الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

محمد الأنصاري: معاً نتصدى لغسيل الأموال

محمد الأنصاري: معاً نتصدى لغسيل الأموال
والده مدرسته الأولى، خاصة أنه كان يعمل في التجارة منذ خمسينات القرن الماضي، وكان دخول الابن محمد الأنصاري مجال العمل في بداية العشرينات من عمره مؤشراً على أنه اكتسب خبرات كبيرة مبكراً، جعلته ناجحاً في عالم الصرافة، واللافت أنه لم يكتفِ بالخبرات العملية المبكرة، بل نجح في تطوير العمل بطريقة علمية، ومن الخبرات التي اكتسبها من الخارج، ونحن الآن نتحدث عن شركة يتم عبرها تحويل 40 مليار درهم.

هذه طفولتي



نشأت مع أهلي وعائلتي في مدينة دبي بأجواء عائلة تهتم بالتجارة والاقتصاد، حيث كان والدي ـ رحمه الله ـ مدرستي الأولى، فقد كان يعمل منذ بداية خمسينات القرن الماضي في تجارة المواد الغذائية قبل أن يدخل مجال الصرافة.


من الهندسة للمال والأعمال





بعد إكمال دراستي في المرحلة الثانوية قمت بالالتحاق بالجامعة في الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى الرغم من اختياري دراسة الهندسة المعمارية، إلا أن القدر اختار لي العمل ضمن القطاع المالي، حيث اضطررت للعودة من الخارج، بعد أن تعرض الوالد لحادث سير ألزمه البقاء في المستشفى لفترة طويلة، ما وضع على عاتقي، باعتباري الابن البكر، مسؤولية تولي قيادة الأعمال وأنا لا أزال في بداية العشرينات من العمر. وبالفعل التحقت بالعمل في الصرافة مع الوالد عام 1980م وحرصت على تطوير بيئة العمل من خبراتي المكتسبة خلال وجودي في الخارج.

الفارق بين عهدين

منذ الفترة التي تزامنت مع اكتشاف النفط قبل قيام الاتحاد تدفقت القوى العاملة إلى أبوظبي تحديداً، وبدأ ظهور التطور التجاري والعمراني فيها. ومنذ تلك الفترة بدأت «الأنصاري للصرافة» مسيرتها عام 1966 كشركة صغيرة تعمل عبر مكتب واحد في أبوظبي، وبإشراف أقل من 10 موظّفين وباستخدام أساليب بسيطة ومتواضعة. ونجحت الشركة في مواكبة ازدهار النشاط الاقتصادي والحركة العمرانية التي ترافقت مع قيام الاتحاد، مكتسبة خبرات جديدة أهّلتها لتصبح واحدةً من كبرى الشركات في مجال الصرافة والتحويلات المالية في الدولة.

ولقد توليت إدارة «الأنصاري للصرافة» عام 1980 بعد عودتي من الولايات المتحدة. وعملت على تطور وتوسع الشركة لتشمل كافة إمارات الدولة، ابتداءً من فرعين متواضعين يعمل بهما 20 موظفاً في أوائل الثمانينات. وجاءت إنجازات الشركة نتيجة العمل وفق رؤية استراتيجية وقيادة متوازنة والتزام لا هوادة فيه.

واستكمالاً لمسيرتها الحافلة بالنجاح، تقوم شركتنا حالياً بإجراء أكثر من 120 ألف معاملة يومياً، سواء تحويلات مالية، أو بيع وشراء العملات الأجنبية وخدمات مالية أخرى، وتضم شبكة فروع الشركة اليوم حوالي 215 فرعاً منتشراً في جميع أنحاء الدولة يعمل بها ما يقارب من 3500 موظف وموظفة لخدمة أكثر من 3.5 مليون متعامل شهرياً. كما تستحوذ أيضاً على حصة سوقية تبلغ 35% من قطاع الصرافة في الدولة، إلى جانب وجود مكاتب تمثيلية في عدد من الدول، مع وجود نية للتوسع في منطقة الشرق الأوسط ودول أخرى في الخليج العربي.

قصة الـ40 مليار دولار



مما لا شك فيه أنّ حصّتنا السوقية الحالية جاءت نتيجة ارتفاع حجم التحويلات المالية التي تمت عبر «الأنصاري للصرافة» إلى أكثر من 40 مليار درهم إماراتي خلال العام الماضي. وتأتي هذه الأرقام الإيجابية لتؤكّد الأداء القوي الذي تواصل شركتنا تحقيقه، في إطار مساعيها الطموحة لترسيخ مكانتها في طليعة الشركات الداعمة للنمو الاقتصادي محلياً وإقليمياً.

وفي ظل النظرة الإيجابية الدائمة لمستقبل اقتصاد الإمارات نتيجة بيئة الأعمال القوية والمدعومة بالاستقرار المالي والاقتصادي والسياسي، نجحت «الأنصاري للصرافة» في أن يكون لديها أكثر من 3.5 مليون متعامل شهرياً، إضافة إلى قدرتها على إجراء التحويلات المالية إلى جميع دول العالم من خلال شبكة من الشركاء الاستراتيجيين والبنوك المراسلة في أكثر من 200 دولة.

تعقيدات التحويلات

شهد القطاع المالي بشكل عام في الدولة خلال الخمس سنوات الماضية تحديثاً جذرياً في القوانين والنظم واللوائح المرتبطة بالتحويلات المالية لتواكب المستجدات في القطاع المالي محلياً ودولياً ولتكون مناسبة للطفرة العمرانية والاقتصادية في جميع المجالات مثل التجارة الإلكترونية، وازدياد حركة السفر والسياحة، وكذلك التركيبة السكانية المتنوعة للدولة. وعليه فقد تغير نمط متطلبات الجهات الرقابية لتكون أكثر كفاءة في التدقيق ومراقبة حركة التحويلات المالية للحد من المعاملات المشبوهة أو المبنية على أسس غير قانونية.

وفي الوقت الذي تحتل فيه الدولة المركز الثاني بين أكبر الدول في العالم لتحويل الأموال بعد الولايات المتحدة الأمريكية، تبرز المنافسة باعتبارها إحدى الصعوبات السائدة، في ظل سعي شركات الصرافة إلى تحديث بنيتها التحتية الرقمية لتلبية احتياجات التحويلات المالية، وتحسين تجربة المتعاملين عندما يرسلون الأموال إلى أحبائهم في بلدانهم ضمن الأطر الرقابية الجديدة.

ويسير القطاع المحلي على الطريق الصحيح نحو تحقيق المزيد من التقدّم والنجاحات، لا سيما في ظل التركيز المستمر على الابتكار والإبداع لمواكبة ركب الحراك التكنولوجي وتلبية متطلّبات القرن الـ21. وجاء التحوّل الجذري في الصناعة جنباً إلى جنب مع ظهور التقنيات الرقمية التي جعلت تحويلات الأموال أسرع وأكثر ملاءمة وكفاءة. ولم تقلل التكنولوجيا الوقت المستغرق لتحويل الأموال من أيام إلى دقائق فحسب، بل ساعدت أيضاً في تقليل التكاليف التشغيلية، وهو ما نجحت فيه دولة الإمارات التي تبلغ كلفة التحويلات فيها نصف المتوسط العالمي وفقاً للبنك الدولي.

غسيل الأموال



نضع على عاتقنا في «الأنصاري للصرافة» مسؤولية دفع المساعي الوطنية والدولية لمكافحة غسل الأموال ووقف تمويل الأنشطة الإرهابية، وفقاً للوائح والتشريعات الصادرة عن «المصرف المركزي»، وبما يتواءم مع أفضل الممارسات المتبعة دولياً.

ونولي اهتماماً بالغاً بتطوير القطاع وتدريب العاملين في الشركات عبر عضويتنا في مجموعة مؤسسات الصيرفة والتحويل المالي في الدولة من أجل مواكبة المتطلبات التنظيمية، سواء من مصرف الإمارات المركزي أو الجهات الشرطية وحتى المنظمات الدولية ذات الصلة. ونجحنا من جانبنا في إقناع الشركات العاملة ضمن القطاع بالانضمام إلى مجموعة مؤسسات الصيرفة والتحويل المالي بعد أن لمسوا أهمية دورها، لا سيما في مجال التدريب وتلبية المتطلبات التنظيمية وتبادل المعلومات لتجنب عمليات الاحتيال والعملات المزورة، وليتجاوز عدد الشركات المنضمة للمجموعة أكثر من 60 شركة تعد الأكثر نشاطاً في الدولة.

رجل أعمال بالوراثة



الكفاءة «سيد الموقف». هناك أمثلة عديدة من واقع السوق على نجاح وفشل أبناء رجال الأعمال في استكمال مسيرة العمل العائلي. وتأتي الكفاءة من العلم والخبرة والجدية والالتزام بالمبادئ المهنية واحترام وحب العمل. أؤمن شخصياً بأهمية إعطاء الشباب أولاً فرصة للتعلم وإثبات نفسهم وكفاءتهم وقدراتهم على تحمل المسؤولية قبل تسلم مهام كبيرة ومناصب رفيعة، وذلك انطلاقاً من تجربتي الشخصية.

ومن جانبي، منحت أبنائي الحرية المطلقة لاختيار المجال الذي يفضلون العمل به، فقد اختار ابني البكر العمل في مجال الاستثمار العقاري، في حين قرر ابني الثاني العمل في مجال الإعلام والإخراج.