السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

صدق وكذب

صدق وكذب
للصدق ضريبة لكنها قطعاً أقل من خسائر الكذب، فالصدق وقول الحقيقية له أبعاد أعمق مما تتصور، وكذلك الكذب، لأنك حين تقول ما حدث، أو ما تشعر به، كما هو فأنت متحرر من الخوف، أنت لا تخشى أحداً، ومستعد لتحمل نصيبك من المسؤولية، ولديك استعداد للتعويض، فالصدق شجاعة ونبل، بينما الكذب يعني أنك خائف، وترمي بالمسؤولية على عاتق آخر، ومشاكل الكذب لا تتوقف عندك، بل هي تتوسع وتصيبك ومن حولك بفوضى عارمة، وتكون في مرمى الشك والريبة، ولا يمكن أن تحترم دوافعك، بل على العكس، أنت تخاطر بالثقة، والتي بقدر ما يكون وجودها سبباً لمتانة العلاقة، وجمالها وعمقها، إلا أنها هشة حين تهتز، سرعان ما تنكسر، وتسحب معها أجمل المشاعر إلى الجحيم.

السؤال الآن، كيف تتغلب على خوفك من قول الحقيقة؟

تحتاج أولاً لأن تؤكد على الآخر احتفاظك بميزة الصدق كشفيع لك، وتبدي استعدادك التام لتحمل نصيبك من المسؤولية، سواء كنت تحمل مبرراً لما فعلته، أو كان لحماقة حدثت ذات تهور، الصدق غالباً يكون مصحوباً في أوله بصاعقة، لكنها غير مؤذية، وبعدها انفراج لا محالة، وتذكر أن مخاوفك في غالبها موجودة في عقلك فقط، وأن للكذب إحساس مزعج، وخوف دائم، لا يقطعه ويخرسه إلا الصدق.


جرب حرية الصدق، فإن الكذب عبودية، واعلم أنك تملك حق الصمت، ولست مجبراً على قول ما لا تريد قوله، بكل بساطة يمكنك أن تقول: لا.


لكن لا تزيف الحقيقة، ولا تكذب، فإنك في كل مرة تمارسه تغرق في بحر من الكذب، فكل كذبة تجر أخرى.

وأعظم الصدق، وأنبله، حين تكون صادقاً مع نفسك، لا تضللها، ولا تكابر، ولا تنكر ما تريده أمامها، بل أنت رحيم بها، وتحبها كما هي، وتحترم رغباتها، مهما بدت بسيطة، أو سطحية، تعترف بينك وبين نفسك بالخوف، والحاجة، ولا تقدم الآخرين عليها، بل هي أول أولوياتك، لأنك حين تفعل فإنها ستقودك للنعيم، وراحة البال وسعادة لا تنتهي.

فالصدق إنما يبدأ في أعماقك، وليس قبلها أو خارجها.

[email protected]