الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

التكيف المهارة الأكثر طلباً.. والتكنولوجيا ترسم مستقبل العمل

التكيف المهارة الأكثر طلباً.. والتكنولوجيا ترسم مستقبل العمل
أجبر وباء كورونا الجميع على الاعتماد بشكل أكبر على تقنيات التكنولوجيا، وغيّرت الجائحة مستقبل الأعمال ربما إلى الأبد، وأصبح اعتماد الحوسبة السحابية والبيانات الضخمة والتجارة الإلكترونية من الأولويات القصوى لقادة الأعمال، إلى جانب الروبوتات والذكاء الاصطناعي، والقدرة على التكيف المهارة الأكثر طلباً. وستؤدي الحلول القائمة على التكنولوجيا دوراً مهماً في إعادة تصور مستقبل العمل، وإحداث التغيير الذي يحتاجه الكوكب والاستثمار في اقتصاد أكثر مرونة وشمولية، وأكدت دروس عام 2020، مواصلة تعزيز السلامة، والتفكير بالكفاءات، واستخدام التكنولوجيا والمهارات البشرية بأفضل ميزة ممكنة.

ويشكل عام 2021 عاماً آخرَ من التطورات الجديدة والاضطرابات، بلا شك، لكن الطريقة التي تسخر بها الشركات هذا التغيير وتستجيب للاضطرابات ستكون العامل المحدد فيمن ينجو، ومن يزدهر، ومن يفشل في مواكبته. عندما تصبح الأتمتة أكثر فائدة وقابلة للاستخدام في ظروف العالم الواقعي، وسيصبح العمل أكثر تركيزاً على قدرات واحتياجات الإنسان، نحن الآن بحاجة إلى البناء على دروس عام 2020، ومواصلة تعزيز السلامة، والتفكير بالكفاءات، واستخدام التكنولوجيا والمهارات البشرية بأفضل ميزة ممكنة.

وتُظهر البيانات المأخوذة من استطلاع «مستقبل الوظائف» الذي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي 2020، أن الشركات تتوقع إعادة هيكلة قوتها العاملة استجابة للتكنولوجيا الجديدة، وتشير الشركات التي شملها الاستطلاع إلى أنها تتطلع أيضاً إلى إدخال مزيد من الروبوتات، أو تقليل القوى العاملة الحالية بنسبة (43%) أو توسيع قوتها العاملة عبر التكامل التكنولوجي بنسبة (34%).

وسيكون واقع العمل عام 2021 مختلفاً كثيراً عما كان عليه عام 2019، حيث بيّن موقع زين بيزنيس أنه منذ أن ضرب الوباء العالم، أصبح لدى ما لا يقل عن 70% من الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة موظف واحد على الأقل يعمل من المنزل، ناهيك عن باقي دول العالم التي تتوفر فيها بنية تكنولوجية تساعد على تبني هذا النمط.


وتستعرض الرؤية أشكال الوظائف وأنواعها خلال عام 2021 والذي يشكل بداية لأشكال التوظيف خلال السنوات القليلة المقبلة.

العمل من أي مكان (WFX)



يتوقع أن يصبح العمل من أي مكان (WFX)، وسيكون هناك تحول رقمي هائل، حيث أعلنت الكثير من الشركات أن العمل عن بُعد سيكون دائماً، حتى في غياب قيود السفر والتباعد الاجتماعي، وبالتالي، سيحول ملايين الموظفين وضعهم الجديد عن بُعد إلى فرصة للعمل من أي مكان، ولأن الشركات أمضت العام الماضي في الاستثمار في التكنولوجيا التي تتيح التعاون الافتراضي، سيكون الانتقال بالنسبة للعديد من هؤلاء الموظفين سلساً.

فائدة مشتركة

تقول خبيرة الأعمال راشيل جريزلر: «توفر تجربة العمل عن بُعد اليوم فرصة للموظفين لإثبات ما إذا كان بإمكانهم الحفاظ على إنتاجيتهم من المنزل، وفرصة لأصحاب العمل لمعرفة نوع العمل الذي يمكن القيام به عن بُعد، وما الذي لا يزال صعباً أو مستحيلاً»، مضيفة أن السماح للموظفين بالعمل من المنزل يشكل فائدة للموظف والمؤسسة، إذ لا يحتاج صاحب العمل إلى توفير مكان عمل للموظف، ويمنح الموظف الحرية لإدارة العمل من المنزل.

تخفيض رحلات العمل

تقول كيت ليستر، رئيسة Global Workplace Analytics: «يمكن لصاحب العمل توفير نحو 11000 دولار سنوياً لكل شخص يعمل عن بُعد، بعد أن استحوذت المؤتمرات والاجتماعات الافتراضية على المؤتمرات وندوات الأعمال التقليدية».

الأكثر طلباً



كانت القدرة على التكيف والمضي قدماً مع التغيير مهارة مطلوبة، ولكن في عام 2021، ستكون ذات قيمة خاصة تفوق باقي المهارات الناعمة، وسيؤدي التكيف مع التحديات اليومية والتغلب عليها إلى دفع الموظفين بسرعة إلى إجراء تغييرات تنظيمية تساعدهم في تحسين أسلوب العمل، ويركز العاطلون عن العمل اليوم على تعلم المهارات الرقمية مثل تحليل البيانات وعلوم الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات.

العمل المؤقت

وفقاً لمقال نُشر في USA Today، تقوم المزيد من الشركات بتوظيف عمال مؤقتين لسد الاحتياجات، قد تنتهي قريباً أيام تعيين موظفين بدوام كامل يطلبون حزمة مزايا لكل مهمة، ويتوقع أن نشهد المزيد من قوائم الوظائف والعقود المؤقتة في عام 2021 مع تقليل فرص العمل بدوام كامل.

تكنولوجيا دقيقة

هيمنت مكالمات الفيديو على كل القطاعات عام 2020، حيث شهد زووم وحده ما يقرب من 300 مليون مشارك في الاجتماعات يومياً طوال شهر أبريل، لكن هذا الشكل المقيد من الاتصال أصبح ضعيفاً بعد أن باتت قيمة التعامل مع الأصدقاء والزملاء عن قرب واضحة تماماً، ونتيجة لذلك، صعّدت شركات التكنولوجيا من مستوى التحدي، واتخذت أساليب جديدة للحفاظ على تفاعل الأشخاص أثناء العمل من المنزل.

على سبيل المثال، أعطت إنفيديا الأولوية للتعبير البشري على حساب خلفية مكالمات الفيديو، ما ساعد الأشخاص على قراءة لغة الجسد وإشارات الوجه كمحاولة لمحاكاة الاتصال البشري عن بُعد، ويمكننا أن نتوقع أن نرى المزيد من هذه المشاريع عام 2021 حيث تصبح التكنولوجيا المتقدمة أكثر دقة.

وتستخدم مشاريع مثل( Oculus Rift) من فيسبوك VR (الواقع الافتراضي) إنشاء مساحة مكتب افتراضية من خلال تصور أشياء مثل إعداد شاشات متعددة. يتطلع فيسبوك أيضاً إلى الاندماج مع شركة Spatial AR (الواقع المعزز) للسماح بعقد اجتماعات عن بعد في الواقع المعزز.

الكفاءة

اتضحت أهمية التعويل على المهارات والكفاءات البشرية التي لا يمكن تنفيذها من خلال الذكاء الاصطناعي (مثل المبادرة والإبداع والذكاء العاطفي). وبالتالي، فإن المؤسسات القائمة على الكفاءة ستزدهر عام 2021 عبر استخدام الذكاء الاصطناعي للعمليات العادية المتكررة.

التدريب عن بُعد



إن الانتقال إلى طريقة عمل عن بُعد تماماً ليس بالأمر السهل، كما أن إعادة تدريب الأشخاص على العمل عن بُعد أثناء وجودهم في المنزل تطرح بعض التحديات في حد ذاتها. وأساليب التدريب التقليدية مثل الفصول الدراسية أو حتى أدوات التعلم الإلكتروني القياسية غير مجدية أثناء الوباء، أو لا تصل كما يجب للموظفين المعزولين، وتساعد منصات التدريب التي تعمل بالذكاء الاصطناعي على تخصيص عملية التعلم، وجعلها أكثر جاذبية لكل مستخدم، وأتمتة أجزاء من العملية الزائدة عن الحاجة اعتماداً على سرعة تعلم كل مستخدم.

تدريب المستقبل

في استطلاع مستقبل الوظائف، أفاد 94% من قادة الأعمال أنهم يتوقعون أن يكتسب الموظفون مهارات جديدة في الوظيفة، وهو ارتفاع حاد عن 65% في عام 2018. وبالتالي، هذا الدافع لتدريب الأشخاص وتعويدهم على العمل جنباً إلى جنب مع الأتمتة من خلال بناء مهاراتهم البشرية سيكون بالتأكيد عاملاً محورياً عام 2021.

العمل الهجين

ستبدأ آلاف الشركات تدريجياً بإعادة موظفيها إلى المكتب تدريجياً من خلال تبني استراتيجيات مختلطة تجمع بين العمل عن بُعد والعمل داخل المكتب. وفي حين أن العمل الهجين هو حل وسط جيد لحماية الموظفين الذين يعانون مخاوف صحية، ويجب على الشركات جعل الاجتماعات تفاعلية، بحيث يمكن للحاضرين الافتراضيين المشاركة بأقل قدر من الاحتكاك.

المشاركة

منذ بداية عصر برمجيات السحابة saas، استثمرت مليارات الدولارات في الحلول التقنية التي حسّنت للإنتاجية في المؤسسات، وأصبح العديد من هذه الشركات الناشئة شركات عامة الآن مثل Slack وAsana، وحتى شركات عملاقة مثل غوغل وميكروسوفت، وبالنظر إلى المستقبل، ستتحول أولويات وميزانيات مديري المعلومات بعيداً عن جعل الموظفين أكثر إنتاجية إلى جعلهم أكثر مشاركة، ففي عصر العمل عن بعد والعمل الهجين، ستكون المستويات العالية من المشاركة ميزة تنافسية لتطوير المنتجات، وجذب المواهب، وبناء ولاء العملاء.

وسيكون من المهم في عام 2021، أن يبذل الموظفون جهداً إضافياً لتفعيل مشاركتهم للتأكد من حصولهم على فرص جديدة. يجب أن يشاركوا في الأحداث الافتراضية، وأن يكونوا نشيطين في الرسائل الجماعية، وأن يحافظوا على حماسهم أثناء مكالمات زووم ليبرزوا كقادة أثناء العمل من المنزل.

نهج جديد في التوظيف يعتمد التعهيد العابر للحدود

أفاد استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات في شركة «جي آند كي»، عاصم جلال، بأن الوظائف في المستقبل ومستوى الرواتب سيرتبط كما اليوم بالعرض والطلب، لكن منطق العرض والطلب هو الذي سيتغير وهو أمر بدأنا نلاحظه.

وأشار إلى أن الطلب سيرتفع على أصحاب الخبرات المرتبطة بمجالات معينة لا سيما التكنولوجيا، كالنانو تكنولوجي أي التكنولوجيات المتناهية الصغر التي ستوجد حلولاً للكثير من التحديات الراهنة والمستقبلية، وكذلك سيرتفع الطلب على المبرمجين وعلماء البيانات وتحليلها، وعلى خبراء التسويق بنهجه الجديد، بالإضافة إلى المختصين في مجال علم الفيروسات.

وتابع: «في نفس الوقت سيكون هناك ارتفاع في الطلب على أصحاب بعض المهن التقليدية كالتوصيل على الأقل خلال سنوات مقبلة ريثما تتسع عمليات الاعتماد على الطائرات بدون طيار والوسائل الذكية الأخرى»، منوهاً بأن أصحاب تلك الخبرات سيحصلون على رواتب مرتفعة، لكن على الطرف الآخر فهناك من سيتراجع الطلب على وظائفهم لا سيما خبراء التسويق التقليدي وموظفي خدمة العملاء ومراكز الاتصال، وهؤلاء سيعانون تراجع معدلات دخلهم.

وتحدث جلال عن نهج جديد في التوظيف يقوم على المزيد من الاعتماد على التعهيد، ومنه التعهيد العابر للحدود، بحيث ستلغي بعض المؤسسات الكثير من الوظائف ضمن مكاتبها ومقراتها وتنقل أعمالها إلى دول أخرى عبر موظفين يعملون من المنازل أو عبر التعاقد مع شركات خارجية في بلدان تتسم اليد العاملة برخصها.

اقرأ أيضاً: من يفوز بوظائف المستقبل.. الإنسان أم الآلة؟