الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

منتدى تريندز يؤكد أهمية التحول الرقمي لمواصلة نمو الاقتصاد العالمي

اختتم «مركز تريندز للبحوث والاستشارات»، الثلاثاء، فعاليات «منتدى تريندز الاقتصادي العالمي السنوي الأول»، الذي يستشرف آفاق الاقتصاد العالمي في مرحلة ما بعد كورونا، بتنظيم ندوة عن بُعد تحت عنوان: «مستقبل الاقتصاد العالمي: تحديات النمو ومخاطر الكساد»، شارك فيها نخبة من الخبراء الدوليين استشرفوا خلالها سيناريوهات المشهد الاقتصادي العالمي في ظل «كوفيد-19»، والتحديات التي تواجه مسيرة النمو الاقتصادي. وقد أدار فعاليات هذه الندوة د. جان فارس خبير اقتصادي ومستشار أول لدى حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة.

«كوفيد-19» وآفاق التجارة العالمية

بدأت فعاليات الندوة، بكلمة ألقاها د. روبرت كوبمان كبير الاقتصاديين، ومدير قسم البحوث الاقتصادية والإحصاء في منظمة التجارة العالمية في سويسرا، تحت عنوان «التجارة و منظمة التجارة العالمية ومستقبل التكامل العالمي»، أشار خلالها إلى أن «كوفيد-19» أثار تساؤلات حول إعادة تنظيم عملية العولمة، وأوضح أن الأثر الكبير لهذا الفيروس على التجارة العالمية تجلى في صورة انخفاض الاستهلاك والاستثمار وزيادة تكاليف التجارة، والتأثير على الأسواق الاقتصادية العالمية، ما سيجعل التعافي ضعيفاً جداً، لأن الوباء أثر في كل من المستهلكين والشركات المنتجة.

ولفت د. كوبمان النظر إلى أن التوقعات لا تزال غير مؤكدة بالنسبة لمعدلات النمو والتعافي في العامين المقبلين، واستشهد في ذلك بتقرير من شركة ماكينزي، الذي أكد أن الصدمات الاقتصادية يمكن أن تؤدي إلى خسارة نحو 40% من الأرباح السنوية. فحالة عدم اليقين التي لا تزال تخيم على الاقتصاد العالمي، لا شك ستؤثر على مستقبل التجارة العالمية. كما أكد الدكتور أهمية انتهاج سياسات أكثر تحرراً، والتركيز على الاستثمار وزيادة الإنتاج وحل المشاكل الاقتصادية التي تقف حجر عثرة في سبيل تعزيز النمو الاقتصادي.

وأشار د. كوبمان إلى أن على الشركات والأسر والحكومات أن تجري المزيد من التقييم لعمليات المفاضلة بين المخاطر والفعالية. وينبغي على الحكومات أن تحسّن من إدارتها للأزمات وللموارد والسياسات اللازمة لمجابهتها. ونوّه د. كوبمان بأن التوترات التجارية الأخيرة ووباء «كوفيد-19» قد يدفعان عدداً من الشركات إلى التحول نحو الإنتاج المحلي بدلاً من التوسع العالمي.

وتوقع الدكتور أن تشهد فترة ما بعد «كوفيد-19» توتراً تجارياً، وأن ارتفاع تكاليف التجارة يتسبب في تجزئة الاقتصاد العالمي وتحويل مسار التجارة. كما أشار إلى أن فترة ما بعد «كوفيد-19»، على الصعيد المحلي، ستشهد تركيزاً على الاستجابة الصحية، والحفاظ على القدرات الاستهلاكية والإنتاجية، فيما ستشهد، على الصعيد العالمي، ارتفاعاً في تفاوت الدخل نتيجة لازدياد قوة السوق، وارتفاع معدلات البطالة.

توقعات بتراجع الناتج المحلي الإجمالي العالمي

وبعد ذلك، تناول د. رباح أرزقي كبير الاقتصاديين لدى البنك الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الولايات المتحدة، في كلمته تحت عنوان: «وباء كوفيد-19: الطريق إلى الأمام»، كيفية تعافي الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن أزمة وباء «كوفيد-19» أثارت مشكلات من نوع جديد تحتاج إلى استجابة اقتصادية ومالية منسقة من أجل تخفيف أثرها، مع توفير الحافز للأسواق لإعادة البناء مرة أخرى.

وقال إن فترة ما قبل «كوفيد-19» كشفت عن افتقار الحكومات إلى التأهب والاستعداد في كل من الرعاية الصحية والقطاع الإداري.

وأوضح أرزقي أن الاقتصاد العالمي قد خسر نحو 3% من ناتجه المحلي الإجمالي خلال 2020، ومن المتوقع خسارة 8% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021، مشيراً إلى أنه من غير المتوقع أن تتلاقى إرادات القوى الدولية بسبب سياسات التنافس الاقتصادي، فهناك الكثير من المتنافسين في الساحة الاقتصادية الدولية اليوم.

وأضاف أرزقي، أن علاج الوباء واجه تحدياً عالمياً لأن الأسعار العالمية للأدوية وبراءة الاختراع تشكل قضية لا يمكن تجاوزها. كما أنه من المهم تنفيذ الاستجابة الصحيحة للوباء من دون انتظار أي معجزة، وحذّر من خطر حدوث كساد اقتصادي عالمي، لأن أثر الأزمة على التضخم ما زال غير واضح الآن، وما زالت معدلات البطالة مستمرة في الارتفاع.

وأكد أرزقي أن الاستعداد للتعافي من الأزمة يتطلب المزيد من الاستثمار في القطاع الصحي، وهذا هو الطريق الأفضل للمضي قدماً، فضلاً عن علاج المشكلات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد العالمي، خاصة في القطاعات الرئيسية مثل الصناعة والسياحة، ومساعدة الشركات المهددة بالإفلاس، وتقديم الدعم اللازم لعودة أنشطتها، والعمل على إعادة هيكلة المؤسسات المملوكة للدول، وتطوير البيئة الداعمة للاستثمارات على الصعيدين الوطني والدولي.

وفي ما يتعلق بتأثير «كوفيد-19» على منطقة الشرق الأوسط، أشار الدكتور إلى أن التوترات السياسية والأمنية في المنطقة زادت من تعقيدات المشهد الاقتصادي، ودعا دول المنطقة إلى الاستفادة من دروس الأزمة الراهنة، وإبداء المزيد من الشفافية لاستقطاب الاستثمارات، وتحسين الأداء الاقتصادي. كما توقع أن تشهد المنطقة تحولات كبيرة في المستقبل، وأن تشهد فيها تكتلات اقتصادية قوية، لمواجهة تداعيات كورونا، مؤكداً في الوقت ذاته، ضرورة أن يتحرك صندوق النقد الدولي لمساعدة الدول التي تضررت نتيجة «كوفيد-19»، وأهمية التنسيق العالمي لمساعدة البلدان النامية على مكافحة هذا الوباء.

مستقبل الاقتصاد العالمي

واستعرض د. جيرونيم كابالدو مسؤول الشؤون الاقتصادية في قسم العولمة واستراتيجيات التنمية لدى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) في سويسرا في كلمته تحت عنوان «كيف سيكون شكل العودة للنشاط الاقتصادي على المستوى العالمي؟» ملامح التعافي الاقتصادي خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن الكثير من الدول التي واجهت وباء كورونا كانت تعاني أصلاً من هشاشة اقتصادياتها مما فاقم من تداعيات هذا الوباء عليها. وقال إن السياسة النقدية أغرقت الاقتصاد العالمي بسيولة ضخمة، وغذّت الوهم بأن التعافي ممكن على المدى القصير. وفي هذا الصدد، لا بُدَّ من التفكير إلى أبعد من ذلك، لأن ضخ السيولة قد يؤدي إلى نشوء فقاعات مالية بدلاً من إيجاد دخل مالي مستدام.

وأوضح الدكتور أن الطريق الوحيد إلى إمكانية التعافي هو العمل الجاد من أجل التنمية الاقتصادية في فترة ما بعد الوباء، وأنه إذا تم إيقاف سياسات التقشف المالي، فإن ذلك من شأنه الإسراع في جهود التعافي الاقتصادي، وخلق المزيد من فرص العمل في الفترة المقبلة.

كيفية تعافي الاقتصاد العالمي

وأكد الخبراء المشاركون في الندوة، ضرورة التعلم من دروس الماضي، ومحاولة تصميم استجابة اقتصادية بناءً على تلك المعارف والخبرات والمناقشات المفتوحة، وطرحوا بعض التوصيات التي من شأنها الإسراع بتعافي الاقتصادي العالمي خلال الفترة المقبلة، من بينها ضرورة العمل على إيجاد التوازن بين القطاعات الاقتصادية والصحية والاجتماعية، وإعادة النظر في السياسات المالية وسياسات الائتمان، لمواكبة التداعيات التي ترتبت على وباء كورونا، والاستثمار في التطبيقات التكنولوجية، وخاصة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتوظيفها في الارتقاء بعملية الإنتاج وتسريع وتيرة النمو الاقتصادي، والاستثمار في القطاعات الخدمية والعمل على تطويرها، وتطوير بيئات العمل وسياسات الاستثمار، وتعزيز التحول الرقمي، لمواكبة متطلبات مرحلة ما بعد «كوفيد-19»، والعمل على تنظيم السياسة الاقتصادية الكلية، والحفاظ على الإنفاق الحكومي من أجل خلق الوظائف للباحثين عن عمل.

«منتدى تريندز الاقتصادي».. فعالية سنوية لاستشراف آفاق الاقتصاد العالمي

وفي ختام فعاليات منتدى تريندز الاقتصادي العالمي، أكد الدكتور محمد عبدالله العلي المدير العام لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، في كلمته، أنه لا تزال المخاطر عالية، حيث يواجه الاقتصاد العالمي مصاعب حادة مع تزايد عدد حالات الإصابة بالفيروس وعدم اليقين المحيط بعملية إنتاج لقاح فعَّال. وأكد أن «منتدى تريندز الاقتصادي العالمي» سيكون فعالية سنوية تهدف إلى مواصلة النقاش حول القضايا والاتجاهات الاقتصادية الرئيسية التي تستحوذ على اهتمام العالم.

كما أعرب العلي عن شكره وتقديره للخبراء والباحثين الذين شاركوا في فعاليات المنتدى، وأثروا مناقشاته على مدى 4 ندوات عقدت في 6 أسابيع. كما تقدم بالشكر أيضاً للجمهور الذي تفاعل مع ندوات المنتدى من كل أنحاء العالم على مشاركتهم الفاعلة والأسئلة التي طرحوها، والتي أضافت العديد من الأفكار البنّاءة حول القضايا المطروحة.

في ما أكد أ. أحمد الأستاد، المستشار العلمي لمركز تريندز، أن «منتدى تريندز الاقتصادي العالمي السنوي» أتاح نافذة مهمة للحوار حول مستقبل الاقتصاد العالمي في ظل «كوفيد-19»، وقدم الخبراء الاقتصاديون المشاركون في فعالياته من مختلف دول العالم العديد من الأفكار والرؤى الثرية حول كيفية احتواء التداعيات الاقتصادية السلبية الناجمة عن جائحة كورونا، ومتطلبات فتح الاقتصاديات الوطنية في ظل استمرار هذه الجائحة. وأشار الأستاد إلى أن مركز تريندز سيعمل خلال الأيام المقبلة على تجميع الندوات الأربع لمنتدى تريندز الاقتصادي العالمي في إصدار علمي، وإتاحته للجهات المعنية والباحثين المهتمين بدراسة التداعيات الاقتصادية لـ«كوفيد-19».

ونوه أحمد الأستاد بأن مركز تريندز سيواصل فعالياته العلمية التي تستشرف مختلف التداعيات المترتبة على «كوفيد-19»، حيث سينظم في 26 من شهر أغسطس الجاري ندوة علمية مختصة حول الجهود الدولية للتوصل إلى لقاح وعلاج لفيروس «كوفيد-19»، بمشاركة خبراء من الشركات المطورة للقاح، سيقدمون صورة واضحة عمَّا توصلوا إليه في علاج، خاصة بعد إعلان روسيا، أمس الثلاثاء، أنها ستبدأ في إنتاج لقاح كورونا الروسي «سبوتنيك» في شهر سبتمبر المقبل، والذي تم تطويره من قبل مركز «نيكولاي غاماليا» لعلم الأوبئة والأحياء المجهرية.