الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

راشد العبار: «كوفيد-19» كشف ضرورة تعزيز الأمن الغذائي

كشف راشد العبار، عضو مجلس إدارة مجموعة بركات للخضار والفواكه، أن صناعة المواد الغذائية شهدت تطورات كبيرة، في الآونة الأخيرة، وخاصة في آخر سنتين، حيث شهد العالم انتشار وباء كورونا، إذ أثبتت الجائحة، أن أهم قطاعين في الحياة هما: القطاع الصحي، والقطاع الغذائي. لذلك اتجه العديد من المستثمرين للاستثمار في هذا القطاع، الذي شهد أيضاً دعماً كبيراً من الحكومات في مختلف دول العالم، وعلى وجه الخصوص في دولة الإمارات، التي هيأت كل الظروف والإمكانات لتأمين إمدادات الغذاء لكل قاطني الدولة.

وأوضح في حوار مع «الرؤية» أن الجائحة أكدت أهمية الأمن الغذائي للدول، وتوفير الغذاء للناس، خاصة في فترات الإغلاق التي شهدتها العديد من دول العالم، لذلك بدأ التوجه نحو التصنيع الغذائي محلياً، لصعوبة الاستيراد آنذاك، وتوقف سلاسل الإمداد، وأيضاً ارتفاع تكاليف الشحن بشكل كبير، لذلك فالمنتج المحلي له الأهمية الكبرى الآن، وخاصة في دولة الإمارات، التي قدمت مختلف سبل الدعم للقطاع بكل الوسائل والسبل الممكنة، ووفرت الأرضية المناسبة للمستثمرين للدخول إلى القطاع والاستثمار فيه.

المزارع المحلية

وأوضح أن التجار والمصنعين العاملين في القطاع يستوردون المنتجات الغذائية من مختلف أنحاء العالم، كون ذلك مرتبطاً بالمواسم، وبنوعية الإنتاج، وبالأصناف الغذائية، وأكد أن التوجه الحالي للحكومة وحتى للمصنعين المحليين هو نحو المزارع المحلية، وتقديم الدعم للمزارعين لتحسين إنتاجهم وتنويعه، خاصة أن الدولة تقدم لهم الدعم اللازم، سواء من ناحية توفير المواد الأولية، أو تسهيل الحصول على التكنولوجيا الزراعية، لإدخالها في عمليات الزراعة والإنتاج، أو تأمين التمويل اللازم للمزارعين، وغير ذلك من أدوات الدعم الضرورية التي يحتاج إليها المزارعون.

وأكد أنهم في شركة بركات، يسعون لتكون الحصة الأكبر من منتجاتهم معتمدة على إنتاج المزارع الإماراتية، خاصة أن هذه المنتجات ذات جودة عالية، تضاهي منتجات أفضل الأسواق الزراعية.

وأشار إلى أن التكنولوجيا الحديثة طورت كثيراً من أساليب الزراعة وتوفير المنتجات الزراعية والغذائية، وهذا عالمياً وليس فقط محلياً، وخاصة من ناحية عملية الري، التي وفرت الكثير من المياه وخفضت نسب الهدر إلى مستويات متدنية جداً، وتوفير درجات حرارة ملائمة لكل صنف زراعي، وأيضاً استخدام معدات خاصة لعملية جني المحاصيل وتخزينها وتعبئتها وتغليفها، وهذا ساعد المزارعين كثيراً وساعد أيضاً المصنعين، إذ خفض التكاليف بشكل ملحوظ، وأيضاً ساعد على خفض نسب هدر الغذاء بشكل كبير.

ارتفاع الأسعار عالمياً

وأرجع ارتفاع الأسعار في المواد الغذائية أخيراً، عالمياً، إلى المشكلات التي تواجه قطاع سلاسل الإمداد، وارتفاع أسعار عمليات الشحن، بشكل كبير، وقال إنها تضاعفت بنحو ثلاثة إلى أربعة أضعاف خلال العامين الماضيين فقط، موضحاً أن هذه الاضطرابات التي نتجت عن الجائحة، تسببت في وقف العديد من وسائل الشحن حول العالم، سواء البري أو الجوي والبحري، لذلك لا بد أن تتغير الأسعار وترتفع، وهذا بالنتيجة يؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المستهلك النهائي، الذي يعد أكبر المتضررين.

وأضاف، تشير التوقعات إلى أن هذه التحديات ستزول خلال العام الجاري، وبالتالي ستعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل الجائحة، وتنخفض الأسعار.

هدر الطعام

وأوضح أن مشكلة الهدر في الغذاء باتت اليوم أقل من السابق، نتيجة لوعي المستهلكين وتغيير عاداتهم الغذائية، وخاصة بعد أزمة كوفيد-19، التي أبرزت بشكل كبير أهمية الغذاء لمختلف الشعوب وفي كل أنحاء العالم، ولفت إلى دور شركة بركات في ذلك، إذ لا تتجاوز مدة صلاحية معظم منتجات الشركة الثلاثة أيام، ولذلك يحرص المستهلكون على شراء ما يناسبهم لهذه المدة فقط، وبالتالي لا يكون لديهم فائض لهدره أو إتلافه.

وأشار إلى المبادرات التي تقوم بها الشركة للتوعية والحد من هدر الطعام، بالتعاون مع العديد من الجهات الحكومية، مثل بلدية دبي، وأيضاً العمل على إعادة تدوير المنتجات التي تخلفها مصانع الشركة، لاستخدامها كأعلاف للحيوانات، أو كأسمدة.

وقال إنهم يتطلعون إلى التوسع في الدول المجاورة، ويشكل كل من سوقَي المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، أهم الوجهات الجديدة للشركة، موضحاً أنه خلال الأشهر الستة المقبلة ستكون شركة بركات حاضرة في السوقين، ولديهم مناقشات حالية لدخول هذين السوقين الواعدين.

المنافسة في الأسواق

وأشار إلى المنافسة الكبيرة في هذين السوقين، ولكن نتيجة الخبرة الكبيرة التي اكتسبتها بركات على مدار 40 عاماً، أصبحت قادرة على فرض نفسها في مجال تصنيع المواد الغذائية، لافتاً إلى وجود العديد من رجال الأعمال في البلدين الذين يتطلعون للشراكة مع بركات في هذا القطاع، مؤكداً أن تركيزهم فقط على التصنيع في الفترة الحالية، سواء العصائر، الشوربات، السلطات، والفواكه بأنواعها.

وقال إن توجه المستهلكين اليوم بات نحو المنتجات الغذائية الصحية العضوية «الطبيعية»، ما يسمى (الأورغانيك)، وذلك نتيجة الاهتمام بالصحة أكثر من أي وقت مضى.

وقال إن الشركة أطلقت منذ فترة قصيرة خط إنتاج جديداً يركز على المنتجات (الأورغانيك) أكثر، نتيجة الطلب عليها، وتقديمها بجودة عالية وصحية، وشهدت منتجاته إقبالاً كبيراً. والخطوة التالية للشركة العمل على إطلاق خط جديد للمقرمشات الصحية، ويتوقع له النجاح الكبير، خاصة أن هذه الأصناف من المواد الغذائية، جميعها مستوردة من الخارج، وقد حان الوقت ليكون لدينا منتجات محلية تنافس أكبر الأسماء العالمية في هذا المجال.

أطلقت حكومة دولة الإمارات عام 2018، الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، وتشرف على تنفيذها مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، وزيرة دولة المسؤولة عن ملف الأمن الغذائي المستقبلي، وتهدف الاستراتيجية إلى تطوير منظومة وطنية شاملة تقوم على أسس تمكين إنتاج الغذاء المستدام، وتحدد عناصر سلة الغذاء الوطنية، التي تتضمن 18 نوعاً رئيسياً، بناء على ثلاثة معايير رئيسية، هي: معرفة حجم الاستهلاك المحلي لأهم المنتجات والقدرة على الإنتاج والتصنيع واحتياجات التغذية.

الأولى عربياً

تشير إحصاءات وزارة الاقتصاد إلى تبوؤ دولة الإمارات، المرتبة الأولى عربياً في تجارة الأغذية والمشروبات، مستأثرة بحصة تزيد على 18% من إجمالي التجارة العربية من السلع الغذائية، كما تعد الإمارات أكبر مُصدِّر عربي في هذا القطاع، حيث تستأثر بأكثر من 26% من إجمالي صادرات الأغذية والمشروبات من المنطقة العربية إلى العالم.

وتشير التوقعات إلى وصول حجم الإنفاق على قطاع الأغذية والمشروبات في الإمارات إلى نحو 123 مليار درهم بنهاية 2020، بنمو 7%، مقارنة بـ2019، وفقاً لتقرير «جلفود للأغذية 2020»، فيما تحتل الإمارات المرتبة الأولى إقليمياً والرابعة عالمياً في بيئة الاستثمار في الأغذية والمشروبات، وفقاً لمؤشر «بيزنيس مونيتور إنترناشيونال» للمخاطر والمكاسب.

إحصاءات

يتجاوز حجم واردات وصادرات الإمارات من الأغذية والمشروبات سقف الـ90 مليار درهم سنوياً، وفقاً لإحصاءات وزارة الاقتصاد.

وأكدت الإحصاءات نمو تجارة الدولة من السلع الغذائية على مدى السنوات الخمس الماضية 2016 - 2020، بنسبة 21% وبلغ حجمها التراكمي 444 مليار درهم. وخلال عام 2020، وعلى الرغم من تداعيات جائحة «كوفيد-19» على التجارة العالمية عموماً وتجارة الأغذية والمشروبات على نحو خاص، حققت الدولة نمواً في صادراتها من الأغذية والمشروبات بنسبة 3% مقارنة بعام 2019. وفي النصف الأول من 2021، بلغت نسبة نمو تجارة الدولة من السلع الغذائية 9% مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.

ثالث أكبر قطاع

تشير إحصاءات وزارة الطاقة والصناعة، إلى أن قطاع صناعة الأغذية والمشروبات، يعد أحد أهم قطاعات الصناعات التحويلية في الدولة، وثالث أكبر قطاع من حيث عدد شركات التصنيع الوطنية بعدد 568 مصنعاً وطنياً مسجلاً لدى وزارة الطاقة، بحجم استثمار يبلغ 30% من إجمالي حجم الاستثمار في القطاع الصناعي بالدولة.

وتشير «غرفة دبي» إلى أن بيانات «يورومونيتر»، توقعت نمواً سنوياً مركباً يبلغ 5.2% لمبيعات منتجات الأغذية الطازجة في دولة الإمارات خلال الفترة من (2018-2023).