الخميس - 10 أكتوبر 2024
الخميس - 10 أكتوبر 2024

شعراء يرفضون استدارج الجمهور بـ «رشى امسح واربح»

شعراء يرفضون استدارج الجمهور بـ «رشى امسح واربح»

علي العبدان

مروة السنهوري ـ الشارقة

تسري العروض التحفيزية وإغواءات الجوائز والسحوبات على الأنشطة الاقتصادية والتسويقية، ويُتصور استثمارها لجذب جمهور رياضي، لكن نخبوية الشعر، وطبيعة الإبداع الأدبي والثقافي عموماً، جعلت الأمسيات والأصبوحات والندوات الشعرية وغيرها، في منأى عن ذلك، قبل أن تقوم بعض المؤسسات الثقافية المحلية بتقديم جوائز و«هدايا» للجمهور بغرض جذبهم.

«هدايا» الحضور، أو ما وصفه البعض بـ «رشى» اعتبرها شعراء تسطيحاً للإبداع، وانتقاصاً من قامة الشعر، دون أن ينفوا حقيقة أن الوجهات ثقافية مطالبة بتجديد آلياتها، واختيار فعالياتها وضيوفها على نحو جاذب ومشوق للجمهور المستهدف.


ورأى شعراء وكتّاب، استطلعت «الرؤية» آراءهم، أن أساليب جذب الحضور بالمسابقات والسحوبات وجوائز «امسح واربح» تنتقص من قامة الشعر ومكانة الشعراء، واعتبروها رشى غير مقبولة للجمهور.


وأرجع شعراء إحجام الجمهور عن التظاهرات الثقافية إلى سوء اختيار الشعراء الذين تستضيفهم الأمسيات، إضافة إلى أن معظم الفعاليات الشعرية تركز على الشعر الفصيح، في الوقت الذي يفضّل فيه الجمهور الشعر الشعبي.

* سوء اختيار الشعراء

اعتبر مدير بيت الشعر في الشارقة، الشاعر محمد البريكي، سوء اختيار الشعراء الذين يدعون الكتابة سبباً رئيساً يدفع الجمهور إلى الإحجام عن حضور الأمسيات الثقافية، لذلك حرص «بيت الشعر» على تكثيف جهوده في هذا الصدد عبر الاختيار السليم بناء على معايير صارمة للشعراء المحنكين المتميزين في مجالهم، والقادرين على إضفاء تجربة نوعية على الأمسيات والفعاليات الثقافية.

وأكد أن بيت الشعر في الشارقة لم يتبع أي وسائل لإغراء الجمهور حتى يحضروا الأمسيات، واكتفى بتحسين معايير الاختيار الصحيح والسليم للشعراء والمثقفين.

* عزوف عن الفصحى

أما رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للفنون التشكيلية الشاعر الإماراتي علي العبدان فقال إن التفاعل الجماهيري مع الأمسيات الشعرية الشعبية أكثر من الفعاليات الشعرية الناطقة باللغة العربية الفصحى.

وأكد أن عوامل العزوف الجماهيري، خصوصاً الشباب، عديدة ومتداخلة لا ترى بالعين المجردة، وأبرزها أسلوب الإلقاء الضعيف والجاف، إذ يلجأ شعراء إلى «مسرحة الشعر» الاستعراضي، ما يتسبب بإحجام الناس عن حضور الفعالية.

كما أرجع عزوف الجمهور أيضاً إلى انتشار وسائل جذب أخرى خلاف التظاهرات الثقافية، منها السينما، التلفزيون، ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي بدورها أبعدت الجمهور عن التركيز على الأمسيات والفعاليات، فغاب الحضور النوعي.

* الحل في الدمج

رأى الشاعر الإماراتي علي العبدان أن الحل يكمن في مزج الأجناس الإبداعية مع بعضها البعض، كدمج الرسم التشكيلي مع النوتة الموسيقية أو الجمع بين الأمسيات الموسيقية والمعارض التشكيلية لجذب شريحة أكبر من الجمهور.

وأوضح أن أحد أهم خطط جمعية الإمارات للفنون التشكيلية الاستراتيجية الجديدة هي التسويق الإبداعي للمنتج الفني المحلي لجذب أكبر شريحة من الجمهور.

* الذهاب إلى الجمهور

مديرة منتدى الشاعرات في الشارقة مريم النقبي قالت إن المشكلة القديمة المتجددة هي «عزوف الجمهور» عن الفعاليات الثقافية ما زالت قائمة وتتفاقم يوماً بعد آخر، فعدد التظاهرات في تزايد مستمر وعدد الحضور في انحصار متواصل.

واستشهدت بمجموعة من الأمسيات التي نظمها المنتدى وأطلق خلالها سحوبات للمشاركين ليفوزوا بجوائز عينية، ولكن ليس الهدف هو الجوائز أو السحوبات بل لتحدي إحجام الناس عن المناشط الثقافية.

وذكرت النقبي أن منتدى شاعرات الشارقة فضل الذهاب إلى الجمهور في أماكنه ومواقعه لتنظيم الأمسيات داخل المراكز التجارية والمحافل العامة، مشيرة إلى أن هذا الحل يعد وسيلة فعالة بعد أن دلفنا مضمار التنافس مع وسائل التواصل الاجتماعي.

* تهميش المثقفين

الشاعر الإماراتي هزاع المنصوري أكد أن المكانة الاجتماعية للمثقف أو الشاعر تعاني من التهميش والإقصاء بشكل عام، كما أن ضعف الإقبال الجماهيري على الأمسيات والفعاليات الثقافية نتيجة طبيعية لهذا التحدي المؤرق.

وذكر أن ضعف الإقبال الشبابي على الفعاليات الثقافية عقبة حقيقية أمام القيمين على المؤسسات والجهات المعنية بالشأن الثقافي، وعلى الرغم من كثرة التظاهرات والمهرجانات فإن مشكلة ضعف الإقبال ما زالت قائمة.

وأرجع المنصوري سبب عزف الجمهور إلى ضعف مستوى الشخصيات الثقافية والشعرية التي تجري استضافتها في الأمسيات، إذ لا تسهم في إثراء تجربة الجمهور وتثقيفهم.

تطوير أدوات الشعراء

من جانبه، قال الشاعر والكاتب محمد البستكي إن الحل يكمن في دور المثقفين والشعراء أنفسهم الذين عليهم بذل جهد أكبر لتطوير أدواتهم، بما يسمح لهم بالوصول السريع إلى الجمهور، لأن الشعر يعتمد على مكونات جمالية واحترافية على الشعراء احترامها.

وأضاف «الجمهور العادي وحتى المثقفين لا يتفاعلون بالشكل المطلوب مع مثل هذه المناشط الثقافية المهمة مقارنة بالفعاليات الترفيهية، ولكن مع وجود إرادة صادقة وحقيقية لدى القيمين على التظاهرات الثقافية سيحدث حراك ثقافي شعري حقيقي وجاذب للجمهور».