السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

لماذا يختبئ العلماء؟

حينما تم تكريم الراحل الفنان عمر الشريف، وكان قد بلغ من العمر مبلغه، تساءل في تصريحه أمام عدسات التلفزيون وفلاشات الكاميرا، إذا ما كان حقاً يستحق هذه الجائزة، وقال: «إنني أود أن يحصل على هذه الجائزة، باحث علمي، أو من قدم عقاراً طبياً إلى العالم، فهم من يستحقون الجائزة أكثر مني».

في ذلك الحين وأنا أتابع تماماً ما قاله الفنان العالمي، تساءلت: هل ما قاله عمر الشريف يعني أنه تجاوز مفهوم الجوائز وشهادات التقدير، أو لأنه لم ير في ما قدمه من أعمال ما يستحق الجائزة؟.

أعتقد أنني كنت مسؤولة عن سوء تقديري لما أشار إليه الراحل عمر الشريف، لأنني حينها لم أكن قد أصبت بأي نوع من الأمراض القاسية أو المريرة، لكي أدرك ما ألمح إليه الشريف حينذاك، حتى أعادتني ذاكرتي إلى ما كانت والدتي تفعله في كل مرة وهي تلتهم أدويتها، فقد كانت تشكر الله أولاً ثم تشكر من اخترع الدواء، ولا أزال حتى هذه اللحظة تعتريني تلك الدهشة البعيدة، فهذا المشهد كان يجعلني في ورطة نحو قدرة والدتي على حمل هذا الامتنان الكبير لمن أسهم في تخفيف آلامها، وهي المرأة التي لا تقرأ كتباً ولا تدون قصصاً، لكنها تحمل بصيرة ووعياً ذهنياً عميقاً.


العلماء يختبئون عنا، ولا يريدون أن يظهروا إلى العالم، لكنهم يتركون أعمالاً جليلة، الأدوية التي تملأ رفوف الصيدليات، تجعلني في كل مرة أتسلم بها دواء للزكام أو الصداع، أشعر بأنني أحمل معي عقلاً بشرياً قضى سنوات وساعات طوالاً لكي يقنع مع فريق عمله، إحدى الشركات المصنعة للعقارات لكي تنتج هذا العمل العبقري الذي يجعلني ويجعل الآخرين بخير، غير أني أختلف مع الفنان الراحل عمر الشريف، فالفنون التي تقدم لنا بشتَّى أشكالها وصورها تعتبر إبداعاً وثروة، إلى جانب أنها تقدم أيضاً نوعاً مختلفاً من العلاج إلى جانب الترفيه.