الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

غياب «الترقي» وانخفاض «الرواتب».. كلمة السر في ضعف التوطين بقطاع التأمين

شكل التوطين في قطاع التأمين تحدياً على مدار السنوات الماضية، وعلى الرغم من بداية العمل التأميني في الدولة منذ عقود فلم يتجاوز عدد المواطنين العاملين في القطاع الـ1000 إلا عام 2017 حين بلغ عددهم 1088 مواطناً ما نسبته حينها 11.4% من إجمالي العاملين في القطاع.

ويعتبر الكثير من المواطنين قطاع التأمين غير جاذب نظراً للعديد من الأسباب التي تبدأ وفق ما يقولون بضعف فرص الترفع والحصول على ترقيات مقارنة بالعديد من القطاعات الأخرى، مروراً بضعف الاهتمام والتأهيل، وصولاً إلى تدني المرتبات مقارنة بالقطاعات الأخرى التي تمنحهم فرصاً لا يرغبون بخسارتها.

وأكد خبراء في قطاع التأمين أن حل قضية التوطين في التصدي لعزوف المواطنين عن القطاع ومنع بقائهم في مواقع غير مناسبة داخل الشركات، حيث يجب أن يبنى على 3 أركان تبدأ بخلق البيئة التي تمنح المواطن الأدوات الفاعلة للحصول على الوظيفة الصحيحة ذات الدخل المتناسب مع مستويات الدخل في القطاعات الاقتصادية الأخرى، ومن ثم تعزيز آليات الاحتفاظ بالمواطن من حيث مواصلة عمليات التدريب بشكل يسهم في ضمان الترقية المهنية المستمرة، فيما يرتبط الركن الثالث بالفرد نفسه وبآلية تطوير وتمتين معرفته ومهاراته ومواصلة الشغف للعمل في القطاع.

وأشاروا إلى أن كافة الأطراف تتحمل المسؤولية عن وضع التأمين في القطاع، لافتين إلى أن الشركات جزء من القضية.

وفيما ارتفع عدد المواطنين العاملين في قطاع التأمين في نهاية 2018 وفق التقرير السنوي الصادر عن هيئة التأمين إلى 1316 موظف ما نسبته 13.6% من إجمالي العاملين في القطاع، عاد ليتراجع الرقم إلى 1134 نهاية 2019 ما نسبته 11.2% من موظفي القطاع، علماً بأن نسبة التوطين قبل ذلك بعشر سنوات أي في 2009 لم تكن تتجاوز الـ6% حين بلغ عدد المواطنين العاملين في القطاع في 436.

سنوات العمل

وأفادت مريم. س، في حديثها للرؤية، بأنها تركت عملها في مجال التأمين بعد نحو 4 سنوات من العمل، الأمر الذي ارتبط بمجموعة من العوامل بدأت من انخفاض الدخل الشهري ومحدودية الزيادات السنوية، مروراً بضعف الاهتمام بالموظف من ناحية تعزيز مهاراته وتدريبه، وصولاً إلى محدودية أفق التطور والترقي.

وأشارت إلى أنها عملت في قسم تأمين المباني لكن بعد فترة تحول العمل إلى روتين لا يضيف الكثير إلى مهاراتها مع غياب الدورات التأهيلية الهامة أو التي شكلت فرقاً في معارفها.

ولفتت إلى أنها دخلت على راتب معين، وبعد أكثر من عام في العمل أسهمت في توظيف مواطنات لدى الشركة، لكنها فوجئت بكون مرتبات الموظفات الجدد أفضل من مرتبها على الرغم من كونها تمتلك الخبرة، وعند المطالبة بالتعديل أجابت الشركة أنها هي من قبلت التوقيع على العقد والعقود القديمة تختلف عن الجديدة رافضين تعديل المرتب لتتساوى بمن هم أكثر حداثة في الشركة منها.

وقالت: «بعد كل المعوقات التي واجهتها في الشركة كان لا بد من القبول بالفرص في قطاعات أخرى»، لافتة إلى أنها انتقلت للعمل في القطاع الحكومي على الرغم من كونها تفضل العمل في القطاع الخاص الذي يمكن أن يمنحها أفقاً من التطور المهني والمادي.

وأكدت أنها لا تمانع العودة إلى القطاع الخاص وتحديداً قطاع التأمين شرط أن تكون الفرصة مناسبة مع ضمانات بألا تتحول المهنة بعد فترة إلى ما عهدته في تجربتها السابقة.

البديل المصرفي

ومن جهتها، أفادت أ.ح، بأنها وبعد عمل سنوات في قطاع التأمين لاحظت أن الترقيات بطيئة والرواتب غير مناسبة بالمقارنة مع الفرص التي تعرض عليها من قطاعات أخرى، لافتة إلى أن العديد من زميلاتها العاملات في القطاع المصرفي كانوا يحصلون على رواتب أفضل مع تركيز على ترقيتهم.

وأشارت إلى أنها اتخذت قرار البحث عن فرصة في قطاع آخر، لتجد فرصة في القطاع المصرفي، لافتة إلى أنها عملت لفترة بسيطة وحظيت بأكثر من دورة تأهيلية لتمنح ترقية وتصبح مسؤولة فريق في أحد الأقسام.

وفي تعليقها على منشور على إنستغرام حول التوطين في قطاع التأمين، أشارت ب.ن، إلى أن الجهة المسؤولة عن القطاع يجب أن تضمن بيئة مريحة وجاذبة للمواطن للعمل في شركات التأمين، الأمر الذي لن يحدث إلا بمتابعة مستمرة للمواطنين العاملين في شركات القطاع.

وتساءلت خلود. ك، في تعليقها على منشور له بمهنة التأمين والعمل الاكتواري، لماذا لا توجد برامج تأهيل للمواطنين للعمل في هذه المهنة.

وفي تعليق على تويتر قال عادل. ق، «من الغريب أن يكون قطاع التأمين مغلقاً على التوطين، متسائلاً لماذا لا يكون كما القطاع المصرفي».

مسؤولية مشتركة

وتفصيلاً أفاد الأمين العام لجمعية الإمارات للتأمين فريد لطفي، بأن مسؤولية التوطين تقع على عاتق كافة أطراف التأمين، رافضاً إلقاء اللوم على الشركات بالدرجة الأولى.

وقال «الشركات تبحث عن مواطنين راغبين بالعمل في القطاع في العموم وتدفع بشكل سنوي ما نسبته واحد بالألف على الأقساط بغرض التدريب والتأهيل»، مشيراً إلى ضرورة بذل المزيد من الجهد من قبل الشركات للتمسك بالمواطن ووضعه ضمن مسارات وظيفية أكثر قابلية للتطور والنمو.

وأكد دور الدولة ممثلة بالجهات المسؤولة عن التوطين والتأمين، لافتاً إلى ضرورة العمل على زيادة التدريب والتأهيل من قبلهم إضافة إلى إمكانية المشاركة في جزء من الدعم المادي للمواطنين العاملين في القطاع على شاكلة بعض الدول المجاورة.

وأشار إلى أن تحمل جزء من الراتب قد يرفع مستوى الدخل في القطاع لشريحة المواطنين ويحفزهم لدخول القطاع والبقاء به، قائلاً «الحاجة إلى دفع جزء من الراتب قد تنحصر خلال الفترة الأولى من دخول المواطن للعمل في سوق التأمين، فبعد فترة ومع توفير المتطلبات يمكن أن يكون المواطن أكثر اندماجاً في القطاع».

كما طالب بالمزيد من التوعية بدور التأمين وبخصوصية وأهمية هذا القطاع بدأ من بعض المراحل الدراسية وفي وقت مبكر وعدم انتظار المواطن ليتخرج ومن ثم إقناعه بأهمية قطاع التأمين.

وفي الوقت نفسه، طالب الأفراد المواطنين بقبول تحديات هذا القطاع، لافتاً إلى وجود إمكانيات كبيرة للتطور والترقي ضمن القطاع الذي ينطوي على أكثر من 14 مجالاً.

مكامن الثغرات

وبدوره، أفاد عضو اللجنة الفنية العليا ورئيس لجنة تأمين السيارات في جمعية الإمارات للتأمين عصام مسلماني، بأن حلول قضية ملف التوطين في قطاع التأمين يجب أن تبنى على أساس مواجهة التحديات أو مكامن الثغرات في الممارسات السابقة والحالية في القطاع والتي تؤدي في الكثير من الأحيان إلى هجر المواطنين للقطاع وفي أحيان أخرى إلى بقائهم في مواقع غير مناسبة داخل الشركات.

وأوضح أن التوطين في القطاع يجب أن يبنى على 3 أركان أساسية، حيث يرتبط الركن الأول بكيفية جذب المواطن الإماراتي والاحتفاظ به وهذا دور الشركات، والركن الثاني يرتبط بالحكومة أو الجهات الرسمية الساعية إلى تنمية نسب التوطين في القطاع من حيث خلق البيئة التي تمنح المواطن الأدوات الفعالة للحصول على الوظيفة الصحيحة وهذا ما تقوم به الجهات الرسمية من خلال فرض نسبة معينة ومن خلال متابعة المواطنين بالجهات الخاصة بشكل دوري وفعال، فيما يرتبط الركن الثالث بالفرد نفسه وبآلية تطوير وتمتين معرفته ومهاراته لتأدية عمله بأفضل ما يمكن.

وفيما يتعلق بالشركات، أشار مسلماني إلى ضرورة ابتعادها عن التعامل مع ملف التوطين كأمر مفروض يحتم الوصول إلى نسب معينة تلبية للأنظمة فقط، ولا بد من التعامل مع القضية بمسؤولية تحتم السعي لتمكين الموظف من الإلمام بالمهارات التي تشعره بخصوصية هذه المهنة وبقدرته على التطور، فالعامل المادي أو المالي على سبيل المثال غير كافٍ لضمان استمرارية الموظف المواطن في مهنته وقد يكون العامل الأقل تأثيراً، فعندما يشعر المواطن بوجود أفق في هذه المهنة لن يتخلى عنها بسبب الدخل الراهن لا سيما وأن هذا الدخل يمكن أن ينمو بصورة كبيرة بناء على المهارات والأدوار التي يمكن أن يلعبها في المستقبل.

وأما عن الدور الحكومي فبين مسلماني أن الإلزام ضروري جداً وهنالك أمور أخرى مهمة إلى جانب الإلزام كالدراسة المعمقة للقطاعات الأخرى التي قد يلجأ إليها المواطن، مشيراً إلى أهمية أن يكون قطاع التأمين بيئة منافسة للقطاعات الأخرى بحيث لا يشعر المواطن أنه يخسر فرصة أهم بعدم انتقاله إلى قطاع آخر.

وأكد دور الفرد نفسه، من ناحية وجوب البحث عن المعرفة والمهارة من أجل ضمان مسار وظيفي متصاعد، مشدداً على أهمية وجود الرغبة والشغف والإيمان بالتطور.

ومن جهته أفاد خبير التأمين سامي حاج سعيد، بأن هجرة الموظف المواطن لقطاع التأمين يرتبط بجاذبية القطاعات الأخرى، وبعدم قدرة قطاع التأمين على أن يكون بنفس الجاذبية على مدار السنوات الماضية، لافتاً إلى أن المسألة قد ترتبط بالدخل ونوعية العمل وفرص الترقية والتطور المهني.