحرم المشاريع المتضررة من كورونا من التسهيلات

(أرشيفية)

اعتبر مستثمرون أن شروط تمويل بعض البنوك الوطنية التي تتيح دعماً مالياً للاستثمارات المتضررة جراء جائحة كورونا، صعبة بسبب محدوديتها من حيث قيمة الدعم وفترة السداد.

وأكدوا أن توصيات البنك المركزي المتمثلة في تسهيلات مالية للبنوك لدعم الأعمال في زمن الجائحة، لا تمس الاستثمارات بشكل مباشر، الأمر الذي يضعها في إطار اشتراطات تضغط على الأعمال ولا تدعمها لتجاوز الأزمة الحالية، مطالبين بضرورة إقرار آليات دعم مالي مباشر للأعمال أو عبر الصناديق الوطنية لتنمية المشاريع، أو ضمانات حكومية لتمويلها.

وطالب خبراء، البنوك بإبداء مرونة في مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الوقت الراهن، لكن في نفس الوقت طالبوا القائمين على الشركات ببناء الخطط المقنعة للبنوك، وتقديم البيانات التفصيلية التي من شأنها دفع البنك إلى اتخاذ القرار الائتماني الصحيح.

إلا أن بعض الخبراء والمصرفيين أكدوا أن مسألة تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة ليست بهذه البساطة، ولا يمكن للبنوك تحملها منفردة، فسيولة البنوك جيدة لكنها ليست فائضة إلى هذا الحد، إضافة إلى عدم جدوى تمويل الكثير من الشركات الصغيرة ما يرتب مخاطر غير محمولة على البنوك.

وأوضحوا أن البنوك تبني قراراتها التمويلية على قاعدة العلاقة مع العملاء وحجم المخاطرة والعائد، وهذه القاعدة الثلاثية تختل في وقت الأزمات، مؤكدين صعوبة بناء علاقة ائتمانية جديدة مع بنك ما لا سيما في الوقت الراهن.

قصور التمويل

وقال رجل الأعمال الإماراتي، أحمد محمد عبدالغفور، إنه حاول الحصول على تمويل بنكي لتوفير سيولة مالية لاستمرار أعماله، نظراً لصعوبة تحصيل مستحقاته المالية في السوق، نتيجة ضغوطات جائحة كورونا على الأعمال المرتبطة بطبيعة عمله، ليصطدم باشتراطات تمويل اعتبرها صعبة بالنظر إلى حجم التمويل وفترة السداد من بنكين وطنيين فقط، ورفض البنوك الأخرى للتمويل.

وأشار إلى أن التسهيلات المالية التي قدمها البنك المركزي لدعم قطاع الأعمال عبر البنوك الوطنية، لا تمس الاستثمارات بشكل مباشر، وإنما تقع ضمن آلية بنكية صعبة المنال، موضحاً أن أحد البنوك قدم له 300 ألف على فترة سداد لمدة عام، وآخر عرض 500 ألف درهم على فترة سداد لمدة عامين، بالرغم من أن مبيعاته السنوية تبلغ نحو 4 ملايين درهم.

وأضاف أن الأعمال الوطنية تحتاج إلى تمويلات مالية مباشرة عبر الصناديق الوطنية لتنمية المشاريع، وبضمانات حكومية تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني.

الحاجة إلى ابتكار آلية دعم

بدوره قال المتخصص في الإدارة المالية في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية الدكتور عبدالله العوضي، إن آلية دعم المشاريع الوطنية في زمن جائحة كورونا التي أثرت على السيولة المالية للاستثمارات، وأضرت بأخرى بشكل كامل، لا تؤتي أكلها نظراً لعدم اتصالها المباشر في عملية تمويلها، وإنما عبر البنوك التي استفادت من تسهيلات البنك المركزي بضخ نحو 250 مليار درهم لتمويل الاقتصاد الوطني لصالحها، في الوقت الذي ترفض فيه البنوك دعم الأعمال لعدم وجود ضمانات في السداد في زمن الجائحة.

وأكد ضرورة ابتكار آلية دعم مباشرة للمشاريع للحفاظ على استمراريتها، من خلال صناديق ومؤسسات تنمية المشاريع التي تمتلك بيانات الشركات الوطنية المتضررة، في إطار ضمانات حكومية تسهم في تسهيل التمويل، وباشتراطات تتناسب مع ظروف الأعمال.

3 معايير

ومن جانبه أفاد الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات والعملاء في شركة الظبي كابيتال المحدودة، محمد علي ياسين، أن سيولة البنوك تتأثر وقت الأزمات، وعلى الرغم من كون سيولة البنوك جيدة إلا أنها ليست فائضة على الأقل بالحد الذي يسمح لها بالتحرك بمرونة عالية كما قبل الأزمة.

وأوضح أن البنوك تتحرك بناء على قاعدة ثلاثية البنود، هي أولوية العميل، أي العميل الذي تربطها به علاقة سابقة، والمخاطر من ناحية البحث عن العميل والعلاقة التي تنطوي على مخاطرة أقل، وآخرها البحث عن العلاقة الائتمانية ذات العائد الأكثر.

وقال «من الصعب أن تنطبق هذه القاعدة على أغلب الأعمال لا سيما في مجال الشركات الصغيرة والمتوسطة في وقت الأزمات، هذا إضافة إلى أنه من الصعب على صاحب عمل أن يبدأ علاقة ائتمانية جديدة مع أحد البنوك حالياً».

وتابع «هذا ليس ذنب المستثمر، لكنه في نفس الوقت ليس ذنب البنك، فجميعهم يمرون بفترة استثنائية غير مسبوقة».

وأكد أن البنوك دائماً ترغب في التمويل وتحريك سيولتها، لكن الأمر ليس بهذه البساطة فأي تحرك غير محسوب يمكن أن ينعكس على ربحية البنك وعلى سيولته وعلى موقفه الائتماني وحجم المخاطر والاحتياطيات التي يجب أن يجنبها.

وبين أن إيجاد حل لمعضلة تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، لا تنطلق من البنك، بل يجب أن تبدأ من قبل الحكومة التي بإمكانها أن تقدم بعض الضمانات للأعمال ذات الجدوى.

وأشار ياسين إلى أن المسألة تحتاج إلى توليفة وصياغة ليست بسيطة، لكنها يمكن أن تبنى على أساس تقديم ضمانات معنوية ومادية للبنوك، وذلك بضمان بعض القروض بالنسبة للشركات صاحبة الأداء الجيد.

وأوضح أن المسألة تبدأ بأن يقدم صاحب العمل طلب التسهيل، ليقوم البنك بدراسة الحالات وتحويل ملفات الشركات الجيدة إلى جهات حكومية مسؤولة عن هذا الأمر ليتم اتخاذ القرار بإيجاد نوع من التسهيلات مع حد معين من الضمانات كضمان الفائدة لمدة معينة أو غير ذلك، وقد لا يعني ذلك بالضرورة زيادة حدود الائتمان بالنسبة لكل الحالات.



شح البيانات

ومن جهته أفاد الخبير المصرفي أمجد نصر، أن تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة يعاني بسبب الافتقار إلى البيانات وفشل الكثير من الشركات في تقديم المستندات والخطط المقنعة التي من شأنها دفع البنوك إلى اتخاذ قرار التمويل وتخصيص المبلغ المناسب.

وأشار إلى أن البنوك بحاجة إلى إبداء المزيد من الانفتاح على الشركات الصغيرة والمتوسطة، لكن ذلك لا يعني أن تتحمل هي المسؤولية كاملة، فبناء هيكلة صحيحة تحتاج إلى تضافر الجهود من قبل بعض الجهات الحكومية المتخصصة وبين البنوك لتصنيف الشركات ضمن قطاعات وقياس نسب النمو وفرصه بالنسبة لكل قطاع ومن ثم قياس وضع الشركات نفسها ضمن كل قطاع.

وقال نصر «على صاحب العمل أن يكون قادراً على منح البنوك البيانات والخطط وأفق النمو بحيث يغري البنك الراغب بالتمويل».

وأشار إلى أن الفترة الراهنة استثنائية بما من شأنه دفع البنوك إلى التحفظ في منح التمويل واتخاذ القرارات وفق سياسة متحفظة، ترتبط بقدرة الشركات على الاستمرار وتحقيق دخل، لافتاً إلى أنه على الشركات إثبات ذلك للبنوك لتستطيع الحصول على تمويل.

مخاطر مرتفعة الكلفة

وبينما رفضت العديد من البنوك التي تواصلت «الرؤية» معها، التعليق على الموضوع، أكد مصدر مصرفي رفيع فضل عدم ذكر اسمه، أن عملية التمويل محسوبة وليست عشوائية، لافتاً إلى أن أي تحرك غير مدروس من قبل بنك ما في اتخاذ قراراته الائتمانية يمكن أن يدفع به إلى مخاطر عالية الكلفة.

وأشار إلى أن البنوك ربما تكون مطالبة بالمزيد من الاهتمام بالمشاريع المتوسطة والصغيرة، لكن إلقاء اللوم على البنوك في الكثير من الأحيان لا سيما عند الحديث عن تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة غير منطقي ولا يستند على أسس علمية، فليست البنوك في الإمارات أو المنطقة هي التي تتحفظ في تمويل هذا النوع من الشركات بل في كل أنحاء العالم.

وقال «أن نبحث عن دعم شركات قطاع ما لا يعني أن نغرق قطاعاً آخر في دوامة مخاطر غير محسوبة».