الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

سماسرة عشوائيون ينافسون مكاتب الوساطة العقارية و«كورونا» تعزز وجودهم

رصد مستأجرون زيادة أعداد السماسرة العشوائيين غير المرخصين، بسبب أزمة «كورونا» التي نتج عنها نشاط حركة تنقلات المستأجرين بين الوحدات السكنية بسبب تغيير أماكن دواماتهم أو بحثاً عن شقق أصغر حجماً بإيجارات تتناسب مع رواتبهم التي جرى تخفيضها من جهات عملهم، ويروج هؤلاء السماسرة لنشاطهم عبر ملصقات توضع على أعمدة الإنارة وعند مداخل البنايات، ومعظمهم ممن فقدوا عملهم أو أصحاب المهن البسيطة الراغبين بزيادة دخلهم.

وعزا أصحاب مكاتب وساطات عقارية تعامل المستأجرون مع السماسرة العشوائيين لتجنب دفع عمولة التأجير التي لا تقل عن 5% من قيمة إيجار الوحدة السكنية، ما نتج عنه تراجع الأرباح المتوقعة لهذه المكاتب بنسبة 30%، وكبدهم خسائر مالية كما أضاع عليهم فرص تعويض الخسائر التي تعرضوا لها ببداية الأزمة، لا سيما أن تأجير الوحدات السكنية عاد أخيراً ليتصدر مؤشر التعاملات العقارية، فيما حذرت وزارة الداخلية من التعامل مع هؤلاء الأشخاص تجنباً للوقوع في شباك الاحتيال العقاري ولأنهم قد يكونون مخالفين لقانون الإقامة بالدولة.

رسوم المشاهدة

وقال المستأجر أسد علي: «لاحظت مؤخراً انتشار أعداد كبيرة من الملصقات التي توضع على أعمدة الإنارة في الأماكن العامة وعند مداخل البنايات السكنية لسماسرة يؤكدون أنهم يوفرون للمستأجرين وحدات سكنية بالاشتراطات التي يطلبونها مقابل عمولة لا تتعدى قيمتها 1800 درهم ودون احتساب رسوم المشاهدة أو حجز الوحدة السكنية التي تفرضها مكاتب الوساطات العقارية على المستأجرين والتي لا تقل قيمتها الإجمالية عن 4 آلاف درهم، ما يشجع الأشخاص والأسر الذين يبحثون عن عقارات سكنية للتعامل معهم، لا سيما في ظل ارتفاع الرسوم التي تلزمهم بها هذه المكاتب، ولأن بعض الملاك يفضلون التعامل مع السماسرة على الرغم من أنهم غير مرخصين، بهدف جذب أكبر عدد من المستأجرين لا سيما أن أعداداً كبيرة من الشقق المستأجرة سابقاً أضحت شاغرة بعد أن غادرها المستأجرون من الموظفين الذين فقدوا عملهم بسبب الأزمة.

عبء مالي

قال المستأجر عبدالرحيم هشام: «إنه اضطر خلال أزمة «كورونا» إلى تغيير السكن الخاص به بعد أن قرر إرجاع أسرته لبلده بسبب تخفيض راتبه من جهة عمله، وظل لأكثر من أسبوعين يبحث عن شقة «استوديو» بإيجار مناسب، إلى أن نصحه صديقه بالاتصال بأحد سماسرة العقارات المنتشرين بالسوق مقابل مبلغ مالي لا يتجاوز 1700 درهم، مشيراً إلى أن الباحثين عن شقق يضطرون للتعامل مع السماسرة الجائلين على الرغم من أنهم غير مرخصين، تجنباً لدفع عمولة لمكاتب الوساطة المرخصة والتي تصل نسبتها في بعض الأحيان إلى 6% من القيمة الإيجارية للوحدة السكنية، ما يشكل عبئاً مالياً على المستأجر يضاف لقيمة الإيجار وتصديق العقود ورسوم التأمين الخاصة بالكهرباء وغيرها من الخدمات.

نشاط التنقلات

وأوضحت المستأجرة ناجية حمدان أنه نتيجة لأزمة «كورونا» نشطت حركة تنقلات المستأجرين بين الوحدات السكنية لتغيير أماكن عملهم أو بحثاً عن شقق أصغر وبإيجارات أقل عن التي كانوا يقيمون فيها سابقاً بسبب تقليل رواتبهم نتيجة الظروف الراهنة، ظهر عدد من السماسرة غير المرخصين من الذين كانوا يعملون في مهن عدة مثل حراسة البنايات والحلاقة وفي شركات الصيانة وفقدوا عملهم بسبب الأزمة الحالية».

ولفتت إلى أن نشاط هؤلاء السماسرة لا يقتصر على الإعلان عبر الملصقات بل توسع ليشمل جولات ميدانية في الأسواق الشعبية المفتوحة والحدائق العامة والمناطق السكنية التي تتواجد فيها العوائل بأعداد كبيرة إذ يعرضون خدماتهم المتضمنة عمولات بقيم غير مسبوقة، مضيفة «لأن عمل هؤلاء الأشخاص غير مرخص من جهات الاختصاص لذا فإن المستأجرين هم الضحايا الذين قد يتعرضون للاحتيال لعدم وجود أي ضمانات رسمية».

ضمانات قانونية

وطالب عدنان محمود مدير مكتب النجم الساطع للوساطة العقارية بالشارقة، الجهات ذات الاختصاص بالحد من ظاهرة السماسرة غير المرخصين، لأن وجودهم أضحى يشكل منافسة غير متكافئة مع المكاتب ذات الاختصاص، لا سيما أن عدداً كبيراً من الملاك يفضلون التعامل معهم وكذلك المستأجرون تجنباً لدفع العمولة التي تطلبها المكاتب منهم مقابل توفير السكن المطلوب بضمانات قانونية تحفظ حقوق جميع الأطراف، فعند اكتشاف المستأجر أنه تعرض للاحتيال من قبل السمسار العشوائي فإنه لن يتمكن من تقديم بلاغ رسمي ضده لغياب الصفة الرسمية في النشاط الذي يتعامل به، فضلاً عن أن هؤلاء الأشخاص يتنقلون بين مدن وإمارات الدولة باستمرار كما أنهم يعمدون إلى تغيير أرقام هواتفهم بشكل دائم.

وشدد على ضرورة تطبيق ضوابط صارمة على طرق الإعلانات التي يتبعها السماسرة غير المرخصين عبر فرض مخالفات على الصحف التي تنشر إعلاناتهم، وكذلك تتبع أرقام الهواتف الموضوعة على الملصقات بالأماكن العامة والتأكد من الصفة القانونية والرسمية لأصحاب هؤلاء الإعلانات.

اتفاق بالباطن

وأيده في الرأي إسلام علي من مكتب سكاي فن للوساطة العقارية في أبوظبي الذي أشار إلى أن أزمة «كورنا» أفرزت نشاطات غير مقننة في مجال العقارات أبرزها ظهور سماسرة غير شرعيين لا صلة لهم بهذا النشاط ممن لا عمل لهم، وفئة منهم ممن يعملون في مهن بسيطة ويخصصون ساعات المساء للعمل في الوساطة العقارية بهدف زيادة دخلهم المالي، عبر السعي للتعاقدات السريعة التي تتضمن تأجير الغرف أو الشقق بالنظام اليومي أو الأسبوعي.

ولفت إلى أن بعض مكاتب الوساطة العقارية أصبحت تستعين حالياً بهؤلاء السماسرة لإقناع المتعاملين بمزايا مبالغ فيها وغير متوافرة بالوحدة السكنية، بهدف تشجيعهم على استئجار هذه الوحدات، وعند اكتشافهم عدم توافر هذه المزايا يسعى الوسيط إلى التواصل مع المكتب وتقديم وعود بإجراء تعديلات وإضافات مستقبلية في السكن المستأجر وبعد تنفيذ الاتفاق لا يرد على اتصالات المستأجر، لافتاً إلى أن السمسار وبموجب الاتفاق بـ«الباطن» مع المكتب يحصل على نسبة مقابل كل عقد إيجار.

وأشار إلى أن وجود مثل هؤلاء الأشخاص، كبّد المكاتب المرخصة خسائر مالية كبيرة وفوّت عليها فرص تعويض الخسائر التي تعرضت لها في بداية أزمة «كوفيد-19» لا سيما أن تأجير الوحدات السكنية عاد أخيراً وبقوة ليتصدر مؤشر التعاملات العقارية».

عروض للمستأجرين

وناشد عبدالعليم عمير موظف بأحد مكاتب الوساطات العقارية بإمارة دبي الجهات المعنية بتكثيف الرقابة على مهنة الوساطة، منعاً لاستقلال المتعاملين وللحد من النشاط العشوائي الذي يشجع على التأجير بالباطن الذي يكون بعقود غير موثقة ويعتمد على تقسيم الوحدات والشقق السكنية إلى عشرات الوحدات التي يتكدس فيها المستأجرون من العمال غير ملتزمين بتطبيق الإرشادات الصحية والتدابير الاحترازية للحد من انتشار فيروس «كوفيد-19»، ما ينتج عنه بيئة غير صحية تسهم في انتشار الأمراض والأوبئة بين قاطنيها.

وقال: «إن وجود أعداد كبيرة من السماسرة العشوائيين وتجاوب الباحثين عن وحدات سكنية معهم تقليلاً للنفقات، أسهم في تراجع الأرباح المتوقعة لمكاتب الوساطة بنسبة بلغت 30%، على الرغم من أن المكاتب تقدم عروضاً للمستأجرين تتضمن تخصيص مندوبين لتخليص معاملات التأجير في الجهات الحكومية وتخفيض عمولة التأجير إلى 4%، بهدف تعزيز ثقة المتعاملين».

شباك الاحتيال

من جانبها، حذرت وزارة الداخلية من التعامل مع السماسرة غير المرخصين تجنباً للوقوع في شباك الاحتيال العقاري، والتزاماً بالأنظمة المقننة التي وضعتها الجهات المعنية بشأن استئجار الوحدات «السكنية والتجارية والصناعية» إلى جانب التأكد من الحصول على ضمانات ومستندات حفاظاً على حقوق الجميع، منوهة بأهمية التعامل المباشر مع المالك لمناقشة كافة التفاصيل والوصول لاتفاق يرضي جميع الأطراف.

وأشارت إلى تنفيذ حملات تفتيشية لضبط الأشخاص الذين يزاولون أنشطة عشوائية غير مرخصة مثل السماسرة والمستثمرين وغيرهم وتطبيق العقوبات القانونية عليهم، لأن من يزاولون نشاطاً غير مرخص قد يكونون من مخالفي قانون الإقامة بالدولة.