السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«مستقبل الصيرفة» متعاملون يحصلون على التمويل والخدمات دون التواصل مع البنوك

«مستقبل الصيرفة» متعاملون يحصلون على التمويل والخدمات دون التواصل مع البنوك
تشكل «الصيرفة المدمجة» مستقبل الخدمات المصرفية التي باتت على بعد سنوات قليلة من أن تكون عصب السوق المصرفي، حيث ستبتعد البنوك عن التواصل المباشر مع المتعاملين، لتقدم خدماتها إليهم عن طريق أطراف أخرى أكثر تغلغلاً في المجتمع، قد تكون (شركات اتصالات أو طيران، أو صرافة أو متاجر تجزئة أو شركات تطوير أو وسطاء عقاريين أو مستشفيات وعيادات).

ووفق مصرفيين يمكن أن تصل الخدمات المصرفية للمتعاملين من دون معرفة أنهم يحصلون على خدمة مصرفية، ومن دون معرفة البنك نهائياً، وهذا يسمى بـ«الخدمات المصرفية المدمجة» أو «الصيرفة المتغلغلة» التي تقوم على أساس تقديم الصيرفة كخدمة عن طريق طرف ثالث.

ونرى في السوق المحلي بعض أشكال التمويل المتغلغل أو المدمج، لكن ضمن نطاق محدود كخدمة (اشترِ الآن وادفع لاحقاً)، لكن الانتشار الواسع والتطبيق الفعلي سيكون خلال السنوات القريبة المقبلة، وبعد أن يصدر التشريع الخاص بـ«الصيرفة المفتوحة».

وفيما تسعى البنوك حول العالم إلى تقليص تكاليفها، فإنها ستعمد إلى توسيع الحلول الرقمية وتهيئة بِناها التحتية من أجل موائمة الخدمات المصرفية بشكلها الجديد، والبنوك الرقمية أو الكيانات الرقمية التابعة ستكون وسيلة البنوك التقليدية، ولا سيما أن تكاليفها التشغيلية لا تذكر مقارنة بالبنوك التقليدية التي تعتمد شبكات فروع، إذ تقترب كلفة جذب المتعامل الجديد على البنك التقليدي من 200 دولار (735 درهماً) في العموم، ولكن بالنسبة للبنوك الرقمية تصل الكلفة إلى 10 دولارات (36.8 درهم).


ويؤكد مصرفيون أن الإمارات ليست بعيدة عن النهج العالمي، خصوصاً من حيث الشكل الجديد للخدمات المصرفية.

وبحسب دراسة لـ«بين كابيتال فينتشرز»، فإن «الصيرفة المدمجة» ستنمو سنوياً بنحو 26% لتصل في عام 2030 إلى نحو 3.6 تريليون دولار (13.2 تريليون درهم) عالمياً.

«التقليدية» تراوح مكانها

وأفاد خبير الخدمات البنكية المدمجة في شركة فيناسترا، نور صبري، بأن مختلف الأسواق تنمو حول العالم، سواء حين نتحدث عن القطاع التكنولوجي أو الصحي أو غيره، لكن عند النظر إلى القطاع المصرفي التقليدي نراه يعاني ويراوح مكانه تقريباً، لافتاً إلى أن هذا السوق بات يزدحم بشكل مطرد باللاعبين الجدد من البنوك الرقمية وشركات التكنولوجيا المالية، وهذه المعادلة تنطبق على السوق الإماراتي.



وقال: «كلفة جذب كل متعامل جديد على البنك التقليدي تقترب من 200 دولار في العموم، ولكن بالنسبة للبنوك الرقمية تصل الكلفة إلى 10 دولارات».

وسطاء

وأضاف صبري أن «الطريق الوحيد أمام البنوك التقليدية للحفاظ على حصتها واستمرار نموها، هو الدخول في السباق الجديد من ناحية تقديم خدماتها بشكل مختلف تماماً إلى المتعاملين عن طريق ما يمكن أن نطلق عليه اسم «وسطاء»، لافتاً إلى أن هذا النوع من الوسطاء لا يعني أنه وسيط متخصص بتقديم الخدمة المالية البنكية، بل يقصد بهم أي مؤسسة أو شركة أو جهة تقدم خدمات للجمهور كشركات الطيران والاتصالات وشركات التأمين وحتى المولات والمتاجر».

وأوضح أن المتعامل في المستقبل القريب سيكون أكثر تعاملاً واندماجاً مع البنوك من السابق، لكن ليس بالضرورة أن يتعامل بشكل مباشر، حتى إنه قد لا يعرف البنك الذي يتعامل معه.

وصول الخدمة للمتعامل

وتابع صبري: «ستصل الخدمة إلى المتعامل (سواء كان فرداً أو مؤسسة) عن طريق شركة الطيران أو الاتصالات أو المطور العقاري، فعلى سبيل المثال المتعامل الذي يحجز تذكرة يمكن أن يحصل مباشرة على تمويل لثمن تلك التذكرة وتمويل لحجز الفندق، وكذلك يمكن لأي شركة يتم تزويدها بخدمات من شركة الاتصالات أن تحصل على تنسيق دفعاتها وتسويتها مباشرة عن طريقها وبتمويل أو أي ترتيب يكون وراءه بنك في الحقيقة، وكذلك يمكن للمطور العقاري الذي يتعامل مع العديد من المقاولين أن يمنح تمويلات صغيرة لهؤلاء المقاولين، لتمويل شراء مواد أو دفع رواتب أو غير ذلك ومن وراء شركة التطوير الكبرى سيكون البنك من دون أن يظهر في الواجهة».

وذكر أنه «على سبيل المثال يمكن أن يعمل التأمين بطريقة مدمجة مع أي منتج، بحيث يمكن أن يشتري متعامل أي منتج أو سلعة ويكون التأمين من أساس السلعة ومن دون أن يطلب أو حتى أن يبحث المتعامل عن التأمين بشكل منفرد، كما يمكن لأي متعامل شراء سلعة وتمويلها بشكل مباشر من دون التواصل مع البنك والحصول على قرض».

وبيّن «أن هذه المعادلة أو الأشكال السابقة يمكن أن تنطبق على أي نوع من الأعمال».

أجهزة صراف ذكية

وعن طبيعة الإيداع وسحب النقود في البنوك الرقمية، أشار إلى أن المسألة ممكنة من خلال أجهزة صراف آلي ذكية تفاعلية، ويمكن للبنوك الرقمية الاستثمار بشكل واسع بهذا النهج، لافتاً إلى أن الاستثمار في هذه الأنواع من الصرافات أكثر جدوى وفعالية من الاستثمار بالفروع.

وبيّن أن البنوك الرقمية متخصصة وفعالة بشكل أكبر في مجال خدمات الأفراد والتجزئة، وبالتالي قد يكون لها مصلحة في عقد الشراكات مع البنوك التقليدية من أجل تقديم العديد من الخدمات الأخرى كتمويل التجارة وخدمات التداول والتحويلات والاستثمار وإدارة السيولة، وفي هذه المعادلة مصلحة للطرفين.

وأشار إلى أن العديد من الدراسات تؤكد أن «الخدمات المصرفية المدمجة (BaaS)» ستكون أساس العمل المصرفي في المستقبل وأساس علاقة المتعامل بالبنوك، ومن دون أن يكون التعامل بشكل مباشر.

وقال «حجم سوق (الصيرفة كخدمة) في الوقت الراهن بحسب دراسة لـ(بين كابيتال فينتشرز) سينمو سنوياً 26%، ليصل في عام 2030 إلى نحو 3.6 تريليون دولار (13.2 تريليون درهم) عالمياً، أي ضعف القيمة السوقية لأكبر 30 بنكاً حول العالم حالياً».

شريك ثالث

من جانبه، أفاد المؤسس والرئيس التنفيذي لـ«بوابة ترابط» عبدالله المؤيد، بأن البنوك تقدم- إلى الآن- منتجات هي بطاقات ائتمان أو قروض أو غير ذلك، لكن ما تسمى بـ«الصيرفة كخدمة» تجعل المسألة مختلفة، بحيث يمكن لطرف ثالث أن يكون شريك البنك ويقدم منتجات بنكية مختلفة، ويمكن أن يكون الطرف الثالث من أي قطاع، كشركة صرافة أو شركة طيران أو شركة تأمين أو حتى شركة توصيل طعام.



وقال: «كل هذه الخدمات تتطلب في البداية وجود قانون للخدمات المصرفية المفتوحة».

وعن ضرورة وجود البنك الرقمي لتطوير النظام الجديد من الخدمات البنكية المدمجة «Embedded Finance» أو الصيرفة كخدمة banking as a service، أشار إلى أن المسألة لا تختلف إن كان البنك رقمياً أو تقليدياً، وإنما تعتمد على طبيعة البنية التحتية التي يعتمدها البنك، وما إذا كانت تلبي متطلبات الخدمات الجديدة، فإذا كان البنك التقليدي أو الذي يمتلك فروعاً على أرض الواقع يعتمد أنظمة وبِنى تحتية متطورة، فلا مشكلة في تبني الخدمات الجديدة.

وأكد أن كلفة جذب المتعاملين الجدد بالنسبة للبنوك الرقمية أقل بلا شك من البنوك التقليدية، إذ تأخذ المسألة في الحسبان كلفة الفروع والموظفين وغير ذلك.

انتظار التشريع المحلي

من جهته، قال مؤسس «فنتك بازار»، محمد رشدي، إن التشريع الخاص بالمصرفية المفتوحة، الذي يمثل عملية تعبيد الطريق أمام «الصيرفة كخدمة» لم يصدر بعد، لكن لا شك في أننا نرى بعض الأشكال من الخدمات المدمجة التي تقدم عن طريق أطراف ثالثة غير مصرفية، ومنها على سبيل المثال خدمات «اشترِ الآن وادفع لاحقاً».



وبيّن أن الـ«الخدمات المصرفية المدمجة» أوسع بالمفهوم من «الصيرفة كخدمة»، لكن الوصول إليها يتطلب أولاً اكتمال تبني «الصيرفة كخدمة».

وأشار إلى أنه ووفقاً للمبدأ الجديد سيكون المتعامل أقل تواصلاً مع المصرف حتى إنه قد لا يعرف المصرف الذي يتعامل معه، فما يهم المتعامل هو الحصول على الخدمة، فإن أراد شراء سلعة ويرغب في تمويل عملية السداد، فسيكون الأمر متاحاً من خلال البائع، وإن احتاج لعملية تجميلية أو جراحية، فسيكون قادراً على تمويل التكاليف عن طريق المستشفى أو العيادة، وإن أراد شراء تذكرة طيران يمكن له تمويلها وتمويل كلفة الحجز الفندقي وغير ذلك، عن طريق الناقلة أو شركة السياحة والسفر.

وعن كلفة الحصول على متعامل جديد أشار إلى أن الدراسات تشير إلى أنها تتخطى الـ200 دولار عالمياً بالنسبة للبنوك التقليدية، وتقل عن 10 دولارات بالنسبة للبنوك الرقمية.

وبيّن أن العديد من البنوك الرقمية حول العالم تعتمد مبدأ التسويق الشبكي، من خلال منح المتعاملين القائمين منافع مقابل إيصالهم إلى أي متعامل جديد.