الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

هل اختفت الواسطة؟

هل اختفت الواسطة؟

علي الزوهري

علي الزوهري

في حديثٍ عابر مع أحد الأصدقاء، يقول لي إنه تقدم بمعاملة لجهة حكومية في إحدى الإمارات التي أصبحت رائدة في التعاملات الرقمية، وكعادة أي متعامل يسأل متى تنتهي المعاملة، وهل يتطلب تسريعها التواصل مع أي مسؤول؟ ابتسم الموظف ورد قائلاً: هذا كان في السابق، وليس اليوم، كل المعاملات لا تحتاج إلى تدخل بشري، لأنها تذهب من خلال مسار وآلية موحدة يتعرف عليه النظام من خلال جميع البيانات التقنية التي تم إنشاؤها مسبقاً للتعرف على صلاحية المعاملة ونواقصها، فإما يرفضها النظام لنواقصها، أو يوافق عليها بعد اكتمالها.

متى ما كانت الأنظمة الرقمية تعمل ضمن آلية صحيحة دون تدخل البشر ستتلاشى كل ما يعطل «سستمة» الإجراءات التي باتت تتحكم بمفاصل العمل والمعاملات، إن منهاج الإدارة الجديدة هو التوجه إلى تعطيل كل ما يلقب بالوساطة أو الواسطة، التي ما زالت تنخر في عمق الخشب، فإما أن تموت، أو ينتهي الخشب، ولا يوجد خيار آخر، ومن يحاربها هي الأدوات التي تطورها التكنولوجيا، وقوة الأنظمة التقنية والرقمية فقط. إن الوجه القبيح لهذا السلوك ساهم في تدمير المؤسسات لا سيما في بعض المجتمعات العربية التي باتت آثاره تنعكس على أرض الواقع من خلال فشل الأنظمة الحكومية وزيادة البطالة وهروب البشر للبحث عن الفرص ومن يحضن الخبرات والكفاءات العقلية، فكلما اتسعت هذه الفجوة ستساهم في تغيير سلوك المهنة وغياب المحاسبة من استغلال النفوذ ومحاربة الأفكار الجديدة التي تبحث عن صناعة مستقبل ناجح.

الجدير بالذكر أننا في دولة الإمارات حققنا معادلات ذات كفاءة عالية في تغيير هذا المفهوم بداية من الجانب الاجتماعي والاقتصادي والإداري وحتى التربوي، الكفاءة الإدارية التي وصلنا بها في محاربة هذا السلوك السلبي من خلال زراعة مفهوم الكفاءة الذاتية الناجحة التي تم بناؤها في مجتمع دولة الإمارات والبداية كانت من التعليم حتى حصول الشخص على هدفه الذي يطمح إليه، فعندما يتم وضع الأنظمة والبرامج الصحيحة التي تسعى لبناء الإنسان ستنتج قدرات ذات فاعلية، تنتج وتصنع وتبتكر ولا تبحث عن الواسطة، بل تبحث عن الإنجازات ولا تنتظر.