الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

كورونا يضيق خيارات منح الائتمان بين الموردين ورواد الأعمال

كورونا يضيق خيارات منح الائتمان بين الموردين ورواد الأعمال

تسببت جائحة «كوفيد-19» في تغيير آليات التعامل بين رواد الأعمال والموردين، وذلك مع تشدد وإصرار من قبل أغلب الموردين على الدفع المقدم أو الكاش لتقديم المواد الأولية أو الخدمات للتجار، بعد أن كانت تعتمد على الائتمان والدفع الآجل لمدد تتراوح بين 20 إلى 90 يوماً وأكثر بحسب الثقة وقوة العلاقة بين الطرفين.

ودعا خبراء اقتصاديون إلى ضرورة تدخل الجهاز المصرفي في الدولة بقيادة البنك المركزي لاتخاذ خطوات جريئة لإعادة التوازن ومنح تسهيلات كبيرة لرواد الأعمال، كما دعوا رواد الأعمال إلى ضرورة إعادة تقييم عملياتهم وحجمها بما يتناسب مع الظروف الحالية.

وقال مؤسس مبادرة «حديث الشركات الصغيرة والمتوسطة» والرئيس التنفيذي لشركة دبي للاستشارات، وليد حارب الفلاحي، إنه يجب على رواد الأعمال تحمل مسؤولياتهم خلال الأزمة الحالية والتي قد تستمر إلى السنة القادمة، وبالتالي يجب وضع خطة واقعية لإعادة بناء العلاقة مع الموردين بحيث يكون هناك نوع من الثقة لإعادة تجديد منح الائتمان حتى ولو على فترات قصيرة كخطوة مبدئية نحو الأمام.

وطالب الفلاحي الجهات الحكومية المعنية بدعم رواد الأعمال وأن تقدم لهم برامج تدريبية واستشارية منتظمة، تهدف إلى الاطلاع على التحديات والمشاكل التي يعاني منها رواد الأعمال على أرض الواقع، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى للتعامل مع ظروف كورونا الحالية.

وذكر أن أزمة كورونا قد تستمر حتى منتصف العام القادم، وهناك الكثير من الشركات الصغيرة منذ بداية العام خرجت من السوق، كما أن الموردين باتوا أكثر حذراً في منح الائتمان وبالتالي يجب النظر إلى المشكلة من زاوية تراعي جميع الأطراف، وهنا تجدر الإشارة إلى جهات التمويل المحلية ودورها الأساسي في إعادة الاستقرار وضخ الأموال في الأسواق لتستعيد حيويتها مجدداً.

إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي والمدير الشريك في «تروث للاستشارات الاقتصادية» رضا مسلم، إن أي سوق يعتمد على التعاملات النقدية «الكاش» هو سوق ضيق جداً، إذ لطالما كان الائتمان لشهر أو شهرين أو أكثر هو أساس التعاملات التجارية بين التجار والموردين.

وطالب الجهاز المصرفي بتوجيه من البنك المركزي بضرورة الاضطلاع بمسؤولياته والتدخل مباشرة وضخ تسهيلات مالية كبيرة في السوق المحلي بهدف إعادة إنعاش الاقتصاد، ما يعطي الشركات نوعاً من الثقة وهامشاً للحركة والمرونة في التعامل مع الموردين وباقي الأطراف.

وأضاف مسلم أن الجهاز المصرفي الإماراتي قوي جداً ولديه فوائض مالية عالية مما يعطيه القدرة على التدخل ومنح تسهيلات كبيرة تتناسب مع الظروف الصعبة التي تواجه الشركات نتيجة تداعيات «كوفيد-19»، لا سيما أن الجائحة تسببت بخسارة الكثير من الشركات وخروج بعضها من السوق نهائياً، وبالتالي يجب إعادة الثقة للشركات لبناء دورة عملياتها والقدرة على الوفاء بالتزاماتها والعودة إلى سكة الربحية مجدداً.

بدوره، قال مدير ومؤسس شركة العربية للتجارة حمد المزروعي، إن أزمة كورونا تسببت في تغيير العلاقة بين التجار والموردين فيما يتعلق بمنح الائتمان والدفع الكاش، فقد كان بعض الموردين بمثابة الداعم للتجار نتيجة علاقة الثقة التي بنيت خلال السنوات الماضية، ولكن البعض الآخر والذي ينتظر تحسن الظروف ويراقب الأداء العام للشركات فغالباً ما يتردد في منح الائتمان ويصر على الدفع الكاش.

وقال مدير ومؤسس شركة فورسيس للحلول الأمنية، محمد الكعبي إن بعض الموردين وجدوا آلية جديدة للتعامل مع التجار، تتمثل بعمليات التقسيط الشهرية لفترات مختلفة، ويبدو أن هذه الطريق باتت خياراً مناسباً للبعض مع الظروف الجديدة التي فرضتها كورونا.

وأضاف أن بعض الموردين باتوا أيضاً يمنحون خصومات بنسب معينة مقابل الدفع المقدم مراعاة لأوضاع التجار، لافتاً إلى أن الأمر يختلف من مورد إلى آخر وبحسب ظروف الشركة، ولكن عموماً هناك حالة من عدم الثقة بدأت منذ شهر مارس الماضي ولا تزال مستمرة حتى اليوم.

وطالب الكعبي وزارة الاقتصاد بالتدخل لمساعدة الشركات، وقال إن المبادرات المتعلقة بخفض الرسوم الحكومية مثل رسوم الأسواق أو تجديد الرخص فهي فعلياً لا تؤثر بشكل كبير على الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإنما يجب أن يكون هناك تدخل مباشر حقيقي للاطلاع على الظروف التي يمر بها كل قطاع اقتصادي والقيام بالمطلوب لتذليل هذه العقبات والتحديات.