الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

فقدان اللحظة الراهنة

هل سبق أن دخلت غرفة نومك لتبحث عن مفتاح سيارتك، وغادرتها دون أن تأخذ شيئاً .. وبمجرد خروجك تذكرت المفتاح، فعدت لتبحث عنه من جديد؟!

هذا الموقف يتكرر في حياة بشر كثر، ويتجاوزونه دون أن يمنحوه حقه في التفكير.. الأمر الذي يجعلهم يقعون فيه مراراً وتكراراً، دون أن يستوعبوا الأسباب المؤدية إليه.

المشكلة باختصار أنك تكون فاقداً للحظة الراهنة حينها، وعالقاً في لحظة حدثت في الماضي، أو منشغلاً بلحظة تتوقع مجيئها في المستقبل.


قد يقول قائل: إنها مشكلة بسيطة للغاية، ولا تستحق الوقوف عندها .. وهنا أرد بإجابة بنفس بساطة السؤال، وأقول: أن المثال بسيط فعلاً، لكن المشكلة ليست بسيطة أبداً، بل ويعاني منها ملايين البشر.


فعندما يفقد الإنسان اللحظة الراهنة، فهو في الحقيقة يفقد الإحساس بالوقت، وبالمكان، ويعلق في مساحة ليست موجودة على أرض الواقع .. فيفقد حينها أجزاء كبيرة من السعادة.

تخيل معي أنك رجل أعمال، تدير مجموعة من الشركات، وتتراكم في رصيدك مئات الملايين، وعندما تسافر تحجز على أرقى الدرجات، وتقيم في أفخم المنتجعات .. لكنك عندما تستلقي على كرسي الشاطئ، تفقد الإحساس بنقاء الهواء، وزرقة السماء، وهدير الموج .. لأن عقلك يعمل بطاقته القصوى لإيجاد حلول لصفقات متعثرة، وموظفين مميزون يهددون بالاستقالة، وقروض تمويل تخشى ألا توافق البنوك عليها.

في هذه اللحظة ستتسرب السعادة منك، كما يتسرب الماء من بين أصابع اليد .. لأنك فقدت اللحظة الراهنة، ولم تتمسك بها كما ينبغي.