الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

القيادة الذاتية في تسلا ترفع الإنذار في أمريكا إلى «كارثة في انتظار الحدوث»

القيادة الذاتية في تسلا ترفع الإنذار في أمريكا إلى «كارثة في انتظار الحدوث»

تكررت حوادث الاصطدام التي تعرض لها سائقو سيارات تسلا المزودة بنظام القيادة ذات التوجيه الآلي، حتى بلغت 12 حادثاً في السنوات الأربع الماضية، ما أثار تساؤلات حول مدى سلامة هذه التكنولوجيا التي تعتبرها شركة السيارات الأكثر قيمة في العالم من جواهر التاج لديها.

وقد دفع هذا المشرعين الأمريكيين إلى التدقيق بشكل أكبر على السيارات ذاتية التوجيه أكثر من قبل. وفتحت الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة، التي تتمتع بسلطة فرض عمليات الاستدعاء، تحقيقين رسميين في العيوب قد يؤديان في النهاية إلى اضطرار شركة تسلا إلى تعديل السيارات وتقييد استخدام نظام القيادة الآلية في المواقف التي لا يزال يتعذر عليها التعامل معها بأمان.

إن فرض قيود صارمة على القيادة الذاتية يمكن أن يشوّه سمعة تسلا لدى المستهلكين، ويخيف المستثمرين الذين ساعد إيمانهم بحسن نية الشركة في جعل الرئيس التنفيذي إيلون ماسك أغنى شخص في العالم. كما قد يضر بالثقة في التكنولوجيا التي تنفق شركات السيارات والبرمجيات الأخرى المليارات لتطويرها على أمل الحد من الارتفاع المقلق في معدل الحوادث المرورية في الولايات المتحدة.

كما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوترات المستمرة منذ فترة طويلة بين واشنطن وتسلا. حيث سخر ماسك من الإدارة الوطنية للسلامة على الطرق السريعة ووصفها بالمضحكة بعد أن شعر بالاستياء من عدم رغبة الرئيس جو بايدن بالثناء على الشركة الرائدة في عالم السيارات.

ومؤخراً حظيت تسلا، التي من المقرر أن تعلن عن أرباحها في وقت لاحق من هذا الأسبوع، بهالةٍ من الحصانة. ورغم تعثر المنافس الأكبر بسبب النقص العالمي في الرقائق والاضطرابات الوبائية الأخرى، تمكنت تسلا من زيادة الإنتاج بشكل كبير.

وردّ روهان باتل، كبير مديري السياسة العامة وتطوير الأعمال في تسلا، في رسالة وجهها في مارس إلى المشرعين: «إن جعل سياراتنا أكثر أماناً هو من صلب ثقافة شركتنا ومن صميم ابتكارنا لتقنيات جديدة».

وقد اتخذت عدة إجراءات صارمة من قبل الإدارة الوطنية للسلامة على الطرق السريعة في أعقاب التماسات متكررة من المجلس الوطني لسلامة النقل، الهيئة المستقلة للتحقيق في الحوادث، لتشديد الرقابة على المركبات ذاتية القيادة. فاقترح المجلس الوطني لسلامة النقل، الذي لا يملك القدرة على إجبار شركات صناعة السيارات على اتباع توصياته، أن تتبنى تسلا ضمانات نظام القيادة الآلية التي اعتمدتها شركة جنرال موتورز وشركة فورد موتور لأنظمتهما. ولم تستجب تسلا لتوجيهات المجلس بل واصلت نهجها.

ووصفت رئيسة المجلس الوطني لسلامة النقل، جينيفر هومندي، في مقابلة معها، نشر تسلا للميزات التي تسوقها للقيادة الآلية والقيادة الذاتية الكاملة كتجارب ذكاء اصطناعي باستخدام مشغلين غير مدربين: «إنها كارثة على وشك الحدوث».

وقبل شهرين من وفاة سائق تسلا في فلوريدا عندما اصطدمت سيارة من طراز S الذي يعمل بنظام القيادة الآلية بمقطورة ذات 18 عجلة في مايو 2016، قالت الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة إن القوانين الحالية في البلاد لا تفرض الكثير من القيود على أنظمة مساعدة السائق. ثم صرح وزير النقل أنطوني فوكس بعد أسابيع من الحادث بإن الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة ستصدر إرشادات، بدلاً من القواعد. ولم يسن الكونغرس أي قوانين تتناول على وجه التحديد الإشراف على أتمتة المركبات.

ألمح ماسك إلى هذا التساهل التنظيمي في مارس عندما سئل متى سيتمكن الأوروبيون من اختبار القيادة الذاتية الكاملة، أو FSD، حيث إجاب: «في الولايات المتحدة، الأشياء قانونية افتراضياً، بينما في أوروبا، الأشياء غير قانونية افتراضياً».

وذكّرت الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة الجمهور مراراً أنه لا يمكن لأي مركبة متاحة تجارياً قيادة نفسها. وفتحت الوكالة 31 تحقيقا خاصاً في حوادث اصطدام ناجمة عن أنظمة مساعدة السائق، 24 منها تخص شركة تسلا. لكن الشركة تستمر في محاكاة نظام القيادة الذاتية بالكامل، وتتقاضى 12000 دولاراً مقابل ذلك.

وصرحت هايدي كينغ، نائبة ومدير الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة بالنيابة في عهد ترامب، في مقابلة: «أكره حقاً ما تفعله تسلا، وعادة إيلون ماسك في تقديم ادعاءات عامة كاذبة واستخدام منصته بطريقة تخلق مخاطر على السلامة».

ويشجع مسؤولو السلامة السابقون التدقيق المتزايد على القيادة الآلية، ويطالبون الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة بوضع سلطة الاستدعاء موضع التنفيذ والسعي للحصول على صلاحيات وموارد إضافية من الكونجرس من شأنها أن تسمح لها بتحديث معايير السلامة.

كما دعا اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ— إد ماركي وريتشارد بلومنتال — لجنة التجارة الفيدرالية إلى التحقيق فيما إذا كانت تسلا تسوّق للقيادة الآلية والقيادة الذاتية بشكل خادع. وأخبرت رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية لينا خان المشرعين في سبتمبر أنها لا تستطيع الكشف عن معلومات تتعلق بأي تحقيقات غير علنية.

وفي حال قررت الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة بناءً على تحقيقاتها وجود عيوب تتعلق بالقيادة الآلية، يمكنها أن تطالب تسلا بإجراء عمليات تنبيه للسائقين بأي شكل من الأشكال، لأن تسلا يسمح لها القانون باختيار كيفية الاستجابة لمثل هذا الأمر.

ويمكن أن تكون معالجة العيب أمراً بسيطاً، مثل إرسال تحديث عبر الإنترنت إلى سيارات تسلا بطريقة تشبه الطريقة التي تتلقى بها الهواتف الذكية تحديثات البرامج. وقد نفذت تسلا بالفعل العديد من عمليات التنبيه بهذه الطريقة. والحل الثاني أن تعمد تسلا إلى تركيب كاميرات خلف عجلة القيادة لمراقبة ما إذا كان السائقون ينتبهون أثناء استخدام أنظمتها، كما تفعل شركات صناعة السيارات الأخرى. أما الحل غير المرجح هو أن تختار تسلا استبدال المركبات بالكامل، أو استرداد المبالغ وهو حل مكلف أيضاً.

عندما حققت الإدارة الوطنية لسلامة المرور لأول مرة قبل أكثر من خمس سنوات فيما إذا كان القائد الآلي معيباً، وجدت أن سائق سيارة تسلا موديل S الذي اصطدم بمقطورة في فلوريدا تجاهل تحذيرات تسلا الواضحة. وفي تقرير يفيد بأنه لم يعثر على أي خلل، وأنها ستغلق التحقيق، قالت الإدارة إن تسلا قدمت البيانات التي أظهرت أن معدل تحطم سيارات تسلا انخفض بنسبة 40% تقريباً بعد تثبيت الموجه الآلي، وتلك ميزة القائد الآلي.

بعد عامين، أصدرت شركة تحليل بيانات تقريراً يشكك في هذه النتيجة. ورفعت دعوى قضائية ضد وزارة النقل للحصول على أرقام الأميال المقطوعة وعدد الأعطال التي درستها الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة، وادعت بأن تلك البيانات غير كاملة.

قال متحدث باسم الوكالة إن الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة لم تذكر أي ادعاء في تقريرها بخصوص فعالية التوجيه الذاتي، وأنها تفتقر إلى المعلومات الهامة للقيام بذلك.