الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

عودة «التعاونيات» للمنافسة والتوسع إقليمياً رهن بالاندماج والتكتل

لا سبيل إلى عودة الجمعيات التعاونية إلى الواجهة -كما كان قبل 30 عاماً- والدخول في منافسة حقيقية مع أشهر العلامات التجارية في مجال التجزئة المتواجدة في الدولة، سوى بظهور اندماجات وتكتلات تعظّم من رأس المال، وتوفر السيولة المطلوبة، ليأتي بعدها دور الخطط التسويقية واستقطاب المتعاملين، ثم الانتشار إقليمياً، إن أرادت ذلك.

ومع بروز علامات تجارية متخصصة في تجارة التجزئة وانطلاقها من الإمارات إلى دول عدة إقليمياً، أصبح واضحاً للعيان حاجة التعاونيات إلى تطوير أدواتها من خلال تعزيز متاجرها الإلكترونية، وتكثيف وجود فروعها في كل إمارات الدولة، والاستعانة بكوادر بشرية قادرة على قيادتها تمتلك رؤية جديدة تقرأ احتياجات المستهلكين مسبقاً.

وحسب مختصين في قطاع التجزئة، فإن الجمعيات التعاونية لم تطور نفسها خلال العقود الماضية، رغم أن تاريخ إنشاء التعاونيات يعود إلى عام 1977، لا عن طريق وجود خطط تجاري احتياجات المستهلكين أو خطط للتوسع والاستحواذ على حصص سوقية في الأسواق المجاورة، موضحين أن الفرصة مهيئة لرواد الأعمال للدخول على الخط بأفكار إبداعية جديدة تنطلق من الإمارات، التي تمتلك بنية تحتية ومستوى معيشياً أعلى من كثير من دول العالم.

إلى ذلك، لفت تقرير حديث لوزارة الاقتصاد إلى أن التعاونيات في الدولة تسهم بأقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن المستهدف رفع مساهمتها إلى أكثر من 5% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، وتحديداً بحلول عام 2031.

التكتل هو الحل

وقال رئيس شركة «البحر للاستشارات»، المتخصص في شؤون تجارة التجزئة، إبراهيم البحر، إن ظهور تكتلات واندماجات في سوق قطاع التعاونيات خلال المرحلة المقبلة السبيل الوحيد لإنعاش التعاونيات ودخولها في خط المنافسة مع العلامات التجارية المتخصصة في مجال التجزئة، التي بدأت بعدها بعقود.

وأضاف أن التعاونيات بحاجة إلى تقوية وضعها في الداخل من خلال توفير سيولة أكبر ورأس مال وأصول جديدة، وهذا لا يتأتى إلا من خلال اندماجات مدروسة، ثم اختيار كفاءة وكوادر تستطيع سن خطط تسويقية مناسبة لإدارة الكيانات الجديدة.

وأشار البحر إلى أن ظهور علامات تجارية عالمية في مجال التجزئة وتوسعاتها انطلاقاً من الإمارات تعاظم خلال الأعوام الـ10 الماضية، إلا أن التعاونيات التي مر على بعضها نحو 44 عاماً لم تستطع أن تأخذ الخطوة نفسها، مضيفاً أن هناك علامات تجارية عالمية بدأت قبل 3 سنوات فقط وحققت انتشاراً أكبر من التعاونيات لأسباب عدة، أهمها أن التعاونيات لم تطور نفسها عن طريق دخول مجال البيع عبر الإنترنت بقوة، أو الاستعانة بالأفكار التسويقية الحديثة، أو تحقيق الانتشار والخطط التسويقية المطلوبة.

القدرة على المنافسة

من ناحيته، قال المتخصص في قطاع التجزئة الدكتور جمال السعيدي، إن ظهور تكتلات واندماجات جديدة بين الجمعيات التعاونية، لا سيما بعد قرار مجلس الوزراء بالسماح بتداول أسهم الجمعيات التعاونية في الأسواق المالية في الدولة، من شأنه خلق منظومة جديدة قادرة على المنافسة والاستحواذ على حصص سوقية أكبر، وفي الوقت نفسه قادرة على توسيع وجود التعاونيات إقليمياً وعالمياً انطلاقاً من الدولة، بشكل مماثل لتجارب مؤسسات تعاونية دولية.

وأضاف السعيدي أن الفرصة ما زالت سانحة أمام التعاونيات التي تمتلك أصولاً وحجم أعمال وتواجداً ميدانياً كبيراً في بناء تكتلات جديدة، بحيث يتم الاستعانة بكوادر بشرية تستطيع أن تحدث التطور المطلوب من خلال خطط تسويقية طموحة، إذ إن البنية التحتية في الدولة والقوة الشرائية للمستهلك يعتبران أساساً لنجاح التعاونيات في الفترة المقبلة.

وضرب السعيدي مثالاً على نجاح التجربة دولياً بـ«تعاونية إيس هاردوير» الأمريكية، التي تمتلك نحو 4600 متجر في 50 ولاية، وفي الوقت ذاته تنتشر فروعها في 70 دولة، وتزيد أرباحها على 5 مليارات دولار، مضيفاً: ما الذي ينقص التعاونيات المحلية لتأسيس هذا النموذج الناجح؟

تعزيز مساهمة القطاع

وحسب تقرير حديث لوزارة الاقتصاد، فإن الإمارات تستهدف تعزيز مساهمة القطاع التعاوني في الدولة ليكون أحد روافد الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن المستهدف تطوير قطاع اقتصادي تعاوني راسخ ومستدام يسهم في رفع حجم الناتج المحلي الإجمالي للدولة، ويتمتع بالقدرة على الاستجابة للاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، إضافة إلى أن تسهم التعاونيات في تحقيق مستهدفات الإمارات 2071 بإرساء دعائم اقتصاد أكثر تنوعاً ومرونة واستدامة، تقوده كفاءات وطنية، وأن يكون من الأفضل على مستوى العالم.

ووفق التقرير، يبلغ عدد الجمعيات التعاونية في الدولة 42 جمعية، منها 20 «استهلاكية»، و13 جمعية لصائدي الأسماك، و7 جمعيات في مجالات أخرى، فيما يوجد اتحادان تعاونيان أحدهما استهلاكي، والآخر للصيادين.

ويبلغ حجم أنشطة التعاونيات في الدولة 7.9 مليار درهم، ويعمل فيها 13 ألف موظف.

عدد الأعضاء

وقال تقرير وزارة الاقتصاد إن هناك اهتماماً بالتعاونيات حول العالم حيث يبلغ حجم نشاط أكبر 300 تعاونية حول العالم تريليوني دولار ويشترك فيها مليار عضو تعاوني، ضاربة المثال بسنغافورة التي يبلغ فيها الأعضاء في التعاونيات 1.4 مليون عضو، يمثلون نحو 25% من سكانها.

وتضاعفت أعداد المساهمين في التعاونيات في الدولة خلال الـ15 عاماً الماضية حيث وصل عدد المساهمين في عام 2008 إلى 45.3 ألف مساهم، ليرتفع إلى 68.2 ألف مساهم في عام 2013، ثم إلى 92.8 ألف مساهم في 2018، وصولاً إلى ما يقارب 95 ألفاً بنهاية عام 2019.

ويبلغ إجمالي عدد منافذ البيع والفروع التابعة للتعاونيات في الدولة نحو 250 منفذ بيع وفرعاً، في وقت وصل إجمالي رؤوس أموال (التعاونيات) إلى 3.1 مليار درهم، وصافي الأرباح في نهاية عام 2019 إلى أكثر من 940 مليون درهم.

وبين التقرير أن الوزارة تنفذ خططاً لتنمية القطاع التعاوني في دولة الإمارات منها نشر التوعية بأهداف ودور وأهمية التعاونيات، والتعريف بأفضل الممارسات العالمية في قطاع التعاونيات، والتشجيع على إنشاء تعاونيات تلبي الاحتياجات المتنامية لأفراد المجتمع، والتحفيز على تطوير أداء قطاع التعاونيات طبقاً لأحدث المعايير، وتفعيل المتابعة ورصد أداء وبيانات القطاع التعاوني في الدولة.