الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

رواد الأعمال ابتعدوا عن الاستثمار الصناعي.. والمصارف تسقط القطاع من أولوياتها

رواد الأعمال ابتعدوا عن الاستثمار الصناعي.. والمصارف تسقط القطاع من أولوياتها

شهدت العقود الماضية ابتعاد رواد الأعمال عن الاستثمارات الصناعية مقابل الاستثمار في العقار والخدمات، الأمر الذي ارتبط بجدوى وسهولة الاستثمار في تلك القطاعات، مقابل متطلبات خاصة ورؤوس أموال للدخول إلى القطاع الصناعي.

وأكد خبراء في مجال الاقتصاد والتمويل وريادة الأعمال، أن العوائد المجزية في قطاعي العقار والخدمات أسست ثقافة استثمارية عميقة في هذين القطاعين، وأبعدت رواد الأعمال عن القطاع الصناعي الذي لا يتسم بالسهولة التي تتسم بها القطاعات الأخرى.

وأكدوا أن دعم الاستثمار الصناعي يتطلب وجود استراتيجية صناعية تقوم على التكامل بين القطاعين الحكومي والخاص، كما يتطلب المزيد من الاهتمام المصرفي بهذا القطاع.

وأفاد مدير القطاع التجاري بجمعية رواد الأعمال، أحمد سالم، بأن القطاع الصناعي يعتبر أحد أصعب الأنشطة بالنسبة لمجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إذ تختلف عن معظم الأنشطة الأخرى من حيث الحاجة إلى التمويل أو متطلبات الاستثمار الأولى، وإنشاء المشروع، إلى جانب ما يتطلبه من سيولة نقدية دائمة واشتراطات مختلفة في عمليات التشغيل والإنتاج.

وأشار إلى أن كلفة تأسيس المصانع تمثل أضعاف ما تحتاجه الكثير من المشاريع الخدمية والسلعية الأخرى لا سيما المتمثلة في كلفة المعدات وخطوط الإنتاج والإنشاءات الصناعية، إلى جانب الاختلاف الواضح في كيفية الحصول على متطلبات الاستثمار الأولي كالحصول على الأراضي المختصة لإنشاء المصانع مقابل تعدد التصاريح ووجود الكثير من اشتراطات الأمن والسلامة التي قد تصعب على الكثير من رواد الأعمال تحمل نفقات استيفائها، كل ذلك إلى جانب احتياج المصانع إلى مصدر تمويلي أو فائض نقدي دائم لتغطية نفقات التشغيل مقابل الأرباح والعوائد التي يتم تحصيلها على فترات طويلة الأجل، وبالتالي فكل ذلك يفترض توافر تمويل بأضعاف ما تحتاجه الاستثمارات الاخرى.

ولفت إلى أن رواد الأعمال الذين استطاعوا توفير متطلبات تأسيس مشاريعهم، قد نجحوا بشكل ملحوظ في الحفاظ على استمرارية الأنشطة والتحول نحو مرحلة تحقيق العوائد، حيث تمكنت الكثير من المشاريع الصناعية الصغيرة أن تحقق حصة جيدة لها من المبيعات في السوق المحلي، فيما استطاع عدد منهم التوسع بمنتجاته إلى أسواق خارجية.

وأكد أن على رواد الأعمال المؤهلين والطامحين لدخول القطاع الصناعي، القيام بدراسة واضحة للسوق لمعرفة حجم التنافسية والتشبع.

كما أشار إلى أهمية السعي إلى الابتكار، ودخول مجالات جديدة في التصنيع قادرة على استيفاء طلب السوق، مؤكداً توفير بنوك تنموية صناعية مختصة قادرة على توفير منتج تمويلي يلائم الأنشطة الصناعية.

من جهته، أفاد عضو المجلس الاستشاري في معهد تشارترد للأوراق المالية والاستثمار والمحلل المالي، وضاح الطه، أن العقود الماضية شهدت طفرة في مجال الخدمات وفي القطاع العقاري، وبالتالي فمن كان يرغب بالاستثمار يتجه إلى هذين القطاعين.

وأشار إلى أن وجود البديل السهل أبعد الشباب والمستثمرين على اختلاف فئاتهم عن القطاع الصناعي، الذي يتطلب خبرات معينة، وينطوي على مخاطر خاصة لا بُدَّ من فهمها قبل الدخول في القطاع.

وقال: «التوجه في الإمارات يذهب إلى المزيد من الاهتمام ببعض القطاعات الاستراتيجية كالقطاع الصناعي الذي يمكن أن يدعم محورين أساسيين في التوجه المستقبلي، وهما الأمن الغذائي والأمن الصحي».

وأكد أن جائحة كورونا عززت هذا التوجه، وبالتالي فمن أجل خلق بيئة مناسبة لتطور القطاع الصناعي لا بُدَّ من إيجاد وبناء استراتيجية وطنية تقوم على التكامل بين القطاعين العام والخاص.

وعن تواضع التمويل الموجه إلى هذا القطاع، أوضح الطه، أن التمويل يلحق النمو، وفي حين كان النمو ملازماً لقطاعات أخرى، كان التمويل يلاحق تلك القطاعات، لافتاً إلى غياب وجود استراتيجيات لدى المصارف تتعلق بتمويل القطاع الصناعي، إلا أن توفرت الضمانات وكانت المصانع أو الشركات الصناعية عريقة أو ترتبط بالحكومة.

ومن جهته، قال الأمين العام السابق لجمعية رواد الأعمال والخبير، جاسم البستكي، إن أحد أبرز أسباب عزوف رواد الأعمال عن القطاع الصناعي يرتبط بالكلفة التي يتطلبها هذا النوع من الاستثمار مقارنة ببعض البدائل الأخرى في القطاع الخدمي على سبيل المثال.

لكنه أكد أن الاستثمار الصناعي لا يفترض بالضرورة تأسيس شركة متوسطة أو كبيرة، ويمكن الدخول إلى القطاع من باب شركات صغيرة تكون رديفة لبعض الصناعات الأخرى، أو شركات صناعات خفيفة لا تتطلب رأس مال كبيراً.

وأكد ضرورة تسهيل إجراءات التراخيص في المجال الصناعي، وبحث آليات التمويل، وتوفير حاضنات صناعية على شكل الحاضنات التكنولوجية.

وعن التمويل، أشار إلى أن البنوك لا تبدي الاهتمام الكافي بالقطاع الصناعي، كونها تراه مرتفع المخاطر ربما، لكنه في الواقع يقوم على تقديم ضمانات مادية.

وبدوره، أشار الخبير المصرفي حسن الريس، إلى أن البنوك لا تضع القطاع الصناعي على قائمة الاستراتيجيات السنوية، الأمر الذي يرتبط بطبيعة القطاع والمخاطر المتعلقة بنمو المشروع وبخطط التسويق وغير ذلك.

وأشار إلى قلة الخبرة المصرفية فيما يتعلق بالتمويل الصناعي، فأغلب البنوك لا تمتلك الكوادر المختصة في هذا المجال.

وأكد أن العالم يتغير، والتوجهات الاستثمارية والاستراتيجيات المستقبلية تتغير، متوقعاً أن يكون هناك مزيد من الاستثمار المستقبلي في قطاع الصناعة والاستثمار الصناعي، وبالتالي في التمويل لهذا القطاع.