الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

ارتفاعات بيتكوين تثير شهية المستثمرين الشباب

العملات الرقمية تفرض نفسها بقوة رغم المخاطر المصاحبة

أدى ارتفاع سعر البيتكوين خلال مراحل متباينة على مدار العقد الماضي إلى إقبال الشباب للاستثمار والمخاطرة رغبة في تحقيق الثراء السريع والذي حققته بعض التجارب، إذ يحكي طارق جمال (مستثمر في بيتكوين)، عن تجربته الناجحة باستثماره في العملة حين كان سعرها 8000 دولار وبعد شهور ارتفعت لنحو 10 آلاف دولار قرر بيعها بعد تحقيق مكسب سريع، إلّا أنه ندم على التخارج مع ارتفاع بيتكوين لمستويات قياسية لاحقاً.



ويقول: «بدأت الاستثمار والبيع والشراء في عملة بيتكوين عن طريق أحد الأصدقاء من ذوي المعرفة بتلك العملات، ويجري البيع والشراء في مجموعات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك».

ويضيف أن التخوف الوحيد من الاستثمار في بيتكوين هو نسيان الرقم السري لأن اعتماد العملة على تقنية «بلوك تشين» يجعلها مؤمنة بشدة.

وذكر أن العملات الرقمية هي المستقبل الآن مع توجه العديد من الدول إليها، فيما تشير التوقعات إلى ارتفاعها لأكثر من 40 ألف دولار للعملة الواحدة.

ورغم وجود الكثير من العملات المشتقة من بيتكوين، إلّا أن بعضها وهمي، كما يشير طارق جمال، وهو ما قد يؤدي لضياع الأموال المستثمرة فيها.

وعلى خلاف ذلك، اشترى صيدلي مصري، رفض ذكر اسمه، عملة «بيتكوين غولد» بسعر نصف دولار بإجمالي 500 دولار لعدد 1000 وحدة من العملة ورغم التحذيرات له بأنها عملة وهمية إلا أنها ارتفعت خلال أقل من عام لسعر 250 دولاراً وباعها حينئذ ليحقق مكاسب قياسية، قبل أن ترتفع لاحقاً إلى 500 دولار ثم تعاود التراجع.

وأفاد العميل م.د، الذي يتداول في أسواق الفوريكس منذ سنوات، بأنه قام بإجراء العديد من صفقات الشراء على عملة البيتكوين الرقمية عبر منصة التداول التي يتعامل معها أو يستخدمها، لافتاً إلى أنه حقق بعض الأرباح من عملية التداول كونه لا يميل إلى المخاطر العالية عند التداول ويتم صفقات شراء وبيع سريعة منعاً لتكبد خسائر بقيم مرتفعة، مشيراً إلى أن تداول العملة الرقمية «البيتكوين» مرتفع المخاطر، فبمعزل عن التذبذب الكبير في أسعارها، فإن فارق سعر البيع والشراء كبير مقارنة بالسلع والعملات الأخرى، وبالتالي فالدخول إلى البيتكوين يعني الدخول على خسارة مباشرة.

ومن جهته، أفاد عميل من حساب على تويتر، باسم بينك دريم في تعليقه على منشور حول العملات الرقمية والاستثمار بها، بأنه استثمر في البيتكوين وخسر الأموال التي استثمرها.

وأشار ص.أ في تعليقه على إحدى المنشورات حول العملات الرقمية على تويتر، أنه يرى العملات الرقمية كالبيتكوين لغزاً كبيراً وأنه يخشى التعامل أو الاستثمار بها كون مخاطرها مرتفعة وكونه غير قادر على تحديد اتجاهها والعوامل المؤثرة في تحركاتها.

وتساءل م.ف في تعليق على صفحة شركة تداول، عن الوقت الأنسب لشراء البيت (كوين)، وهل ينصحه الخبراء بالشراء حالياً أم انتظار تصحيح في سعر العملة، كما تساءل عن أفضل آليات ووسائل الاستثمار في العملة المشفرة.



تباين التوجهات

تباينت آراء الشباب في الدولة بين مؤيد ومعارض للاستثمار، إذ يرى يحيى مهدي- مقيم في دبي، أن العملات الرقمية باتت تفرض نفسها بقوة على الساحة الاستثمارية على الرغم من كونها محفوفة بالمخاطر، حيث لا يوجد لها وجود مادي مثل الأوراق النقدية والنقود المعدنية، لكن مكاسبها الأخيرة خصوصاً «البيتكوين» جذبت الأنظار إليها بعدما تضاعف سعره مئات المرات في فترة زمنية وجيزة.

وأوضح أن هذه العملات تشهد تذبذبات مرتفعة وقد تتعرض لارتفاعات أو انخفاضات قوية وبالتالي قد يؤدي الاستثمار بها إلى مخاطر كبيرة جداً إذا كان المستثمر لا يعرف كيف يتعامل معها حتى وإن كانت تبدو طريقاً سهلاً للثراء من وجهة نظر بعض المستثمرين، ولكنها أيضاً قد تصبح طريقاً للإفلاس.

استثمار معقول

بينما قال حسين خليل مقيم في دبي، «يبدو أن الاستثمار في العملات المشفرة بات استثماراً معقولاً غير أنه هناك الكثير من المخاطر التي تحيط نتيجة عدم وجود معرفة واضحة حول هذا النوع من العملات، وباعتقادي أن العملات المشفرة سيكون لها في المستقبل المتوسط دور أساسي في تسهيل عمليات الدفع وبالتالي التجارة البينية بين الدول بعد اعتمادها على نطاق واسع».

وأضاف خليل: «أعجبتني الفكرة وراء العملات المشفرة مع بلوغنا مستويات عالية من التقدم التكنولوجي».



عدم الثقة

من جانبه، أكد خالد فنصة، مقيم في دبي: «لا أثق في التعامل بالعملات المشفرة وذلك نظراً للتقلبات الهائلة في سعرها. وهو أمر يجعل من الاستثمار أو التعامل بها مغامرة كبيرة، خصوصاً إذا كان المتعامل لا يمتلك الخبرة الكافية في الاستثمار.



ويتفق مع الرأي الأخير «أ. م» أحد الشباب غير المتعاملين على العملات المشفرة، أنه سمع في الآونة الأخيرة الحديث عن عملة البيتكوين وفكر في التعامل عليها ولكن عند البحث على شبكة الإنترنت وجد أنها تحمل كثيراً من المخاطر وغير مقننة لذلك فضل التعامل في سوق الأسهم باعتباره سوقاً واضحاً ومنظماً.

وقال أحمد عبدالرازق مقيم في الإمارات: «منذ بدأت وسائل الإعلام بالتحدث عن العملات المشفرة لم أقتنع بهذا النوع من الاستثمار أو التبادل التجاري بهذه العملات، أشعر بعدم الارتياح والقلق ولا أرشح التعامل بهذه العملات».



تطور طبيعي

قال المدير التنفيذي لشركة المتداول العربي، أحمد عياد: «إن مواكبة التقدم العلمي والطفرة التكنولوجية التي يشهدها العالم تحتم البحث عن وسائل معاملات إلكترونية بعيداً الوسائل التقليدية تضمن سرعة نقل الأموال بكل يسر وسهولة وأمان وبالنظر إلى تطور وسائل النقد من ذهب إلى ورق ثم إلى بطاقات ائتمانية نجد أن العملات الرقمية نتيجة طبيعية لهذا التطور».



ويضيف عياد: «لعل في حياتنا اليومية البسيطة ومنذ فترة ليست بالبسيطة قد بدأنا نشاهد ما يشبه العملات الرقمية حيث إنه في العديد من الخدمات يمكنك الحصول على نقاط افتراضية ويمكنك استبدالها من أماكن معينة بمقابل مادي معين وأيضاً يمكنك شراء عملات افتراضية في بعض الألعاب الإلكترونية، وبالتالي فإننا فعلياً قد بدأنا استخدام ما يشبه العملات الرقمية في حياتنا اليومية».

وتابع عياد: «على الرغم من أن الجمهور المستخدم لوسائل الدفع التقليدية الحالية ما زال هو الأكبر بسبب عدم توافر البنية التشريعية والتنظيمية الكافية لانتشار العملات الرقمية على نطاق واسع إلّا أن استخدام العملات الرقمية في ظل ما يشهده العالم من تطور تكنولوجي هي مسألة وقت لا أكثر لا سيما مع ازدياد عمليات الشراء والبيع عالمياً عبر شبكة الإنترنت في ظل جائحة كورونا الحالية».

وبحسب المدير التنفيذي لشركة المتداول العربي، فإن بعض الحكومات والبنوك المركزية بدأت الانتباه للحاجة إلى العملات الرقمية ووجود طلب عالمي عليها، مشيراً إلى اتفاق البنك المركزي الإماراتي والبنك المركزي السعودي بإطلاق مشروع العملة الرقمية «عابر» كمبادرة جديدة تعد من أولى التجارب عالمياً على مستوى البنوك المركزية في هذا المجال.

وأشار عياد إلى أن العملة تستخدم فقط من قبل البنكين المركزيين والبنوك المشاركة في المبادرة كوحدة تسوية لعمليات البنوك التجارية في كلا البلدين سواء كانت عمليات محلية أو عمليات بين حدود البلدين.

وعلى الرغم من أن العملات الرقمية ستواجه صعوبات في الانتشار بين عامة الناس خلال الفترة المقبلة إلّا أن الثورة التكنولوجية السريعة ستجعل منها الأداة الوحيدة والمسيطرة على العالم في الأمد القريب، بحسب «عياد».

الاهتمام الأكبر

في تقرير حديث له، قال بنك غي بي مورغان،: «إن الاهتمام الأكبر تجاه عملة بيتكوين يأتي من جيل الألفية (الشباب الذين ولدوا بين عامي 1981 و1996)، وينظرون للعملة الرقمية باعتبارها أصلاً بديلاً للذهب».

ويأتي إثبات ذلك، من خلال بيانات منصات تداول تلك العملات، وتقول منصة Revolut، إن متوسط ​​عمر المستخدم الذي يشتري العملات المشفرة على منصتها هو 33، بينما تقول eToro إن مالكي البيتكوين يبلغون 35 عاماً في المتوسط ​​، بينما عملة Ethereum، متوسط عمر المستثمرين 33 عاماً.

وذهب البعض إلى القول إن «بيتكوين أفضل من الذهب، لأن من السهل تخزينها، ومن الصعب سرقتها، وأكثر قابلية للنقل لذلك من الممكن تصبح فعلياً ذهباً رقمياً».

ومع انتشار العملات الرقمية وتوجه بعض الدول إلى تدشين عملات رقمية خاصة بها مستقبلاً، يبقى العامل الأهم هو نشر الثقافة المالية اللازمة لتوضيح الصورة لدى المواطنين، وإرشادهم إلى قنوات الاستثمار الرسمية والخاضعة لرقابة الدولة، حماية لهم من التعرض للنصب والاحتيال.



عمليات تحديد

شرَّعت مجموعة من بنوك مركزية كبرى تشمل مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي، بنك إنجلترا، بنك التسويات الدولية، البنك المركزي الأوروبي، البنك الوطني السويسري، وبنك اليابان المركزي، في تحديد الشكل المحتمل الذي ستبدو عليه عملة رقمية للمساعدة على اللحاق بدور ريادي للصين، والتفوق على مشاريع خاصة على غرار عملة «ليبرا» التابعة لـ«فيسبوك».

وقالت البنوك المركزية وبنك التسويات الدولية «إن الملامح الأساسية يجب أن تشمل المتانة والإتاحة بسعر منخفض أو بدون كلفة، والمعايير المناسبة والإطار التشريعي الواضح والدور الملائم للقطاع الخاص».

وبدأت البنوك المركزية تفحص بشكل وثيق العملات الرقمية بعد أن أعلنت «فيسبوك» العام الماضي عملتها «ليبرا» التي لم تُطلق بعد، والتي ستكون مدعومة بمزيج من العملات الرئيسة والديون الحكومية. ومنذ ذلك الحين عدل الكيان الذي يقف وراء ليبرا خططاً ويأمل حالياً في إطلاق عدة «عملات مستقرة» مدعومة بعملات منفردة.

وأشار بنك التسويات الدولية إلى أن عملة «فيسبوك» المشفرة «ليبرا» المؤجلة حالياً، كانت بمنزلة «ومضة» دقت جرس الإنذار لدى البنوك المركزية في العالم التي سارعت للبحث بجدية أكبر للدخول في عالم العملات الرقمية، لكن رغم ذلك هو لا يؤمن باختفاء النقود السائلة.



الاختبار الصيني

بدورها، تختبر الصين بالفعل يواناً رقمياً، فيما يقول بنك الشعب الصيني في تصريحات سابقة، «إنه سيعزز انتشار اليوان في عالم عملات يهيمن عليه الدولار».

وكانت، قد حددت الصين خططاً لإجراء ما وصفته بمزيد من الاختبارات لمبادراتها الخاصة بالعملة الرقمية، فمع ازدياد التحول الرقمي للاقتصاد العالمي، يدرك عديد من الحكومات أن الدول التي ستسخر التقنيات المالية المتطورة، ستحقق مكاسب مستقبلية ضخمة، وستلعب التكنولوجيا المالية الناشئة وتحديداً العملات الرقمية، دوراً مهماً في اقتصاد المستقبل.

وفي حال نجاح العملة الرقمية الصينية فمن المتوقع استغلال دورة الألعاب الشتوية 2022 للترويج للعملة الجديدة، كما أن تجربة تلك العملة تعد جزءاً من حزمة واسعة من المبادرات التي أطلقتها الصين، لتحفيز الابتكار وتشجيع الانفتاح في قطاع الخدمات.

لغز العملة

نشأت العملة الرقمية بعيداً عن سلطة الحكومات متزامنة مع الأزمة المالية العالمية ولا يزال المخترع الأول لها لغزاً محيراً ويحمل اسم مستعار هو ساتوشي ناكاموتو، واعترفت دول عديدة بهذه العملة التي بدأ إطلاقها عام 2009، وتمت أول شراء عام 2010 بسعر 25 سنتاً لتصل مطلع العام الجاري إلى أكثر من 41 ألف دولار مع توقعات بوصولها لـ100 ألف دولار خلال الفترة القليلة المقبل، بالتزامن ارتفاع عدد الشركات حول العالم التي تقبل الدفع بالبيتكوين لأكثر من 130 ألف شركة إلى جانب الدفع التقليدي، وفي مقدمتها شركتا «لامبورجيني» و«BMW» مع توقعات بارتفاع سعر العملة المشفرة الأكثر شهرة في العالم «بيتكوين»، إلى 100 ألف دولار.