أدى تشدد البنوك في زيادة فائدة الإقراض والشروط التعجيزية في إقراض رواد الأعمال إلى عزوف أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة عن التمويل من البنوك، ما نتج عنه إرجاء بعض المشاريع، ووقف التوسع في مشاريع أخرى، ليصل إجمالي التراجع في الإقراض نتيجة هذه الإجراءات إلى 600 مليون درهم خلال 9 أشهر، بحسب رواد أعمال ومختصين في قطاع التمويل، أشاروا إلى تجاهل أسعار فائدة الإقراض المصرفي لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة رغم تراجع أسعار الفائدة إلى أدنى مستويات لها في مجالات الإقراض الأخرى، ولتبقى الفوائد الممنوحة لهذا القطاع مرتفعة، بما يراوح بين 6% و14%، كفائدة ثابتة أي ما بين 11 و25% فائدة متناقصة.وأوضح هؤلاء أن التشدد يبدأ من اشتراط سجل أعمال لسنتين أو 3 سنوات وعوائد بمستويات معينة مع ضمانات مالية على شكل ودائع مصرفية مقابل القرض، كل ذلك إضافة إلى أسعار فائدة مرتفعة قد تجعل الحصول على القرض غير متناسب مع العائد الاستثماري.وانخفضت أسعار الفائدة بين البنوك «الإيبور» إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، حيث وصلت إلى 0.48% لفترة السنة، و0.55% لفترة الستة أشهر، وذلك مقارنة بمستويات كانت تفوق الـ3% في بداية العام الماضي 2020، وخلال جائحة كورونا أي منذ نهاية مارس إلى نهاية ديسمبر 2020 تراجعت التسهيلات الائتمانية المجمعة للمشاريع المتوسطة والصغيرة بنسبة 0.64% بواقع 600 مليون درهم إلى 92.8 مليار درهم نهاية 2020.كثرة الإجراءاتوتفصيلاً، أفاد مدير مشروع «فومو دبي» رائد الأعمال ماجد الشيباني، أنه فكر بالحصول على تمويل قبيل إطلاق مشروعه نهايات 2019، لكن كثرة الإجراءات البنكية والمستندات والضمانات وارتفاع سعر الفائدة دفعه للعزوف عن ذلك، مشيراً إلى أن الحصول على تمويل يقتضي أن تكون الشركة عاملة منذ 3 سنوات ولديها عوائد مرتفعة.وأضاف أنه حالياً يعمل على توسيع أعماله، لكنه لا ينوي الحصول على قرض للأسباب ذاتها التي منعته سابقاً من ذلك، لافتاً إلى أن ارتفاع الفائدة يبدد عوائد المشاريع في وقت تكون فيه الشركات بأمس الحاجة إلى تلك العوائد.قرض شخصيمن جانبه، قال ق.ع: «إن رفض البنوك تمويل المشاريع عند انطلاقها دفعه إلى الحصول على قرض شخصي بضمان راتب الوظيفة التي يعمل بها، من أجل تمويل مشروعه التجاري»، مشيراً إلى أن بعض رواد الأعمال أو أصحاب المشاريع لا يكون لديهم الخيار حتى للحصول على قرض شخصي كونهم غير موظفين ومشاريعهم عالية الخطورة بنظر البنك».أبرز التحدياتوأفاد مؤسس شركة القهوة العربية حمد المزروعي، بأن حصول رائد أعمال أو شركة صغيرة ومتوسطة على قرض مصرفي في الوقت الراهن يعتبر من أصعب الأمور، ومن التحديات التي تواجه الشركات، مؤكداً أن شروط المصارف تعجيزية ولا يمكن تحقيقها من أغلب شركات القطاع.وتحدث عن تجربته مع عدة بنوك خلال الفترة القريبة الماضية، حيث طلب قرضاً لتمويل سيارات للشركة، وأحد البنوك أخبره أنه متوقف في الفترة الحالية عن منح قروض للشركات الصغيرة، فيما طالبه بنك آخر ببيان دخل لمدة عام وأرسل مندوبين إلى فروع الشركة، وفي النهاية كانت النتيجة رفض منح القرض.وأوضح أن التشدد المصرفي يؤثر على عمليات التوسع، وعلى تنمية الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة، لافتاً إلى أن هذه الشركات ليس أمامها سوى الاعتماد على التمويل الذاتي أو الدعم الحكومي.ومن جهته، أفاد رئيس قسم الودائع الاستثمارية في شركة آفاق الإسلامية للتمويل محمد عامر، بأن شركات التمويل والبنوك بحاجة إلى الضمانات الكافية قبل التفكير بمنح تمويل لمشروع جديد أو شركة في هذا القطاع، لا سيما في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن الضمانات تُبنى على أساس بيانات مالية لمدة 3 سنوات مع حدود دنيا للمبيعات والعوائد بحسب طبيعة الشركة، كما تقوم الجهات الممولة بدراسة وضع الشركة والتقصي عنها لعرفة أفق استمراريتها وتطورها في المستقبل لقياس مستوى المخاطر.وقال: «رغم التشدد العام وارتفاع أسعار المرابحة بالإجمال، فإن بعض العروض تخرج من فترة إلى أخرى من قبل بعض الجهات».ومن جانبه، أشار الخبير المصرفي حسن الريس، إلى أن البنوك هي صاحبة اليد العليا عند الحديث عن هذا النوع من التمويل، فالتمويلات للمجموعات العريقة والكبرى تشهد منافسة من قبل البنوك، لكن المشاريع الصغيرة والمتوسطة على العكس يطغى عليها الحذر والتخوف البنكي ما يجعل الخيارات أمام أصحاب المشاريع والشركات قليلة ويجبرهم على القبول بالأسعار المرتفعة.وتابع «المسألة ليست بتلك البساطة فالتجارب المصرفية على مدار الفترات الماضية مع كثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة انطوت على مخاطر كبدت البنوك خسائر كبيرة».ومن جانبها أشارت الخبيرة المصرفية عواطف الهرمودي، أن الأرباح والفوائد المصرفية ترتبط بحجم المخاطر، والتجارب السابقة من قبل المصارف دفعت إلى بناء موقف حذر من هذا النوع من الشركات، لافتة إلى أن قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة ومشاريع رواد الأعمال تعتبر غاية بالأهمية للاقتصاد ككل وللقطاع البنكي لكنها في العموم أو أغلبها يفتقر إلى الضمانات اللازمة التي تخولها الحصول على تسهيلات مصرفي.ومن جهته أفاد المصرفي أحمد عرفات، بأن قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة هام جداً لكن البنوك تجد نفسها غير قادرة على إدارة محفظة هذا القطاع لا سيما في مثل الأوقات الراهنة، الأمر الذي ينجم عنه تردد في التمويل أو سبه امتناع عن تقديم التمويل، وهو ما يحدث حالياً إلى درجة أن بعض البنوك قلصت موظفي أقسام تمويل الشركات الصغيرة بنسب كبيرة وأغلقت إداراتها في بعض الأفرع.وقال «لا يختفي الإقراض لكن الحصول عليه صعب جداً والتدقيق المصرفي على طالبي التمويل شديد، الأمر الذي يطيل فترة الموافقة، ويكون التمويل مقابل ضمانات لا تمتلكها الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة كالودائع مقابل التمويل».وأضاف «أن فوائد القروض الخاصة بهذه الفئة مرتفعة جداً وتتجاوز الـ10% كفائدة ثابتة والـ20% كفائدة متناقصة، الأمر الذي يجعل التمويل بالأساس غير مُجد للبعض كونه يبدد العوائد».

القطاع الخاص الإماراتي يسجل توسعاً قوياً بالنشاط خلال يناير
أظهرت البيانات الأخيرة لمؤشر مدراء المشتريات لدولة الإمارات العربية المتحدة، تسجيل الشركات المُنتمية للاقتصاد غير المنتج للنفط توسعاً قوياً في النشاط خلال يناير الماضي، الأمر الذي جاء مرتبطاً بزيادة مبيعات العملاء واستئناف مشاريع البناء، وفق تقرير مؤسسة «آي إتش إس» ماركت العالمية.
وأفادت المؤسسة في تقرير، اليوم الأربعاء، بأن معدل نمو الإنتاج لشركات القطاع الخاص تراجع بشكل طفيف عن أعلى مستوى في 5 أشهر الذي سجله في شهر ديسمبر، لكنه ظل ضمن أسرع المعدلات منذ الانكماش المرتبط بوباء كوفيد-19.
وأشارت المؤسسة إلى أن حجم الأعمال الجديدة التي تلقتها الشركات الإماراتية زاد في فترة الدراسة الأخيرة، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع مبيعات الصادرات حيث علقت الشركات المشاركة على ارتفاع الطلبات من منطقة الخليج.
وحسب التقرير، سجل مؤشر مدراء المشتريات الرئيسي لمجموعة «آي إتش إس ماركت» في الإمارات - وهو مؤشر مركب يُعدل موسمياً تم إعداده ليقدم نظرة عامة دقيقة على ظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط – نحو 51.2 نقطة للشهر الثاني على التوالي في شهر يناير.
وأظهرت البيانات أن المؤشر سجل أعلى قراءة مكررة له منذ شهر أغسطس 2019، إلا أنه أشار فقط إلى تحسن هامشي في ظروف العمل منذ نهاية العام الماضي. كما ظل المؤشر أقل من متوسطه البالغ 54.2 نقطة.
ولفتت البيانات إلى تحسن طفيف في ظروف التشغيل للقطاع غير المنتج للنفط في بداية عام 2021، حيث ساهمت التوسعات في كل من الإنتاج والطلبات الجديدة في حدوث زيادة متجددة في التوظيف.
كما قلل الارتفاع المتراجع في المبيعات من توقعات الشركات للنشاط المستقبلي. على الرغم من الانتشار السريع نسبياً للقاحات كوفيد-19، إلا أن توقعات الشركات ارتفعت بشكل طفيف فقط منذ شهر ديسمبر وكانت ثالث أضعف توقعات في تاريخ السلسلة (منذ شهر أبريل 2012).
وأشارت بعض الشركات إلى أن الارتفاع الأخير في حالات كوفيد-19 قد يؤدي إلى تشديد القيود على الشركات وتراجع الإنتاج على المدى القصير.
من ناحية إيجابية، كان هناك ارتفاع طفيف في التوظيف في شهر يناير أنهى سلسلة طويلة من فقدان الوظائف. بالإضافة إلى ذلك، شجع النشاط المرتفع على التوسع في النشاط الشرائي مع ارتفاع المخزون نتيجة لذلك.
ورصد التقرير انخفاض تكاليف مستلزمات الإنتاج بأسرع معدل لها منذ شهر أبريل الماضي، بسبب انخفاض تكاليف التوظيف وانخفاض معدل تضخم أسعار المشتريات.
واستمر متوسط أسعار المنتجات والخدمات في القطاع غير المنتج للنفط في الانخفاض في بداية العام، رغم أن معدل التخفيضات كان الأضعف في سلسلة التخفيض الحالية البالغة 28 شهراً. وذكرت بعض الشركات الجهود المبذولة لتحفيز الطلب، لكن البعض الآخر تشجع على زيادة أسعاره بسبب زيادة المبيعات.
وشهد الشهر الماضي تحسن أداء المورّدين للشهر الثالث على التوالي، على الرغم من بعض التقارير التي تفيد بنقص مستلزمات الإنتاج والتشديد على سلاسل التوريد العالمية.
وعلقت الشركات أن المورّدين تمكنوا بشكل عام من تسريع عمليات التسليم لتلبية الطلب المتزايد على مستلزمات الإنتاج.
وقال ديفد أوين، الباحث الاقتصادي في مجموعة «آي إتش إس ماركت»، إن البيانات الأخيرة تشير إلى ظروف عمل أكثر ملاءمة. ومن المفترض أن يساعد الانتشار السريع للقاحات «كوفيد-19» في الإمارات على استعادة الثقة في الأسواق خلال النصف الأول من عام 2021.
وأضاف أوين أن التوظيف بالقطاع الخاص الإماراتي انتقل إلى النطاق الإيجابي للمرة الأولى منذ أكثر من عام، ما يدل على أن الشركات تكتسب المزيد من الثقة لتوسيع قدرتها التشغيلية.