الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

ملاك بنايات بالدولة يخفضون الإيجارات بنسبة 45% دعماً للمستأجرين

توقعات باستمرار التخفيضات في الإيجارات حتى الربع الأول من 2022

بين الفينة والأخرى، يسطر المجتمع الإماراتي ألواناً من العطاء تكشف أصالته وتبرز معدنه الذهبي، لتكتب الأزمات صفحات مضيئة من التلاحم في تاريخ الحياة على أرض الإمارات، فقد أعلن ملاك بنايات في إمارات عدة بالدولة عن تسهيلات استثنائية للمستأجرين تمثلت في تخفيض قيم الإيجار السنوي بنسب تراوحت بين 35 و45% مقارنة بالفترات السابقة، بالإضافة إلى منحهم مرونة في تسديد قيمة الشيكات المتأخرة وكذلك اعتماد نظام الدفع الشهري، الذي يسهل عليهم إلغاء العقد بالتراضي بين الطرفين في أي وقت دون الالتزام بالشرط الجزائي الذي كان معتمداً سابقاً ويكلف المستأجر دفع إيجار 3 أشهر مقدماً.

ووصف مستأجرون استمرار هذه التسهيلات، التي بدأت مع أزمة كورونا، بالتعاون الإيجابي بينهم وملاك البنايات الذين راعوا الظروف الاستثنائية التي تمر بها الإمارات والعالم أجمع، والتي نتج عنها تأثر الوظائف وتخفيض الرواتب بالإضافة إلى الخسارة المالية لبعض المستأجرين ممن يملكون محال ومشاريع تجارية، فيما أرجعت شركات عقارية هذا التعاون لارتفاع مستوى التنافسية بالإيجارات، لا سيما بعد دخول وحدات جديدة للسوق العقارية، ونشاط حركة تنقلات المستأجرين لتغيير أماكن عملهم ولبحثهم عن وحدات أصغر حجماً وبإيجار أقل بعد تخفيض رواتبهم، مؤكدة أن هذه المبادرات تسهم باستقرار المستوى العام للإيجارات المتوقع استمرارها بهذا المستوى لنهاية العام الجاري، لعدم وجود مؤشرات واضحة حول مستقبل السوق العقاري في الفترة الراهنة.

شرط جزائي

قال المستأجر علي خلدون إنه يقيم في إمارة الشارقة منذ أكثر من 8 أعوام وخلال هذه المدة كان مستوى الإيجارات يتغير بقيم بسيطة جداً، علاوة على أن معظم ملاك البنايات لا يتعاملون بمرونة مع المستأجرين في حال التأخر عن تسديد الشيكات المتعلقة بالإيجارات، أو عند تجديد العقود، إلا أن المستأجرين تفاجؤوا أخيراً بتسهيلات غير مسبوقة يقدمها ملاك البنايات لهم تمثلت في منحهم خاصية دفع الإيجارات المستحقة عليهم بالنظام الشهري بدلاً من الدفعات ربع السنوية التي يعتمدها معظم الملاك، ما يسهل عليهم إلغاء العقد بالتراضي بين الطرفين في أي وقت دون الالتزام بالشرط الجزائي الذي كان معتمداً سابقاً ويكلف المستأجر دفع قيمة إيجار 3 أشهر مقدماً قبل أن يسمح له بإلغاء العقد ومغادرة المكتب أو الشقة.

ولفت خلدون إلى أن بعض الملاك منحوا المستأجرين القدامى تخفيضات استثنائية عند تجديد عقد الإيجار بنسب تراوحت بين 35 و45% مقارنة بالفترة السابقة، فالشقة المكونة من غرفتين وصالة بلغ إيجارها السنوي 24 ألف درهم بعد أن كان سابقاً 35 ألف درهم، أما الشقة المكونة من غرفة وصالة فوصل إيجارها إلى 20 ألف درهم بعد أن كان سابقاً 27 ألف درهم، علاوة على أن بعضهم منح المستأجرين، مع بدء كورونا، إعفاء من إيجار نحو 3 أشهر مراعاة لظروف الوباء الطارئة التي نتج عنها خصم الرواتب لبعض الموظفين وفقدان آخرين لعملهم.



حزمة تسهيلات

فيما أشار المستأجر علي عباس من إمارة أبوظبي إلى أنه تفاجأ بصاحب البناية التي يستأجر شقة فيها منذ أكثر 3 أعوام بإبلاغ جميع المستأجرين باستمرار تخفيض الإيجارات التي طبقت ببداية الأزمة حتى نهاية العام الجاري مع تقديم تسهيلات أخرى تتمثل في توفير خدمة تعقيم الشقق المستأجرة شهرياً بدون أي مقابل مادي، بالإضافة إلى تقديم خصومات أخرى للسكان للاشتراك السنوي في الصالة الرياضية بالبناية بنسبة تصل إلى 40%، لافتاً إلى أن الملاك يراعون الظروف الراهنة التي تمر بها الإمارات والعالم أجمع والتي نتج عنها تأثر الوظائف وتخفيض الرواتب بالإضافة إلى الخسارة المالية لبعض المستأجرين ممن يملكون محال ومشاريع تجارية.

وأضاف «كذلك قدمت شركات عقارية ضمن حزمة التسهيلات التي أعلنت عنها إعفاء المستأجرين من رسوم تسجيل عقود الإيجار ورسوم خدمات صيانة الكهرباء والمياه وتغيير النوافذ في الشقق، بالإضافة إلى منح سكان البنايات مواقف مجانية لسياراتهم، في حين وافق ملاك آخرون على تأجيل سداد القسط وتقسيمه إلى دفعتين، لمواكبة تراجع الطلب على الشقق أخيراً، تزامناً مع زيادة العرض في ظل إعلان بعض الملاك عن وجود عشرات الشقق الجاهزة للاستئجار في البنايات الجديدة».



بوادر انتعاش

فيما قال المستأجر عبدالرحمن بخيت من إمارة دبي: «إن عدداً كبيراً من المستأجرين فضلوا الاستمرار في سكنهم الحالي، وعدم الانتقال لوحدات أخرى، لتجنب تكاليف النقل، والديكور وتقسيمات الغرف في الوحدات المستأجرة حديثاً، وما شجعهم على الاستمرار هو التسهيلات المقدمة من الملاك للمستأجرين القدامى، والتي أعلنوا عنها عبر ملصقات ولوحات وضعت عند الأبواب والمداخل الرئيسية للبنايات، والمتضمنة تخفيضات تزيد على 45% عند تجديد عقود الإيجار، وهذه التخفيضات شملت أصحاب العقود القديمة عبر تحويلهم لنظام الدفع الشهري، رغبة منهم في الاحتفاظ بهم، بعد ترك عدد من المستأجرين شققهم ومغادرتهم الدولة نتيجة فقدان عملهم، وبسبب تراجع الطلب على الشقق السكنية الذي شهدته أسواق العقار مع بداية أزمة كورونا في مارس الماضي واستمر حتى مطلع ديسمبر الماضي الذي ظهرت خلاله بوادر انتعاش غير مسبوقة».

وتابع: «أعلنت شركات عقارية أخيراً عبر حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي عن حزمة من العروض الإيجارية بالبنايات السكنية الجديدة كمنح المستأجرين أول شهرين مجاناً لا تحتسب في العقد، وإتاحة خيار التسهيلات في الدفع الشهري»، متمنياً أن تستمر هذه التسهيلات حتى بعد انتهاء الأزمة الراهنة بهدف جذب أكبر عدد من المستأجرين.

خارطة الإيجارات

من جانبهم، أكد مديرون تنفيذيون بشركات عقارية في الدولة أن تداعيات فيروس كورونا كان لها الأثر الأكبر في تغيير معالم خارطة الإيجارات التجارية والمكتبية والسكنية بالدولة لصالح المستأجرين، والتي نتج عنها توقف مؤقت لحركة الطيران وللنشاط الاقتصادي، علاوة على أن مستأجري الشقق فقدوا وظائفهم، بينما تعرضت فئة منهم إلى خصم نسب كبيرة من رواتبهم، ما أوجد تعاوناً غير مسبوق بين الملاك والمستأجرين، بهدف تجاوز المرحلة الراهنة بأقل الخسائر الممكنة، لذا تنافس عدد كبير من الملاك على تقديم تسهيلات للمستأجرين مثل خفض القيمة الإجمالية للإيجار السنوي بنسبة وصلت إلى 40% في بعض الإمارات مقارنة بالفترة السابقة للجائحة، لضمان استمرار النشاط الايجاري ولجذب أكبر عدد من المستأجرين.

وأضافوا «كما قدم بعض المؤجرين إعفاء لأشهر للمستأجرين سواء الجدد أو القدامى، بينما طبّق بعضهم الدفع بالنظام الشهري تسهيلاً على المستأجرين وتجنيبهم دفع أي غرامات قد تترتب عليهم عند مغادرتهم الوحدات العقارية في أي وقت بسبب الظروف الطارئة التي قد يتعرضون لها».

عروض تنافسية

وأكد المديرون التنفيذيون في الشركات العقارية أن ارتفاع التنافسية في العروض، والامتيازات الممنوحة للمستأجرين، والتصحيح السعري، من المؤشرات السوقية الإيجابية والتي يتفاوت مستواها من منطقة لأخرى بحسب حجم إقبال المستأجرين عليها، فالمناطق القريبة من المدارس والقطاعات الحكومية قدم ملاك البنايات فيها تسهيلات أقل من المناطق الأخرى.

وعزوا وجود هذه التسهيلات إلى ارتفاع مستوى التنافسية في الإيجارات، لا سيما بعد دخول وحدات جديدة للسوق العقارية، بالإضافة إلى نشاط حركة تنقلات المستأجرين الذين غيروا أماكن عملهم بسبب الأزمة أو لبحثهم عن وحدات أصغر حجماً وبإيجار أقل بعد تخفيض رواتبهم، إلى جانب مغادرة عدد منهم الدولة بعد فقدان وظائفهم، لذا فإن تقديم هذه التسهيلات في هذا التوقيت يعتبر قراراً صائباً سيسهم في استقرار المستوى العام للإيجارات، متوقعين أن تستمر هذه التسهيلات حتى نهاية العام الجاري.

مؤشرات مستقبلية

من جانبه، قال عبدالله الرستماني، مالك بنايات سكنية في منطقة مويلح بالشارقة، إنه خفّض قيمة الإيجارات بنسبة تزيد على 50% لتجنب الخسائر عبر الحفاظ على المستأجرين الحاليين، فإخلاء العقار من المستأجرين القدامى سيترتب عليه صعوبة في إيجاد بدلاء في ظل ظروف الجائحة، موضحاً أن الشقة المكونة من 4 غرف وصالة كانت تؤجر سابقاً بـ67 ألف درهم سنوياً، بينما يعرضها حالياً للإيجار بـ36 ألف درهم، أما الشقة المكونة من غرفتين وصالة فوصلت قيمة إيجارها الحالي إلى 22 ألف درهم بعد أن كان سابقاً بـ39 ألف درهم، مؤكداً أن هذه القيم لن تتغير حتى نهاية العام الجاري والربع الأول من عام 2022، لعدم وجود مؤشرات واضحة حول مستقبل السوق العقاري في الفترة الراهنة.